عن: أفكار عن العراقكان الفساد واحدا من أهم القضايا الملحة في العراق خلال السنوات الماضية.كشف احد المسوحات مؤخرا أن 27.8 % من العرب و37.9 % من الكرد يجدون أن الفساد هو من اكبر المشاكل التي تواجه البلاد.في كانون الثاني 2011 و خلال لقاء المرجع الديني آية الله السيد علي السيستاني مع الرئيس جلال طالباني، استنكر سماحته تأثيرات الفساد المتفشية في البلاد. كما أن الفساد كان من الشكاوى الرئيسية التي طالب المحتجون في العراق بالقضاء عليها.
مؤخرا قال رئيس هيئة النزاهة –وهي إحدى الهيئات الأساسية لمحاربة الفساد في العراق– إن القيادة السياسية في البلاد لا تلزم نفسها بمحاربة هذه الآفة.واخبر رئيس الهيئة، القاضي رحيم العكيلي، المفتش العام الاميركي المسؤول عن إعادة إعمار العراق بان الهيئة تواجه معوقات خلال التحقيقات عن الفساد. وقدّم قائمة طويلة من المعوقات التي يواجهها هو والآخرون، من بينها: مسؤولون لهم ارتباطات سياسية لا حدود لها، الافتقار للشفافية بين الوزراء وكبار المسؤولين، الضغوط السياسية لإيقاف التحقيقات المتعلقة بمسؤولين كبار في الدولة، القضاة والمفتشون العامون في الوزارات الذين يخشون التعامل مع هذه القضايا بسبب العواقب المحتملة، كذلك هناك المادة 136 ب من القانون الجزائي التي تسمح للوزراء بغلق أية تحقيقات، والكادر غير الكفوء داخل الهيئة نفسها، والافتقار للإرادة السياسية.يقول العكيلي نتيجة لهذه المصاعب فانه لم يتمكن من التعامل إلا مع المسؤولين الصغار وقضايا الفساد البسيطة. حاليا، يحاول البرلمان إلغاء المادة 136 ب. وفي محاولتين سابقتين صوّت البرلمان على التخلص من هذه المادة لكنه لم يتوصل إلى نتيجة بسبب عدم اكتمال الإجراءات اللازمة. هناك مقترح من الحكومة لوقف المحاولة الأخيرة للبرلمان.في الجانب الايجابي، وعدت هيئة النزاهة بإجراء سلسلة من التحقيقات في الفساد الحكومي. ففي آذار 2011 ذكرت الهيئة بان أكثر الوزارات فسادا هي الصحة والتجارة والدفاع والشباب إضافة إلى أمانة بغداد، وان جميع هذه القضايا سيتم النظر فيها. حاليا تحقق الهيئة بشأن الأجهزة الوهمية لكشف المتفجرات التي اشترتها وزارة الداخلية. كان من الممكن شراء هذه الأجهزة بسعر 18,500 دولار للجهاز الواحد، لكن العراق دفع مبلغ 60,000 دولار مقابل الجهاز الواحد. ثم تبين أن الأجهزة لا تعمل، فاستخدم وزير الداخلية السابق جواد البولاني المادة 136 ب عام 2010 لغلق التحقيق، كما تم اعتقال المدير العام لقسم المتفجرات في الوزارة إلا أن هيئة النزاهة أطلقت سراحه فيما بعد. ولعدم اقتناع اللجنة البرلمانية بذلك فقد قامت بإعادة فتح التحقيق. تقوم الهيئة أيضا بالتحقيق في استخدام الوثائق المزورة من قبل آلاف العاملين في دوائر الحكومة، وعن مشروع إسكان مدينة الصدر في بغداد الذي تم تخصيص مبلغ 200 مليون دولار لأجله، وعن شراء طائرات وغيرها من التجهيزات العسكرية، وعن الاختلاس في بيع أراضي في العاصمة. لا زال غير واضح ما إذا كان البرلمان قادرا على العمل بشكل أفضل من هيئة النزاهة في مقاضاة الأخطاء التي يكتشفها. الفساد في العراق له تأثيرات واسعة، وقد كلّف البلاد مليارات الدولارات وتسبّب في تأخير مشاريع إعادة الإعمار وعرقلة تطوير القطاع الخاص وتقويض ثقة الشعب بالسلطات الحاكمة، حيث أن النخبة السياسية تواجه هذه القضايا بالكلام فقط دون اتخاذ الإجراءات المناسبة. أما وراء الكواليس، فان هذه النخبة تعمل بنشاط وهمة للقضاء على كل ما يمسها أو يمس أتباعها في دوائر الحكومة. قال القاضي العكيلي إن الافتقار للإرادة السياسية هو الذي يضر بعمله أكثر من أي شيء آخر. وحتى يتغير ذلك، فان ممارسات الاختلاس والاحتيال ستبقى متفشية في العراق.ودعا أعضاء في مجلس النواب إلى تفعيل العقوبات الصارمة تجاه الفاسدين في حكومة المالكي وعدم التهاون بشأن ذلك، مؤكدين أن الفساد أصبح أمرا طبيعيا في المؤسسات الحكومية ولا يقتصر على فئة معينة بل زاد وتمدد إلى درجة لا يمكن السيطرة عليه.عضو القائمة العراقية ندى الجبوري طالبت بتفعيل ملفات الفساد عبر هيئة النزاهة وقالت: "إنها تطالب بفتح ملفات الفساد الإداري والمالي الكثيرة عبر آليات عمل مجلس النواب من خلال طرح مساءلات النواب أنفسهم للجهات المعنية بهذه الملفات". وأضافت: "لكن كل ذلك ليس بالمستوى المطلوب وليست طريقة ناجحة لمكافحة حجم الفساد الموجود فهناك فساد كبير وأيضا تستر على الفساد وقد أدت المحاصصة الحزبية دورا في التستر على ملفات الشخصيات التي هربت أموالا إلى خارج العراق وكيف سيتم فتح ملفاتهم مجددا".وتؤكد الجبوري "لا اعتقد أن مجلس النواب الحالي يستطيع فتح هكذا ملفات والسبب أن حكومة الشراكة الوطنية التي جاءت من كل الأحزاب تسيطر عليها الترضيات في ما بين الأحزاب حتى لا ينفتح أي باب لها".وتابعت"أن عدم وجود معارضة سياسية حقيقية داخل مجلس النواب وديمومة حكومة من أغلبية سياسية فأعتقد ان المعارضة ستؤدي هذا الدور بشكل نشط وبالتالي لا اعتقد في هكذا توليفة سياسية وبهكذا مناخ سياسي ستنفتح هذه الملفات".واعتبر النائب حسن المرعبي "أن السبب الرئيس للفساد هو العملية السياسية التي بنيت على أساس المحاصصة المقيتة". وأوضح المرعبي: "إن كثرة ملفات الفساد في العراق منشؤها واضح ومع
هيئة النزاهة: ضغوط سياسية توقف التحقيق مع الكبار والقضاة يخشون العواقب
نشر في: 25 مايو, 2011: 08:48 م