اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > الكسندر بلوك.. آخر الشعراء الرومانسيين الروس

الكسندر بلوك.. آخر الشعراء الرومانسيين الروس

نشر في: 25 مايو, 2011: 05:43 م

د. نجوى فؤاد علياعتبر الأكاديمي دميتري ليخاتشيوف الباحث والمؤرخ الأدبي الكبير ان الشاعر الروسي الكسندر بلوك (1880 –1921) ينتمي الى الرعيل الأخير من شعراء روسيا الكبار، اما من جاء بعده من شعراء الحقبة السوفيتية فهم بعيدون عن تقاليد الشعر الروسي سواء من حيث الشكل والمضمون. ويقول كثير من النقاد في روسيا ان عبقرية بلوك تأتي في المرتبة الثانية بعد عبقرية بوشكين . وهما يحملان الاسم نفسه – الكسندر، وترك كلاهما أثرا عميقا في الأدب الروسي.
 وهو سليل أسرة من العلماء والمثقفين فقد كانت أمه ابنة اندريه بيكيتوف مدير جامعة بطرسبورغ،  أما ابوه فهو الكسندر لفوفيتش بلوك حقوقي من وارشو. لكن أمه افترقت عن زوجها فور ولادة ابنها واستقر بها المقام في بطرسبورج حيث تزوجت مرة أخرى من ضابط في سلاح الفرسان. وبدأ بلوك بنظم الشعر منذ الخامسة من العمر. وفي 1897 سافر مع أمه إلى ألمانيا وهناك التقى حبه الأول الذي ألهمه بصورة عميقة إبداعه الشعري طوال حياته.كان الكسندر بلوك وسيم المحيا ووصف بأنه" ابولو الروسي" بسبب ملامحه الإغريقية. وفي عام 1910 وزعت عشرات الآف الصور له في روسيا وقالت إحدى المعجبات به بأنه لا توجد فتاة متعلمة في روسيا لم تقع في غرام بلوك. وكان يتلقى يوميا عشرات الرسائل والقصائد من المعجبات به. واعتبرت كل واحدة منهن ان الشاعر كتب قصائده عن " المرأة المجهولة" و"السيدة الحسناء" عنها بالذات. لكن الشاعر كان منغلقا على نفسه وبعيدا عن الأوساط الاجتماعية. ولا يظهر الا في الحلقات الأدبية حين كان يلقي قصائده ذات السمات الغيبية والإيقاع الموسيقي فتؤثر في السامعين تأثير التنويم المغناطيسي. وقال عنه الكاتب والناقد كورنيه تشوكوفسكي " لقد كانت أشعار بلوك تؤثر فينا كتأثير القمر على المصابين بداء الروبصة (الهلوسة القمرية)". ووضعته الشاعرة آنا اخماتوفا في مصاف القديسين. وقال المسرحيون الذين كانوا يمثلون في مسرحياته " انه – ضميرنا". لكن بلوك عاش في عالمه الأدبي الهادئ بين الكتب منذ ان كان طالبا في كلية الآداب بجامعة بطرسبورج. وقال الكسندر بلوك :"يجب ان يكون العالم بالنسبة الى الكاتب عاريا ومتألقاً بلا خجل. فهكذا كان بالنسبة الى تولستوي ودوستويفسكي".في عام 1903 تزوج الكسندر بلوك من آنا منديلييفا ابنة العالم الكيميائي الشهير دميتري منديلييف صاحب الجدول الدوري للعناصر، والتي ألهمته نظم " قصائد الى السيدة الحسناء". وفي ما بعد حدث خصام بينه وبين الشاعر اندريه بيلي الذي كان معجباً بآنا وكتب عنها القصائد أيضاً. لكن علاقات بلوك مع زوجته بقيت صافية حتى النهاية، بالرغم من كثرة المعجبات بالشاعر في الأوساط الأدبية والفنية في بطرسبورج.ويعتقد كثير من النقاد ان بلوك يمثل تماماً" الروح الروسية" التي كتب عنها دوستويفسكي ولذا فهي مليئة بالتناقضات. وكان رغم مثاليته ونزعته الرومانسية يتحسس الواقع القائم ونبض الحياة في زمانه وتنبأ بأن روسيا تقف على مفترق الطريق قبل قيام ثورة عام 1905. وكان يعتبر الحياة تارة بأنها " ربيع دائم" وتارة بأنها "عالم رهيب"، يقف فيه كالفارس في العصور الغابرة السائر إلى المعركة وكتب يقول" إنني أعرفك أيتها الحياة..وأواجهك .. وأرحب بك برنين درعي". وتراه يقول في ما بعد :" أيتها الحياة كم أود ان أحيا بأعماق روحي". وكانت الطبيعة تبدو أمامه بصور عجيبة بشكل أبالسة وساحرات وحوريات.. أما الحب فيبدو له متجسدا في السيدة المجهولة.. الحسناء والمذهلة في آن واحد...فهي أما قديسة وأما غارقة في الإثم. وقال عنه الكاتب مكسيم غوركي:"إن بلوك  إنسان ذو إحساس عميق جدا ومدمر".وعندما بدأت الحرب العالمية الأولى التحق بلوك مع صديقه الشاعر نقولاي غوميليوف (الذي أعدمه البلاشفة لاحقا) متطوعا في الجيش. لكنه اعتبر قيام ثورة 1917 الاشتراكية بمثابة " عقاب" للشعب الروسي عن آثامه في العهود الماضية ودعا المثقفين الى " الاستماع إلى موسيقى الثورة". وحاول في البداية مواكبة مسيرة الثورة ، لكنه أصيب بالرعب من الدماء التي أريقت والخراب الذي أصاب البلاد. ونظم قصيدته "الاثنتي عشرة" في عام 1918 التي صور فيها جنود الثورة بأنهم " الرسل الجدد الاثناعشر". ووصف في هذه القصيدة واقع البلاد بعد الثورة حيث تسود الفوضى الثورية العارمة التي تجرف أمامها من وجه الأرض البشر وسمات العهد السابق. وأصابت بلوك خيبة أمل من نتائج الأحداث الثورية ، وقبيل وفاته طلب من زوجته ان تحرق جميع نسخ قصيدته " الاثنتي عشرة". وكتب مقالة بعنوان " الثورة – العاصفة" دعا فيها إلى" الهروب من الثورة الروسية"..و وصف الشاعر روسيا بقوله " روسيا لي .. حياتي .. وخطيبتي وزوجتي". وأصبحت روسيا الموضوع الرئيس لقصائده . وكتب إلى الفنان المسرحي قسطنطين ستانيسلافسكي يقول:"إنني أكرس حياتي عن قصد وبلا تردد إلى موضوع روسيا".وفي الأيام الأخيرة قبيل وفاته حدد الكسندر بلوك مصيره بقوله:" لقد التهمتنا أمنا روسيا .. الحقيرة ..كما تلتهم الخنزيرة وليدها".وفي هذه الفترة كف الشا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram