في أعقاب اغتيال مالكوم إكس في إحدى قاعات هارلم، صبيحة يوم شباط بارد عام 1965، تحول مناضل القوة السوداء والمدافع عن الحقوق المدنية إلى رمز غامض يتم تمجيده دون ان تتوضح أفكاره للجميع. إن حرف X الملازم لأسمه، قد اختير إشارة إلى أصله الإفريقي المجهول الذي يعود الى العبيد الذين تم نقلهم من أفريقيا إلى أميركا.
ويقول الكاتب مانينغ، الذي توفي قبل أيام من نشر كتابه هذا، إن الغموض الذي أحاط بمالكوم قد تبدد بعد نشر،"مالكوم- السيرة الذاتية"، والتي حرّرها وأعدها أليكس هيلي،"مؤلف جذور"، إذ حاول تحسين صورته وتقديمه للناس بشكل مقبول.أما مانينغ فيحاول في كتابه، إعادة بناء سيرة مالكوم للعثور على مالكوم"الحقيقي"، ويتتبع الكاتب حياة مالكوم من طفولته في أوماها- نبراسكا، الذي كانت بشرته فاتحة وغير داكنة جداً وحتى عرفه العالم، داعياً لحقوق السود المدنيّة والمتحدث باسمهم. وقد تركزت أبحاث الكاتب على معظم الوثائق الخاصة بمالكوم إكس.وهذه السيرة، تضخم بعض جوانب حياة مالكوم، وخاصة السنوات الأولى منها في نيويورك بوسطن، في حين انها تكاد تهمل جوانب أخرى مهمة منها، وخاصة تلك التي تتناول انخراطه في الحياة السياسية (الإفريقية الاتجاه والإسلامية) في الأعوام الأخيرة من حياته.ويعتبر الكتاب بمثابة الاقتراب من قضية الجنس في حياته ثم الموت. إن مارابل، يتطرق إلى الميول غير الطبيعية لدى مالكوم ثم إلى حادثة اغتياله التي لم يكشف النقاب عنها حتى اليوم أو خلفيّاتها. وهو حتى في تناوله تلك الأحداث لم يمنح القارئ معلومات جديدة لم تنشر حتى اليوم، إذ كتب عنها من قبل بروس باري في كتابه:"حياة الرجل الذي غيّر السود الأمريكيين والذي صدر في عام 1991، ونجد في هذه السيرة افتقاد مالكوم إلى الحياة الأسرية وعلاقاته مع زوجته، أو اهتماماته بأولاده.فقد اعترف إكس بذلك لإيليجيا محمد، الزعيم الإسلامي ومعلمه الديني. ولكن علينا ان لا ننسى أن النشاط السياسي لمالكوم، دفعه بالتأكيد للابتعاد عن أسرته، وإهماله لها.ويعتمد المؤلف في كتابه على معلومات جديدة استقاها من الـ(F B I )حول اغتيال مالكوم إكس. وقد أدين ثلاثة رجال ولكن اثنين منهما كانا حاضرين في موقع الجريمة. ويعزو المؤلف عملية الاغتيال إلى مؤامرة نظمت من قبل أعضاء شبكة"أمة الإسلام"، في جامع نيوجيرسي، وبعضهم ما يزال حياً. كما إنه يؤكد إن لويس فرقان، تابعه وتلميذه السابق، كان المستفيد الأول من مقتله. إذ تمكن فرقان من تولّي منصب مالكوم في التنظيم الإسلامي، قبل تسلمه قيادة التنظيم، بعد ذلك، إثر وفاة إيليجيا محمد.إعادة بناء علاقة مالكوم مع أفريقيا، قد يكون الوجهة الأكثر أهمية في سيرة الحياة الجديدة هذه. ويكتب المؤلف عن اهتمام مالكوم، منذ بادية عمله السياسي، بأنشطة سياسيين قدامى من أمثال فيليب راندولف، بايارد راستن وآدم كلايتون باول، وأعمالهم التي ابتعدت عن العنف، في الدعوة لتحقيق الحقوق المدنية للأفارقة- الأمريكيين. وازداد ذلك الإعجاب بعد قيامه بثلاث رحلات إلى أفريقيا، ناقش في خلال الكفاح ضد الاستعمار، وأرسى، ما بعد الاستعمار علاقات جيدة مع كوامي نيكروما وجمال عبد الناصر وأحمد سيكوتوري وجومو كينياتا وآخرين، كما انه في خلال رحلته الأخيرة الى القارة الإفريقية، حاول إقناع منظمة الوحدة الإفريقية على إقرار مذكرة تنص على ان السياسة العنصرية متشابهة في جنوب أفريقيا والولايات المتحدة الأميركية.وما لكوم ، كما يقول المؤلف، بعد قيامه بالحج لمكة وتجربته في المملكة العربية السعودية، بدأ الابتعاد تدريجياً عن شبكة،"أمة الإسلام"، ودعوتها لكراهية البيض: وعندما انفصل مالكوم عن إيلجيا محمد، بسبب علاقات الأخير المتعددة بالنساء، وأيضاً لاكتشافه ان نظام"أمة الإسلام"، لا فائدة منه في النضال الإفريقي- الأمريكي.إن تقارب أفكار مارتن لوثر كينك ومالكوم إكس في ما يخص الحقوق المدنية وعدم استخدام العنف، كان عاملاً لتوحيد لهجتيهما خاصة في الأعوام الأخيرة لحياتيهما.وعلى الرغم من ذلك فإن المؤلف يفضل السياسة التي اتبعها مالكوم: الانفتاح على القارة الإفريقية والعالم الإسلامي.ويعتبر توجه ذلك سياسة جريئة فتحت جسراً مهماً بين الأمريكيين وأكثر من مليون مسلم في العالم أجمع. عن/ الغارديان
إعادة قراءة حياة مالكوم إكس
نشر في: 16 مايو, 2011: 05:40 م