فريدة النقاشدعتني اللجنة الشعبية لأهالي (بولاق أبو العلا) بالتعاون مع الهيئة العامة لقصور الثقافة لندوة ثقافية بعنوان «الحركات الفئوية ودورها في إجهاض الثورة» أدارها الناقد الباحث جمال العسكري وكان القاص والروائي فؤاد مرسي أحد منظميها الناشطين.
ومثلها مثل مئات اللجان الشعبية في مدن مصر وبلداتها وقراها تشكلت لجنة بولاق مجموعة من الشباب والفتيات دفاعا عن الثورة، وتطلعا لمواصلتها، والتصدي لفلول النظام القديم وقوى الثورة المضادة التي تهدف إلى إجهاض الثورة بقطع الطريق على استكمال إنجاز أهدافها، وإبقائها عند حدود اقتلاع «مبارك» وأولاده ومعاونيه ليبقي النظام الذي أسسوه قائما دون تغيير، وبذلك، وطبقا لتخطيطهم تنتهي الثورة إلى تغيير مجموعة من الأشخاص دون تغيير أسس النظام الذي قام على الاستغلال والفساد والاستبداد وأدى إلى تقزيم دور مصر في محيطها الإقليمي وفي العالم استجابة لإمتلاءات من الولايات المتحدة الأمريكية والمؤسسات المالية الدولية ومجاملة لإسرائيل.يدرك مجموعة الشباب والشابات الذين أنشأوا اللجنة الشعبية خصوصية الحي الذي ينتمون إليه، ويسعون لتغيير الصورة الذهنية التي تشكلت عن الحي وناسه، إذ يعتبر حي بولاق من أعرق أحياء القاهرة كما يسجل تاريخه محمد عبد الوهاب شلبي- ويضيف «وارتبط اسم بولاق دائما بفتوات بولاق، ولكن نظرة الناس تختلف عن الفتوات فهم ليسوا بالبلطجية أو تجار المخدرات كما يعتقد البعض ، فقديما كان الفتوة في بولاق مثل «روبن هود» يرد المظالم ويقف بجانب المظلوم ضد الظالم، ويحكم بين الناس في الخلافات، وكلامه لا يرد وواجب التنفيذ».ولأهالي بولاق مواقف كثيرة في الأحداث التي مرت بمصر منها الموقف ضد الحملة الفرنسية، وكذلك الوقوف بجانب الثوار في ثورة 1952، وآخرها ما قام به شباب بولاق أبو العلا من دور كبير في ثورة 25 يناير».وسوف يسجل تاريخ الثورة لهؤلاء الشباب من كل الأحياء الشعبية وعلى رأسها حي بولاق أبو العلا أنهم كانوا مثالا للشجاعة والقدرة والخيال وهم يتصدون للمجرمين في معركة الجمال التي رتبت لها قيادات الحزب الوطني لإرهاب المتظاهرين وقتلهم وإجبارهم على العودة لمنازلهم، فهؤلاء الفقراء المحرمون والمقموعون لن يفقدوا إلا أغلالهم وفقا لتعبير ماركس.ويعرف التاريخ الأدبي والفني والسينمائي في مصر مئات الأعمال التي قدمت الفتوات والشطار في صورة المناضلين الحقيقيين ضد الظلم ومن أجل الكرامة الإنسانية والعدالة، بدءا من «حرافيش» نجيب محفوظ والأفلام التي استلهمتها، وليس انتهاء بمسرحيات يسري الجندي التي أضاءت التاريخ المطمور لبعض هؤلاء الفتوات، وتقدم كتب التاريخ عن ثورتي القاهرة الأولى والثانية ضد الاحتلال الفرنسي نماذج مشرفة لهؤلاء، وحين نعيد كتابة تاريخ مصر في يوم قريب من وجهة نظر الشعب وطبقاته الكادحة سوف تتجلى هذه الحقائق بوضوح.قدم هؤلاء الشباب بديلا حقيقيا عن مجالس محلية وشعبية جرى تزوير انتخاباتها بصورة فاضحة عام 2008، فتحولت إلى جماعات مصالح مرتبطة بكبار رجال الحزب الحاكم سابقا، وأصبح الفساد الشامل هو عنوانها كما كان عنوان النظام كله، وأصبح حل هذه المجالس مطلبا شعبيا ملحا ينتظر الجميع أن يستجيب له المجلس العسكري.اختلفت مع الشباب حول عنوان الندوة لأنني ممن يرون أن الحركات الفئوية وتراكمها كانت قد مهدت للثورة، واتضح من النقاش أنهم إنما يساندون الفكرة القائلة بأن مكان هذه المطالب هو النقابات.. حتى يبقى «طابع الميلاد» الذي حدث في 25 يناير عاما وشاملا للقضايا الأساسية، ونحن نتعرف على أنفسنا من جديد كما تكتب «هبة فاروق» في نشرة أهالي بولاق التي كتبها الشبان والشابات ومولوها من قروشهم ،على أمل أن تصبح صوتا حقيقيا للحي مفعما بالصدق والصراحة والأمل ومن محرريها حسن فاروق وياسر عبد المنعم.شعرت بالفخر لأنني كنت من ضيوف أول أمسية ينظمونها واستمعت في الأمسية لغناء جميل وشعر أجمل يثق في المستقبل وقدرة الشعب على مواصلة ثورته، فمن يلتقي هؤلاء الشبان والشابات يتأكد أن أحدا لن يستطيع أن يسرق الثورة. وأعتذر لأنني لم أسجل اسمي المغني والشاعر.
أهالي بولاق
نشر في: 3 يونيو, 2011: 04:30 م