اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > قضية .. لماذا نسينا بيت جـبـرا إبـراهـيــم جـبـرا

قضية .. لماذا نسينا بيت جـبـرا إبـراهـيــم جـبـرا

نشر في: 30 مايو, 2011: 05:39 م

علي حسين ذكرت الأنباء إن أمانة بغداد قرّرت استملاك دار الجواهري إضافة إلى دار تعود لعائلة المصممة المعمارية الشهيرة زهاء حديد "لأنهما موروث حضاري ووطني يحكي قصة شخصيتين عراقيتين رفعتا اسم العراق عالياً وسط شعوب وأمم العالم وتحمَّلا ألم الغربة عقوداً طويلة".
الخبر يدفعنا للتساؤل لماذا تم استثناء بيت جبرا إبراهيم جبرا الذي تعرض قبل عام الى عمل ارهابي أدى إلى ضياع موروث ثقافي وحضاري يرتبط بأذهان جيل كامل من المثقفين، بيت جبرا الذي ظل لعقود منتدى ثقافياً يلتقي فيه نخبة من المثقفين والفنانين أصبح اليوم مجرد اطلال، بل ان الأخبار تقول ان البيت سيتحول الى بناية تجارية.يحدثا  جبرا  عن علاقته بالبيت  في كل لمحة من كتابه (شارع الأميرات).((اخترت عام 1956 ان أشتري أرضاً لكي أبني فيها بيتا على قدر حاجتي العائلية. لكني وجدت في ما بعد ان بيوتا متباعدة اخذت تنهض على جانبيه بسرعة وأشجار النخيل المتساوقة في خطين طويلين قد نمت واكتملت على حافتي الرصيف العريضتين. لقد رسم المعمار قحطان عوني أول تخطيط لداري.. ثم قدم لي الصديق رفعت الجادرجي تخطيطاً آخر لكني آثرت في النهاية ان استفيد من التخطيطين ليكون منزلا لي ولزوجتي لميعة ولطفليّ الصغيرين على قدر طاقتي المادية)).علاقة خاصة وحميمية ربطت بين جبرا  وبين الشارع الذي بني به البيت:((قامت علاقة حب عميق  بيني وبين شارع الأميرات في حي المنصور  مازلت أتمتع بنبضها وإيحاءاتها.كان من السهل ان أتعرف بهذا الشارع المتميز بين شوارع بغداد كلها، فقد كان الشارع الموازي عن قرب للشارع الذي اخترت عام 1956 ان أشتري فيه أرضا ضمن مشروع سكني وبأقساط ما انتهيت من دفعها إلا بعد واحد وعشرين عاما  لكي أبني فيها بيتا على قدر حاجتي العائلية يومئذ، وكان الاستاذ علي مال الله رئيس شركة أراضي المنصور صديقا حميما وهو الذي نصحني بابتياع تلك الأرض ولم تكن يوما إلا رسماً صغيراً على خارطة كبيرة  اذ كانت في الأصل جزءاً من بستان فسيح تحول إلى منطقة سكنية عصرية  محكمة التخطيط.لأسباب مادية صرفة لم استطع اكمال بناء دارنا إلا بعد مرور ست سنوات، ورغم انني كنت اول من اشترى أرضاً في هذا الشارع ايام كان مرصوفا رصفا بدائيا وتنتشر فيه الصرائف وتسرح فيه الأبقار والأغنام، فإنني وجدت ان بيوتا متباعدة أخذت تنهض على جانبيه بسرعة، وما ان تحولنا الى دارنا أخيراً في أيلول 1965، إلا وكان للشارع  شخصيته المتميزة ولاسيما إنني يومئذ آثرت ان اجعل رصيف الدار مزروعة بالثيل واشجار الصنوبر، وإذا بالجيران يقتلعون الاسمنت ويزرعون الأرصفة بالثيل والاوراد، وكانت تلك بداية النهج الذي اتبعه  بعد ذلك كل من بنى في حي المنصور في جعل الرصيف جزءا متصلا بالحديقة الأمامية.)). ان ذاكرة المكان عند جبرا منذ صباه (وهو يحكي عن القدس وبيت لحم) ثم دراسته في انجلترا تشكل نواة اهتماماته المعمارية ..وعلاقاته بالمكان ابتداء من بيت لميعة العسكري ..حتى منزله الذي صممه قحطان عوني .. وغرفته في شارع الرشيد وبيت اغاثا كريستي على دجله وغرفتها الطينية عند آثار نمرود ومقاهي بغداد: البرازيلية والسويسري والبرلمان ومكتبات مكنزي وكورونيت حتى تشكيلات شارع الأميرات وأرصفته وحدائقه  ومنعطفاته .((أخذت لميعة تدعونا بين الحين والحين الى منزلها لتناول الشاي .... والمنزل جديد لم يمر على بنائه عام واحد وأعجبت بتصميمه الحديث على غير ما اعتاده البغداديون حتى تلك الآونة في بيوتهم التقليدية، فقد وضع تصميمه المهندس حازم نامق الذي تخرج من جامعة ويلز وهو من أصحاب مدرسة معمارية صغيرة في العراق عرفت بتخطيط مبان للدولة تتميز بالجرأة في الرؤية والتصميم)) .. ومنذ تلك اللحظة سيعتني جبرا برفقة رهط من المعماريين والفنانين التشكيليين ليشكلوا نواة فكر وحداثة وجدل جديد في العراق . لقد كان صديقا لبلند الحيدري ويلتقي حسين مردان في تمرداته ويرافق حافظ الدروبي في مرسمه ويشكل مع جواد سليم جماعة بغداد للفن الحديث بحيث تتاح لجواد افكار ولغة مختلفة في عرض خطاب الحداثة ..وهو البيان الذي ألقاه جواد في افتتاح المعرض، وكان كما اشار الفنان شاكر حسن آل سعيد من وضع جبرا ذاته كما يتسع له الوقت لرفقة عدنان رؤوف وحلمي سمارة وخالد الرحال ودزدموند ستيوارت( الذي سيصبح في ما بعد اديبا لامعا وباحثا بريطانيا بشأن حضارات وادي الرافدين) ونجيب المانع ويوسف عبد المسيح ثروت وعبد الملك نوري وزهدي جار الله ونزار سليم وغيرهم كثيرون، وهم يمثلون نخبة من شباب بغداد الخمسينات الذين يأسرهم هاجس التجديد وتوجهات الحداثة وتيارات الوجودية والفكر.***كثيرا ما يفاجأ جبرا بسؤال زوار بيته وهم ينظرون إلى المكتبة التي انتشرت على الحيطان لتأخذ حيزا كبيرا من البيت: هل قرأت كل هذه الكتب؟، وستكون إجابته التي تعود ان يقولها وهو يبتسم , لقد اطلعت عليها كلها .. لم يكن الكتاب بالنسبة لجبرا سوى ضرب من العشق وهو يحفظ مقولة فرنسيس بيكون الشهيرة( بعض الكتب وجد لكيما يذاق، وبعضها لكيما يبتلع، والبعض القليل لكيما يمضغ ويهضم).يتذكر جبرا ما

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram