بغداد/ داود العلي كان من المفترض أن يطلق سراح الناشطين الشباب الأربعة أمس الأحد كما صرح الناطق باسم عمليات بغداد، لكن ذلك لم يحدث. في وقت أفادت مصادر موثوقة أن المعتقلين يتعرضون لضغوط كبيرة لإظهارهم في مؤتمر صحفي اليوم الاثنين يعلنون فيه إدانتهم لتظاهرات ساحة التحرير وتبرير اعتقالهم على خلفية تهمة تزوير هويات.وزير الناطقية علي الدباغ قال إن رئيس الوزراء نوري المالكي أمر بإطلاق سراحهم،
لكنه عاد ليؤكد أنهم مزورون، ولم يتم احتجازهم على خلفية التظاهر.وفي الأول من الشهر الجاري حصلت منظمة شبابية على معلومات وصفتها بالموثوقة تفيد بان عمليات الكرخ فبركت تهمة التزوير وأنهم التقطوا للشبان الأربعة وهم :"علي الجاف، احمد البغدادي، جهاد جليل، مؤيد الطيب" صورا فوتوغرافية ليتم توثيقها على بطاقات تعريفية مزورة.المنظمة، وهي اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي، قالت إن تهمة التزوير مفبركة وتخالف بنود الدستور العراقي، فيما عبرت عن قلقها على مصير الشبان الأربعة.ويرى مراقبون ونشطاء أن اعتقال الشبان، وما رافقه من تداعيات وتضارب فاضح في التصريحات، يكشف من الأساس الدوافع السياسية للحكومة في ملاحقة ومضايقة المجتمع المدني، خصوصا الحركات الشعبية التي تقود التظاهرات.وكان مالكوم سمارت مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية قد صرح نهاية الأسبوع الماضي بان اعتقال الشبان الأربعة يشكل دليلاً إضافياً على عدم تسامح سلطات حكومة المالكي مع الخلاف السلمي في الرأي، وهي اعتقالات تبعث على القلق البالغ.ومنذ إعلان خبر اعتقالهم، التزمت الأجهزة الأمنية الصمت، ولم يصرح الناطق باسم عمليات بغداد بأي شيء حيال الحادثة.لكن، وفي الثامن والعشرين من شهر أيار الماضي، قال مسؤول رفيع في وزارة حقوق الإنسان إنها تمكنت من معرفة مكان احتجاز الشبان الأربعة، لكنه أشار إلى أن سبب الاعتقال يعود إلى أدلة توثق إطلاقهم شعارات تحرض على العنف وتستهدف النظام.وما أثار استغراب الرأي العام، التصريح الذي أدلى به اللواء قاسم عطا الناطق باسم عمليات بغداد الذي نفى في الحادي والثلاثين من أيار الماضي اعتقال الشباب الأربعة من ساحة التحرير، وقال إن الأجهزة الأمنية عثرت عليهم في البتاوين وفي حوزتهم هويات مزورة. وجاء ذلك في وقت أعلنت منظمات مدنية أنها تمتلك أشرطة مصورة تدل على مكان تواجدهم حتى لحظة الاعتقال.وتبين لاحقا أن الأجهزة الأمنية لم تعتقل الأربعة، بل قامت باختطافهم، وتشير الوقائع إلى أن قوة من الفرقة 11 التابعة لعمليات بغداد اقتادت الشبان الأربعة صباح يوم الجمعة السابع والعشرين من أيار الماضي، وسلمتهم إلى مجموعة مسلحين في سيارة إسعاف وذهبت بهم إلى مكان مجهول.يشار إلى أن تهمة التزوير لا تتطلب سوى إجراء تحقيق روتيني وإطلاق سراحهم بكفالة، لا أن يتم اختطافهم واحتجازهم لأيام. وتعاملت الأجهزة الرسمية مع الحادث بصمت وتصريحات متضاربة، ما أثار القلق من تحول النظام إلى جهاز بوليسي قمعي. وعبر ناشطون وسياسيون عراقيون ومنظمات وجهات دولية مهمة طوال الأسبوع الماضي عن قلقهم مما يجري في البلاد على خلفية اعتقال المتظاهرين، وقالوا إن حادثة ساحة التحرير تنافي لوائح حقوق الإنسان وتناقض المعايير الديمقراطية.ويحاول جهاز الاستخبارات العسكرية منذ أيام الضغط على الشبان الأربعة قبل إطلاق سراحهم من اجل الظهور بإعلانات متلفزة تبرر اعتقالهم وتدين التظاهرات.يشار إلى أن جهاز الاستخبارات العسكرية يقوده ضابط برتبة لواء وهو حاتم المكصوصي ويدير الجهاز بالوكالة على خلفية أمر من القائد العام للقوات المسلحة دون العودة إلى البرلمان العراقي.وكانت المدى قد تابعت ملف الشبان الأربعة طيلة فترة احتجازهم، وتبين من شهادات وبيانات من منظمات مدنية أن المخطوفين الأربعة معروفون في الوسط الشبابي، وهم من الذين يواظبون على الحضور في تظاهرات ساحة التحرير كل جمعة، كما أنهم من الطلبة المعروفين في أكاديمية ومعهد الفنون الجميلة.وبينما تؤشر هذه الحادثة الدوافع السياسية لها، فإنها ساعدت الرأي العام على كشف الخروقات التي تترتب على أداء المسؤولين الأمنيين، وبدا أيضا أن اللواء قاسم عطا تحول من ناطق إلى رجل امن يلاحق المواطنين.وكان عطا في إحدى الندوات الثقافية التي عقدتها النائبة صفية السهيل أجاب على سؤال لأحد الحضور بشان اتهام احد الشبان بالبعثية في حين لم يكن يبلغ من العمر عام 2003 اثني عشر عاما، فرد عطا عليه بلهجة التهديد:"أنا أعرفك .. أنت احد المتظاهرين في ساحة التحرير".وعبر ناشطون في حركات احتجاج شبابية عن خشيتهم من تفاقم سياسة القمع لدى الحكومة العراقية، خصوصا مع لجوء الأجهزة الأمنية إلى فبركة تهم لمتظاهرين مدنيين. هذا وتناشد المدى المجتمع المدني والمنظمات الدولية الوقوف بشدة ضد إجراءات القمع من قبل الأجهزة الحكومية.
أجهزة الأمن تبتز الشبان الأربعة لتبرير اعتقالهم وإدانة "ساحة التحرير"
نشر في: 5 يونيو, 2011: 10:39 م