اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > المتاهة الرقمية والفعل الإبداعي..فن جديد لزمن جديد

المتاهة الرقمية والفعل الإبداعي..فن جديد لزمن جديد

نشر في: 31 مايو, 2011: 05:13 م

علي النجارهل نحن بعض من نتاج تقنية تكنولوجية. أم أن التقنية هي التي تنتجنا. ربما حين تكتمل التقنية المعلوماتية البرمجية للروبوت وبأعلى مستوياته الفائقة، تتحقق نبوءة الخلق الروبوتي ونصبح نحن البشر من مكملاتها. مع ذلك ولحد الآن فإننا نشعر بأننا كائنات تقنية بنسبة ما. وان اختلفت آراؤنا النقدية في التقنية المقارنة ما بين عدم الرغبة بتجاوز مستويات معينة في الاداءات التقليدية الفنية وما بين استخدامها المفرط والمتجدد في الاداءات المعلوماتية البرمجية ووسائطها الرقمية،
إلى الحد الذي افتقدنا فيه مألوفة المشهدية الفنية الحديثة بتقنياتها اليدوية المفرطة وبحساسية ملمسها. وبتنا نعوم وسط حواضن صناعية خلقت حساسية جديدة إن لم نقل(نحن الذين من جيل أقدم) بأنها غرائبية. لكنها لا تخلو من وازع اقتصادي عولمي هو بالأساس المحرك الرئيسي لكل مفاصلها، وبات الفن بشكل عام يتلمس طريقه عبر متاهة المجال التواصلي وتكنولوجياه الرقمية ومسابرها أو مساربها الطيفية. منذ عام 1968 والفنان الأمريكي جونالد جود ينتج منحوتاته. هو ينتجها، لا يصنعها. فالصنعة وحسب نظرته من اختصاص التقنيين ، ما يفعله الفنان(جود) لا يتعدى عمل مقاول الإنشاءات. فأعماله (الفنية) منحوتاته لا تتعدى كونها مجسمات هندسية معدنية أو خشبية أو أية مادة قابلة للتشكل التجسيمي الهندسي كمتوازي مستطيلات أو مكعب أو اسطوانة متقنة الصنع وحتى في مظهرها الخارجي الصارم بسطوحه المعاملة ميكانيكيا بما يناسب جلاء  أو وضوح ملمس أو لون مادتها الأصلية.  جود لا يتعدى دوره الإشراف على تنفيذ أعماله من قبل صناعها التقنيين وحسب مخططاته التصميمية. أشكاله(مجسماته) لا تمتلك إلا مواصفاتها الحيادية الباردة ولا تمتلك حس التعاطف ولا مجال للبحث عن ذلك في تفاصيلها المتقشفة التي بإمكان أي كان صنعها، إذا هو يفضل الصنعة لا غيرها من التقنيات الأخرى. لذلك فان أعماله  تنأى عن كونها فنا شخصيا(ذا بصمة شخصية) كما حال الأعمال الفنية التي سبقتها. وفي نفس الوقت من الممكن إنتاجها بالجملة كأي بضاعة ميكانيكية تقنية. وهي بهذا المعنى لا تتعدى كونها فنا تكنولوجيا. وتسويقيا، هي قابلة للتعليب.مع ذلك، فهي أيضا لم تفارق منطقة الحداثة السابقة إلا في مفهوميتها التي اجترحها نظريا الفنان.     لقد سبق موندريان وماليفتش جود في تنفيذ أشكالهم الهندسية المنضبطة كما فعل  آخرون. لكن يبقى الفرق في ما بينهم في التصور وطرق التنفيذ ووسائله و فلسفة العمل. ميزة أعمال جود أنها حلقة وصل ما بين سابقها ولاحقها. ما بين الحداثة وما بعدها. فان كان الفن الحديث بنى منجزه على سابقه وتعداه في تخريجاته النظرية وبجذرها الطبيعي وما وراء الطبيعة ألطلائعي. وأقصى أو ألغى في كل الأحوال غالبية تفاصيلها الوجدانية.  وكما ثبتتها العلامات البارزة لفن ما بعد الحداثة والتي اشتغلت على تفكيك وتغريب وإعادة صياغة  ما سبقها وانفتحت على الفضاء الاجتماعي العمومي. لقد تزامن تنوع الأداء وتعدد الوسائط و مكننتها وعدم اليقين وانقلابات العصر الإيديولوجية والتلوث البيئي واستحواذ الصورة مع ازدياد الدور الريادي للفن و للإعلام الميديوي الرقمي وشيوع وسائطه الديمقراطية.    دخل الإعلام الميديوي السوق الاقتصادي مزودا بالخبرات المفاهيمية وبالوسائط الرقمية. واستحوذ على الخبرات الفنية المتقدمة. ولم نعد نشاهد الصورة المباشرة للمعلن عنه كما كانت سابقا، بل ولا حتى ظلها  غالبا. لقد تحولت مساحته الشاسعة إلى صور ملغزة لكنها تضمر هدف التسويق للمعلن عنه ضمن طبقات التشويق الصوري. صور مركبة أو إحيائية هي جزء من تجسيد الفكرة مفاهيميا، منتجة بأحدث التقنيات الصورية المستجدة دوما. وتحولت مكتشفات كل من دوشامب و مانزوني و بويز و جوزيف كوزوث و روبرت اسمشون و مارسيل بروثار وغيرهم من رواد المفاهيمية إلى حقل تجارب تجاوزي ضمن مساحة الإعلام العمومية. وبات هذا الحقل الفني الأدائي مفتوحا على كل الاحتمالات التجريبية مع دخول التقنية الرقمية وتسارع وتيرة مكتشفاتها التقنية والنظرية  والبرمجة التجريبية والتطبيقية. خلق الفن الجديد ومنذ نهاية الخمسينات من القرن الماضي قواعد حقائقه الخاصة وبات المجال واسعا للخوض وسط محيطها الاختراقي وحتى في غرائبياته. وقائع بعضها من صنعه، والبعض الآخر من مخلفات الماضي، غرائبياته أو ملاحمه الفنتاسية. وما الأفلام الكارتونية الإحيائية إلا بعضا من هذا الخلق الهش لكنه صلب بمفعول تقنياته الرقمية التي ألغت  كل غرابة تصورية بعد أن ألفنا أو تعودنا على ادهاشيتها. وللحد الذي بتنا ننتظر فيه ظهور الكامرة الرقمية الإحيائية ولنحول مناخاتنا الواقعية إلى معادلها الفنتاسي ولندخل تفاصيل أحلامنا من ثقبها الضوئي.اعتقد انه بسبب الصيغة التكنولوجية لفن اليوم انتفى وجود الناقد التقليدي ليتحول إلى جهد المؤرخ . بعد أن أفرزت التكنولوجيا فضائها الاستييكي الخاص الذي يتقاسمه حواريا كل من الفنان وعمله ومتلقيه. واتسعت رقعة الأعمال الفنية الأدائية التفاعلية البيئية ومنها منحوتات الصوت والضوء والكهربائية أو الأداء المسرحي و الراقص، وبات للجمهور دور ضمن تفاصيل فعالياتها، وتحول من متلقٍ سلبي إلى عنصر أدائي تبادلي فاعل. هذا التحول الدراماتيكي حول الفعل التأملي الشخصي كما

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تركيا.. إقرار قانون لجمع الكلاب الضالة

تقليص قائمة المرشحين لخوض الانتخابات مع كامالا هاريس

وزير التعليم يخول الجامعات بمعالجة الحالات الحرجة في الامتحان التنافسي للدراسات العليا

اليوم..مواجهة مصيرية لمنتخبي العراق والمغرب

تعرف على الأطعمة التي تحفز نشوء الحصى في الكلى

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram