TOP

جريدة المدى > تقارير المدى > آثاريون:السياسة والمناخ يحولان أسد بابل إلى كومة حجارة

آثاريون:السياسة والمناخ يحولان أسد بابل إلى كومة حجارة

نشر في: 25 مايو, 2011: 08:26 م

 متابعة/ المدى يتوقع خبراء آثار أن يتحوّل أسد بابل في العراق، وهو معلم تاريخي مميز، إلى كومة من حجارة بلا تفاصيل، فيما يقف هذا الأسد اليوم عاجزًا أمام عوامل الاندثار البيئية والمياه الجوفية التي تعانيها مدينة بابل بشكل كارثي.ما زال أسد بابل، ماثلاً للعيان، وهو الأثر الأصلي الوحيد المتبقي بحجارته
 التي مضى عليها آلاف السنين، شاهدًا على حضارة سادت، ثم بادت.لكن هذا الأثر سيتحول بعد سنين إلى شاهد تاريخي من دون ملامح، فعوامل التعرية والتلوث البيئي تزحف على بنيته، لتختفي تفاصيل وجهه وجسده مع مرور الزمن، بفعل التآكل وأعراض الإجهاد.ويتوقع النحات رباح العلي أن يتحول الأسد المنتصب في العراء منذ خمسة آلاف سنة إلى كومة من حجارة بلا تفاصيل بعد ربع قرن.وأسد بابل، الذي نجا من محاولات السرقة مرات عدة، يقف عاجزًا أمام عوامل الاندثار البيئية والمياه الجوفية التي تعانيها مدينة بابل بشكل كارثي.ويسلط تقرير لموقع أيلاف الخبري الضوء على الموقع الأثري المهم في البلاد، وينقل عن خبير الآثار قيصر الجابري قوله أن أسد بابل سيؤول بمرور الزمن إلى صخرة تكسوها الأملاح، وتطفو تحتها المياه الجوفية، و"بفعل تلك العوامل فإننا نتوقع أن يتحول الكثير من المعالم البابلية إلى كومة من التراب خلال ربع قرن".  وحين عسكرت القوات الأميركية في الموقع الأثري بابل لم يفعل الأميركيون شيئًا لإنقاذه من علله، واكتفوا بالتقاط الصور التذكارية أمام الأسد. وحتى مشروعهم، الذي وعدوا بتنفيذه ورصدوا له مبلغ مليون دولار تقريبًا، لم ير النور لسببين، الأول صراع الإرادات السياسية في المحافظة وبغداد، والثاني المياه الجوفية، التي تقف عائقًا أمام أي مشروع ترميم قبل أن يتم إيجاد طريقة لإبعادها عن المدينة. وفي عهد النظام السابق، زار خبراء آثار الموقع، ووضعوا خطة خاصة للحفاظ على الأسد من السرقة وعوامل التعرية، وكان هناك مشروع لوضعه داخل بيت من الزجاج لتقليل تأثير العوامل البيئية على بنيته، لكن المشروع لم ير النور بسبب الحرب في العام 2003.ولم تحصل عمليات ترميم علمية وشاملة لآثار بابل، وكل ما فعلته المشاريع هو إعادة بناء جدران وسقوف فوق الأساسات الأصلية، وفي زمن صدام حسين، أطلقت عملية إحياء آثار بابل، لكنها كانت عمليات تجميلية، شوّهت وجه المدينة لأن الجدران الحديثة شيدت فوق الأساسات الأصلية، وصاحب ذلك أجندة سياسية ودعائية منها حفر اسم صدام حسين في الأساسات.يمكنك أن تلمح التأثيرات القاسية للبيئة في جدران مدينة بابل، التي جدد معظمها في الثمانينيات والتسعينيات، وتحول الكثير من أساسات القلاع والمعابد والممرات الى كتل تآكلت أحجارها الجيرية بسبب التفاعل بين هذه الأحجار وبين غاز ثاني أكسيد الكبريت وحامض الكبريتيك.ورغم أن التلوث الناجم بسبب الكبريت والحوامض يقلّ في العراق قياسًا إلى الدول الصناعية، إلا أن تأثيرات عوادم السيارات والأمطار الملوثة تولد طبقة من الحجر الهشّ فوق الجدران الخارجية للمباني الأثرية. ويتوقع مدرس التاريخ المولع بالآثار حميد القيسي أن يصبح أسد بابل من دون آذان وأنف وعيون بمرور الزمن إذا ما استمر تأثير عوامل التعرية.ومما يثير الغرابة أن هذا الأسد الجاثم، ظلّ من دون رعاية طوال عقود، ويستطيع أي زائر أن يصعد على ظهره ورأسه لالتقاط الصور من دون أن يمنعه أحد. يقول القيسي "لك أن تتصور التأثيرات الميكانيكية المضرّة على ذلك".وكانت محاولات لسرقة أجزاء من الأسد قد باءت بالفشل، ونجحت إحدى المحاولات من اقتطاع جزء من وجهه. ويمكن تصور تأثيرات التعرية على آثار بابل حين تتمعن في التلال والبنايات التاريخية وقد تحولت إلى أشكال متنافرة يختلط فيها الغبار بالحجارة والطين.وتقلل عوامل التلوث البيئي من دون شك من عمر تلك المعالم التاريخية، ويمكن للمرء مشاهدة تأثير الأكاسيد الكبريتية والكربونية والنيتروجينية بوضوح على بقايا أقدم مدينة في العالم. وفي حوار مع ليث الهيتي، وهو أحد زوار مدينة بابل، ويعمل مدرسًا للرسم، وله ولع بالآثار والمواقع التاريخية، يقول إن تحلل جدران المعابد والممرات بسبب التلوث سيفضي الى كارثة بيئية. وأضاف: "لا بد من معالجة علمية لوقف اندثار وتآكل هذه الصروح، التي لن تعمّر طويلاً، إذا ما استمر الأمر على هذا المنوال".وأثرت العوامل البيئية وتلوث الهواء وعوامل التعرية على الزخارف التي هي بشكل وحوش وثيران، وبدأت تفقد ألوانها وملامحها.وحين تتلمس بيدك أحد الرسوم يغور إصبعك إلى العمق بسبب الفجوات التي أحدثها التآكل والتقادم الزمني. وبالفعل فقد غابت الصور الجدارية والزخارف البابلية لتتحول المدينة إلى أكوام من جدران وحجارة.ومع تحسن الاهتمام بالمرافق الحيوية لمدينة بابل، تتلمس بعض التطورات التي تسر الناظر من حراسة أمنية ونظافة، لاسيما في السنوات الثلاث الأخيرة. لكن الطريق لا يزال طويلاً للنهوض بخطة متكاملة للحفاظ على المدينة من تأثيرات البيئة والتلوث.وأثرت السحب السوداء من معامل الطابوق المجاورة ودخان عوادم السيارات، إضافة إلى الإمطار الحمضية بعد ما غطت السحب الدخانية وسط وجنوب العراق إبان حرق آبار النفط خلال غزو نظام صدام للكويت على الكثير من م

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

متابعة/المدىرأت منظمة "كير" الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، إن التغير المناخي في العراق أصبح عائقاً أمام عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.وبحسب دراسة أجرتها منظمة كير الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، فبعد ان كانت المعارك والاوضاع الأمنية في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram