عن: أفكار عن العراقعلى مدى الثماني سنوات الماضية كان العراق و الكويت يحاولان ترقيع العلاقات بينهما.كان صدام حسين يشكل تهديدا مستمرا لدولة الكويت بسبب غزوه لها عام 1990، و لازال الكثير من الكويتيين يتذكرون العراق السابق ولا يستطيعون التواصل مع العراق الجديد. مع هذا فان الطرفين يجريان سلسلة من المحادثات بشأن الكثير من المسائل المهمة بينهما. المشكلة هي إنهما كلما أحرزا بعض التقدم يطفو إلى السطح شيء يوتّر العلاقات بينهما. حاليا أثيرت مسألة خطط إنشاء ميناء كويتي وآخر عراقي، مما أدى إلى سلسلة جديدة من الاتهامات المتبادلة.
في نيسان 2011، بدأت الكويت العمل في ميناء مبارك الكبير الذي يقع على جزيرة بوبيان قريباً من السواحل العراقية. و قد وقعت الكويت عقدا مع شركة هونداي الكورية الجنوبية لبناء الميناء الذي من المؤمل انجازه عام 2016 بكلفة 1،1 مليار دولار. الميناء سيضم أرصفة ومرافئ ومنطقة تجارة حرة وشبكة سكك حديد و مناطق إقامة. في أواخر مايس أعلن مسؤول في وزارة الأشغال الكويتية انجاز 48 % من أعمال البناء. وعند إكماله سيكون اكبر ميناء في منطقة الخليج. مشكلة العراق انه يخطط لبناء ميناء الفاو العظيم الذي يتقاطع مع ميناء مبارك الكويتي. ففي 15 نيسان 2009، وقع العراق صفقة مع شركة تكنيتال الايطالية لتصميم الميناء. وفي 4 نيسان 2011 وضع وزير النقل حجر الأساس للميناء. من المؤمل أن يكلف المشروع 6 مليارات دولار، وان يستوعب 99 مليون طن من البضائع كل عام و يتضمن إنشاء خط سكة حديد إلى أوربا عبر تركيا. أراد العراق لهذا الميناء أن يكون ليس فقط اكبر ميناء في المنطقة، وإنما أيضاً نقطة مرور (ترانزيت) ما بين آسيا وأوربا وان ينافس قناة السويس. تزعم الحكومة ان من الارخص والاسرع انزال الحاويات في الفاو ثم شحنها إلى أوربا عن طريق سكة الحديد.من المؤمل إكمال المشروع بالكامل في 2017. وقد هدد وزير النقل العراقي بالاستقالة إذا لم يتم إكمال ميناء الفاو. حاليا، يعتبر ميناء أم قصر هو الميناء الوحيد في المياه العميقة في العراق، إلا انه صار قديما و يفتقر إلى الطاقة الاستيعابية. ميناء الفاو هو جزء من خطة عراقية كبرى لإعادة البناء والازدهار بعد عشرين عاما من الحروب والعقوبات. بهذه الرؤية، ليس من المفاجئ أن يغضب العراق عندما بدأت الكويت العمل في ميناء مبارك. ادعى احد الاقتصاديين العراقيين بان العراق سوف يخسر 60 % من أعماله في حالة بناء الميناء الكويتي، وحذر بان ميناء الفاو سوف لن تكون له أية قيمة نتيجة لذلك. قال وزير النقل العراقي إن بناء ميناء مبارك هو جزء من مؤامرة ضد العراق ويجب عرض المسألة على الأمم المتحدة لأن الميناء يتجاوز على المياه الإقليمية للعراق وعلى الحدود الدولية بين البلدين.من جانبه ادعى محافظ البصرة خلف عبدالصمد بان الميناء الكويتي سيدمر اقتصاد المحافظة ويعطل الآلاف من فرص العمل. كما ذكر احد القادة البحريين أن المرور إلى ميناء مبارك سيدفع طبقات الطين إلى الموانئ العراقية و يؤثر على صيد السمك ويسبب ازدحاما مروريا بحريا، إذ يتوجب على السفن أن تسير على نفس القناة لتصل إلى الميناءين. دعا البرلمان إلى عقد جلسة خاصة حول الموضوع، كما خرجت تظاهرات صغيرة في البصرة يوم 18 مايس حول الموضوع نفسه.وظهرت تعليقات مشابهة تعكس الاستغراب العام و الغضب الذي يشعر به العراقيون تجاه الإجراء الكويتي. وفي الوقت نفسه، أكد العراقيون أن الحل الايجابي الوحيد هو أن تلغي الكويت بناء ميناء مبارك. من جانب آخر، اضطر رئيس الوزراء نوري المالكي إلى اتخاذ إجراء ما. و في 17 مايس تشكلت لجنة مشتركة لدراسة الميناءين، كما تشكل وفد رفيع المستوى للسفر إلى الكويت لمناقشة المسالة بأسرع وقت.وعبرت الكويت أيضا عن رغبتها في المحادثات. قال السفير الكويتي في العراق بان بلاده سوف تتفاوض بشأن الموانئ، وهي مستعدة أن توقع اتفاقية بشأن المسألة. وأضاف السفير أن ميناء مبارك سوف لن يؤثر على ميناء أم قصر أو الفاو، و أن ميناء مبارك يبعد عن الأرصفة العراقية بحوالي 20 كيلومترا وليس كيلومترا أو اثنين كما يدعي العراقيون. في الوقت نفسه، نشرت الصحف والتحليلات الكويتية تصريحات تأجيجية. فقد اخبر رئيس مركز الدراسات الستراتيجية الكويتي قناة الجزيرة بان ميناء مبارك سوف يفيد كلا البلدين، وبان العراق غير قادر على بناء ميناء في المياه العميقة و لذلك على الكويت أن تكون هي منفذ تجهيز البضائع الذاهبة إلى العراق. وتابع قائلا إن السبب الوحيد الذي يجعل العراق يشتكي من ميناء مبارك هو انه يحابي إيران، وان طهران تريد أن تسبب المتاعب للمنطقة، حتى انه قال أن ميناء مبارك هو أكثر أمانا لأنه بعيد عن مدى المدفعية الإيرانية، بينما الفاو يقع ضمن مداها، كما لو أن ذلك سيحدث قريبا. كما قامت صحيفة كويتية بمقابلة احد المحللين الذي قال إن طهران تسيطر على العراق وان إيران ستلحق جنوب العراق بها، لذا فان الإيرانيين هم وراء كل المشاكل الدائرة حول الموانئ. هذه التعليقات تعكس مشاعر الكويتيين وغيرهم في دول الخليج حول النفوذ الإيراني. في الواقع أن العراق هو الملام في هذه المشكلة. لقد كان يتحدث عن بناء ميناء الفاو منذ عام 2003، لكنه لم يفعل الكثير بشأن ذلك. كما ادعى النائب السابق عن البصرة وائل عبداللطيف بان المحافظة توصلت إلى خطة لبناء ميناء الفاو بعد سقوط نظام صدام. في العام اللاحق تم وضع الخطط. كما نشر احد المواقع الإخبارية العراقية نصا من وثيقة حكومية من زمن إياد علاوي كرئيس ل
العراق والكويت: محاولات ترقيع العلاقة تفشل على ميناء مبارك

نشر في: 4 يونيو, 2011: 07:20 م









