الكتاب: ذكريات قليلةالكاتب: جوزي ساراماغوترجمة: ابتسام عبد الله من بين الكتاب الذين نالوا في الأعوام الأخيرة جائزة النوبل للآداب، نجد ان ماريو فاراغاس يوسا، الوحيد الذي نقل الينا المتعة، كما فعل ذلك الروائي البرتغالي جوزي ساراماغو، ان روايته الأخيرة تقرأ كهلوسة مثيرة، وهي تنبض بالحياة بين أيدي القراء.توفي ساراماغو في الربيع الماضي (حزيران 2010) عن 87 سنة ، والكتاب الذي صدر أخيراً، مترجماً الى اللغة الانكليزية، من قبل مارغريت جول كوستا،
يتضمن آخر ما كتبه الراحل الكبير عن ذكريات مرحلة الصبا والشباب، وهذا الكتاب لا يضيف شيئاً إلى أعمال الكاتب الكبيرة، ولا يعكس صورة واضحة عنه، فهو غامض يثير الحيرة لدى القارئ الذي يجد نفسه في خضم ذكريات مضببة وغير واضحة.إن أفضل جزء من،"ذكريات قليلة"، هو ذلك الذي يتحدث فيه ساراماغو عن طفولته في قرية برتغالية صغيرة تدعى "أزينهاغا"، ثم يستطرد في ذكرياته عن لشبونة، مركزاً على أفراد عائلته.مع تقديمه مجموعة من الصور الفوتوغرافية لهم إضافة إلى تعليقاته على كل واحدة منها. فهناك على سبيل المثال، صورة للروائي الكبير يبدو فيها شاباً وسيماً، في حوالي الـ20 من عمره،ونظر ماكرة في عينيه، وقد كتب تحتها:"في تلك المرحلة، كانت لدي صديقة. بإمكانك معرفة ذلك من ملامح وجهي".وتحت صورة أخرى، يكتب ساراماغو واصفاً طريقة والدته تستخدم المقص لتتخلص بواسطته من صور الأشخاص غير المرغوب فيهم ضمن نطاق العائلة. ويكتب:"بالنسبة إليها، كأن نهاية الصداقة تعني تمزيقه الصور المرتبطة بهم".إن،" ذكريات قليلة"، عبارة عن تقطير للذكريات المهمة عن شباب ساراماغو، ومن بين وفاة شقيقه فرانيسيسكو، عندما كان في سن الرابعة.ويبدو إن الكتاب الكبير، كمن يعلق جراحه، متذكراً مشاعره وهو صغير، ومنها على سبيل المثال، منعه من ركوب الحصان، ويقول عن ذلك:" مازلت حتى الآن أعاني من تأثير سقطة عن حصان لم امتطيه في يوم من الأيام، ليس هناك من أثر واضح على جسدي ولكن روحي كانت تترنح طوال الـ70عاماً الأخيرة.إن،" ذكريات قليلة"، هي حصيلة تأملات رجل متقدم في السن، في عقود ثمانية مضت من حياته.وهو في ذلك قد لا يحكم بشكل صحيح، على ما يستعيد من تلك الأيام التي انقضت، وهو لذلك السبب، يستخدم مراراً عبارة،"أنا لا اخترع هذه الأمور"، وعندما يصف مشهد غروب رائع، يكتب،"كان حقاً كذلك وما أصفه ليس مجرد كلمات أدبية منمقة"، وهو بذلك يلقي الشك حول أمور هو واثق منها تمام الثقة، وهو بذلك يوحي لنا وكأنه الكاتب الكبير يطارد مجموعة من الأشباح.إن التفاصيل في ،"ذكريات قليلة"، والتي ترجمت إلى الانكليزية من البرتغالية، تدل على براعة المترجمة مارغريت جول كوستا، وهي غنية بالأحاسيس التي تضخ تلك الدقائق الغنية بالذكريات.ويذكرنا ساراماغو في كتابه، إن اسمه الأول كان بعد ولادته هو "دي سوسا"، وإن ساراماغو كان اسم التحبب ويعني بالبرتغالية"، "الفجل البرّي"، وقد تم تسجيله بذلك الاسم ن قبل كاتب البلدية السكيّر. وهو كان مثل الفلفل لاذعاً، حاد الطباع. وفي هذه الذكريات، نطلع على الأحاسيس الروائي الكبير تجاه الجنس الآخر، ونجد إن ستار من الأوهام والأخيلة متخلفة عن تلك التجارب الأولى التي خاضها في صباه مع الجنس الآخر، معترفاً، ومدركاً للمرة الأولى وجودها في الحياة، بعيداً عن أعين الوالدين. ويمكن تلخيص تلك الأحاسيس التي ترافق اللمس، وخفقان القلب. الإثارة والشهوة.ويكتب ساراماغو ملاحظة عن تلك المرحلة من حياته:"في الحقيقة ان قسوة الطفولة لا تعرف الحدود (وهو السبب في ان مرحلة البلوغ هي كذلك أيضاً).إن نبرة كتاب"ذكريات قليلة"، كئيبة ورثائية وكأنها كتبت من وحي عبارة قالتها له يوماً جدته:"إن العالم جميل جداً"، وذلك يجعلني حزينة، لمّا أفكر إن لا بد من الموت". عن/ النيويورك تايمز
من ذكريات ساراماغو
نشر في: 23 مايو, 2011: 06:01 م