كتب: علي عبد السادةتحول الشباب الأربعة المعتقلون لدى السلطات العراقية إلى قصة رئيسة لنشطاء الدفاع عن الحريات المدنية وحقوق الإنسان في البلاد. بات الحدث بالنسبة إليهم انتكاسة كبيرة. وجرس إنذار لما سيحدث في قادم الأيام.
وخلافا لتوقعات الرأي العام، ودعوات عديدة لسياسيين وصحفيين عراقيين لإطلاق سراحهم، فان إعلان قيادة عمليات بغداد تقديم الشباب الأربعة الى قاض للتحقيق بتهمة حيازة هويات مزورة جاء مخيبا للآمال بالنسبة لكثيرين.الناطق باسم القيادة نفى عصر أمس الأول الثلاثاء اعتقال أربعة من منظمي تظاهرة الجمعة الماضي في ساحة التحرير، وقال إنهم ضبطوا حاملين هويات مزورة. وهو التصريح الذي لم يرق للرأي العام وخلف ردود أفعال غاضبة بشأنه.حتى إن مقربين من قيادة حركة شباب شباط وصفوه بأنه "محاولة تشويه لتكسير أجنحة حركات الاحتجاج".ولعبت عمليات بغداد دورا فاعلا منذ اندلاع الاحتجاجات العراقية في الخامس والعشرين من شباط الماضي، وأكتسب هذا الدور أهمية كبيرة حين أسهم عناصرها في محاولات متكررة لكبح جماح المتظاهرين.القوات التابعة لهذا التشكيل، المثار حوله جدل سياسي بشأن حله او إعادة هيكلته وفق اتفاقات سياسية غامضة، ظهرت في الشارع بأداء عصبي ومستفز وأعطت الانطباع بأنها تضمر للمتظاهرين الكثير من العداء. ربما تحرك ضباطها من خلفية اعلان رئيس الوزراء نوري المالكي حول سيطرة حزب البعث على ساحة التحرير قبل ليلة واحدة من اندلاع الاحتجاجات هناك، وهو الادعاء الذي أسقطته مشاركة نوعية من قبل حتى أولئك الذين ساهموا في انتخابات 7 آذار. وفي هذا الجو المشحون ارتكبت وحدات تابعة للقيادة أخطاء عديدة منها محاصرة وطرد معتصمين قبل جمعة الغضب الأولى من أماكن وساحات عامة، ولاحقا اعتقال وضرب صحفيين عراقيين، واصابة مدنيين عزل بإصابات مختلفة.وتخللت هذه العمليات نزول جماعات مسلحة بلباس مدني وسيارات حكومية لتطويق متظاهرين ليلا وطعنهم بالسكاكين.rnالحكومة مستفزةومع الصعوبة الكبيرة التي واجهتها حركات الاحتجاج لإثبات انها تستهدف إصلاح النظام، وهو ما يجعلها مختلفة عن أحداث الشرق الاوسط المشابهة، لكن الحكومة العراقية كانت أكثر استفزازا مما يتحمله المشهد في ساحة التحرير.المالكي في البداية أفاد بحقيقة ان العراق كان يمثل أولوية عليا لادارة اوباما، مما يمنحه اطمئنانا الى ان واشنطن ستظل راعية لأصدقائها مهما بلغ الاحتجاج مستوى متصاعدا ضد أدائها السياسي.لكن تنامي الاحتجاجات في العالم العربي ضد الزعماء المستبدين وتسرب ذلك الى بلدان أخرى ومنها العراق وضع الديمقراطية العراقية الناشئة أمام اختبار، وأربك القادة السياسيين وتحديدا رئيس الحكومة العراقية المتهم من منافسيه بتوسيع سلطاته وتقويض الديمقراطية الهشة أصلا في العراق.المتظاهرون العراقيون يطالبون بإنهاء الفساد وهو ما يعده مراقبون المأزق الكبير الذي يوازي الاستبداد في البلدان الأخرى حيث انتظر العراقيون أربع حكومات متعاقبة بعد 2003 اثنتان منهن برئاسة المالكي في ظل مستوى معيشي هابط مقابل موارد مالية ضخمة من عائدات النفط العراقي. المالكي والصلاحياتفي هذه الفترة المشحونة، ذهب المالكي كثيرا في مشروع تقوية نفوذه وتوسيع صلاحياته. يقول سياسيون وناشطون مدنيون ان ابرز ملامح الاستيلاء على الصلاحيات هو الطلب الذي قدمه للمالكي بمنحه سيطرة على الهيئات التي كانت مستقلة ومسؤولة عن إدارة البنك المركزي وإجراء الانتخابات والتحري عن الفساد وهو قرار يحرم البرلمان من حق اقتراح التشريعات.القرار وجد صدى معاكسا على المستويين الداخلي والخارجي. وتحت الضغط عدلت المحكمة الاتحادية عن قرارها الذي شكل ضربة للديمقراطية. لكن الأهم فان ما فعلته الحكومة العراقية جاء بنتائج عكسية في الشارع، المحتجون يزدادون نقما ويفقدون الثقة أكثر من أي وقت مضى.وخلال المهلة المحددة بـ 100 يوم، فشلت الحكومة في تعاملها مع التظاهرات الأمر الذي أعاد الى الأذهان الاعتقاد بفشل النموذج الديمقراطي في العراق بسبب العقلية السياسية التي تنتهجها القوى النافذة في البلاد.ففي الوقت الذي أمهل فيه المالكي وزاراته مئة يوم لبلورة طرق لتحسين الخدمات وتخفيض مرتبه وعدم الترشح لفترة ثالثة في عام 2014 لامتصاص الاستياء الشعبي، شهدت التظاهرات ممارسات كالتي تشهدها دول تحت الاستبداد من منع المتظاهرين وإغلاق الطرق واستخدام الرصاص الحي واعتقال الصحفيين وحملة اعتقالات أعقبت المتظاهرين، وهي مؤشرات لم تدفع الى تهدئة العراقيين الذين يواصلون الاحتجاج على إخفاق الحكومة بتوفير الكهرباء وفرص العمل.سكون ساحة التحريرورغم فترة السكون النسبي التي شهدتها ساحة التحرير على وقع المهلة الحكومية التي منحها المالكي لوزرائه، الا ان صحفيين عراقيين نقلوا عن مسؤولين أمنيين كبار انهم يمتلكون معلومات "مؤكدة" حول اختراق عناصر من القاعدة للتظاهرات المتوقعة في العاشر من حزيران الجاري. وقال احد القادة الأمنيين في جلسة حوارية غير معلنة مع قادة رأي مختارين:" أداة قطع الحديد نفدت من السوق المحلية". وكانت تلك أشارة الى ان القوات الأمنية تع
متظاهرون بهويات مزوّرة.. والمهلة تتحول إلى إجازة سياسية
نشر في: 1 يونيو, 2011: 07:44 م