اسم الكتاب: نابولي 44 المؤلف: نورمان لويس ترجمة: عبد الخالق علييشتمل كتاب السفر للمؤلف نورمان لويس،بالإضافة إلى صورة المدينة التي مزقتها الحرب، على حكاية انفجار فيسوفيوس. عندما نزل نورمان لويس من السفينة في بيستوم أوائل أيلول 1943،وجد الشاطئ مليئا بأكداس من التجهيزات المكتبية، فتقرر إنزال تجهيزات موظفي الجيش الأميركي على الرمال و ليس على السيارات المدرعة او على صناديق العتاد . المشهد يوحي بالوضع الذي سيقضي فيه لويس بقية العام في جنوب ايطاليا،كما يوحي بالكتاب المتقن الذي قام بتأليفه بعد 30 عاما" نابولي 44 " .
اختار الجيش الخامس الأميركي ان يستعير فصيل الأمن الميداني من فرقة الاستخبارات البريطانية،بفضل عملياتهم في الجزائر و تونس و من اجل غزو جنوب ايطاليا الذي كان لويس مستعدا له لكون زوجته من صقلية . بعد أن نزل لويس،انعزل هو و رفاقه البالغون احد عشر عن زملائهم الاميركان الذين شوش عليهم فتيان البلد المتهورون . ذهب فصيل لويس إلى الشاطئ ليلعب دوره في مساعي الحلفاء،حيث يركب إفراده الدراجات النارية و يحملون مسدسا و خمس اطلاقات فقط لكل منهم ، لم يتم إخبارهم بالمهمة ، لقد عمدوا إلى غابة يرتمي فيها قتلى الجنود الألمان من ضحايا معركة دارت في ذلك اليوم . على الجانب الآخر،واجههم منظر ساحر ; معابد بيستوم الإغريقية الثلاثة المنتصبة التي يغسلها وهج الغروب المتأخر ، في المقدمة هناك بقرتان ميتتان و أرجلهما إلى الأعلى. في كتابته الأنيقة،يصف لويس المسافات بين السخيف و الفخم . خلال رواية أحداث " نابولي 44 ", يؤسس لويس لتنافره المدوي و لغته البليغة و لسانه السليط .بعد الفشل الأول للإنزال،كان انطباع لويس خليطا من "السخافة و الجبن"،و كان يعتبر إن رد فعل الجنرال كارل كلارك،قائد جيوش الحلفاء،يتوزع بين الفزع الأعمى و الانتقام العنيف، إلا ان الافتقار إلى التخطيط سمح للعريف لويس و فصيله بقضاء أسابيعهم الأولى على التراب الايطالي و هم مرتاحو البال في بيستوم . كانت مهمتهم الخطيرة الوحيدة هي تحديد الأضواء الغامضة التي يروها كل ليلة و هي تتراقص في حقول القرية القريبة،ثم اتضح انها مصابيح يستخدمها السكان المحليون لتنير لهم الطريق أثناء السير. في أوائل ت1 تحرك الفصيل إلى نابولي و هم يقودون السيارة بين السكان المحليين ذوي الوجوه المتجهمة الذين كانوا يلوحون سابقا بالتحية الفاشستية بلا اكتراث،و صاروا اليوم يلوحون بإشارة النصر بلا اكتراث أيضاً. الغارات الجوية – واحدة في آب و الأخرى في أيلول – تركت المدينة، البائسة أصلاً، خرائب بلا ماء. كان الفصيل محظوظا لأنه عثر على مكان سكن في قصر كان يوما ما يدعى قصر الرفيرا دي تشايا . تم تكليف لويس بمهمة التعامل مع المتعاونين المشكوك بهم،و بدأ مع ثلاثة من زملائه ينبشون أكياساً من الاستنكارات التحريرية الناتجة عن الاستياء و الضجر و الثأر . بعد فترة قصيرة،بدأ الأفراد يزورون المكتب شخصيا و هم متلهفون للعمل كمخبرين سريين . في نفس الوقت،كان الجنرال كلارك يتناول عجل البحر و هو من الأنواع الغالية الثمن في نابولي . لم يلاحظ إن المراكب غير مسموح لها أن تغادر المرفأ و ان صيد السمك كان يجري في مراكب بسيطة من الخوص او من الأخشاب المربوطة ببعضها، و إلا فان أهل نابولي كانوا يأكلون رؤوس الدجاج و حتى القطط . ربما يكون لويس مبالغا أحياناً،إلاّ إن وصف القصابين و هم يعرضون اللحوم المخيفة عديمة القيمة كان له تأثير كبير. في إحدى المناسبات كان لويس يتناول الطعام مع صديقه المحامي لاتارولو. جاءوا له بسمكة لا علاقة لجسمها بالرأس،و عندما كشفوا السكالوب كان قطعة من لحم حصان فجأة ظهرت مجموعة من الفتيات الشابات يرتدين السواد و الدموع تنحدر على خدودهن . أدرك لويس إنهن بصيرات . في نثره،كان لويس سيد الروائيين و هو يحكي قصة صغيرة تعبّر عن صورة اكبر . انها تؤشر تحوله إلى " التشاؤم" . في الخارج كانت الطبيعة ذات قيمة عالية . أغطية المجاري ضاعت، تاركة الشوارع مليئة بالحفر بينما خزانات الماء تتلاشى يوما بعد يوم . السفن خرجت من المياه و تحطمت،بينما العصابات منشغلة بنهب المركبات العسكرية مثل موجات النمل و هي تلتهم أوراق الشجر. كان لويس يتلاعب بأهالي نابولي و كأنهم أحجار شطرنج،و هو معجب بأصالتهم و تملّصهم – تأتي العاهرات و السماسرة السود في سفن عديدة خلال تلك الشهور اليائسة. تم إرسال لويس لتدقيق التنصيبات العسكرية في المناطق الساحلية،و هو أمر يحمل في طياته مجازفة بسبب تدفق الحمم البركانية جنوب نابولي . قاد سيارته عبر تساقط الثلج البطيء و في اليوم التالي توجه إلى سان سيباستيانو،القرية الآيلة للخراب . كانت عجلات السيارة تتزحلق على الرماد اللزج،و المركبة تتعرض لعواصف من الثلج الصلب من النفايات البركانية . لدى وصوله وجد لويس إن الحمم تنحدر أسفل الشارع الرئيسي و يبتلع المباني . قبة الكنيسة كانت تعوم على الأمواج. في آب،ومع المتاعب الكبيرة،انتقلت حضرية لويس إلى بينيفنتو. كان الموقف السياسي هناك في فوضى عارمة. الجريمة المنظم
ضابط استخبارات في المتاهة الايطالية
نشر في: 6 يونيو, 2011: 06:08 م