اسم الكتاب: المؤسس الذي غمره النسيانالمؤلف: جوشوا كندالترجمة: عبد الخالق عليحتى لو لم يكن نوح ويبستر قد ألّف قاموسه الشهير، فانه كان واحدا من أهم الشخصيات في الأيام الأولى للجمهورية الأميركية. كتابه ذائع الصيت " التهجئة الأميركية " – المنشور عام 1783 – تفوق على كل الكتب في القرن التاسع عشر ماعدا الإنجيل. لقد ساهمت جهوده لحماية كتابه من القرصنة في تطوير قوانين حقوق الطبع الأميركية. في عام 1793 أسس صحيفة (منيرفا) الأميركية، و هي أول صحيفة يومية في مدينة نيويورك، قبل ان يؤسس الكسندر هاملتون صحيفة نيويورك بوست بثماني سنوات، كما انه ساعد في تأسيس كلية اميرست .
مع كل هذه الانجازات لم يكن ويبستر محبوبا . فلقد كان متعجرفا، متفضلا، لا يمتلك روح الدعابة و لا يحب الموسيقى . كان يجافي و يحتقر أصدقاءه و الحلفاء السياسيين و زملاءه في المهنة. في كتاب " المؤسس الذي غمره النسيان " يقدم جوشوا كندال سيرة ذاتية حية و مستبصرة، كما انه يرينا افضل صورة عن شخصية ويبستر المعقدة . ولد ويبستر لعائلة اميركية متجذرة الأصول – حيث ينحدر والده من جون ويبستر حاكم كونكتيكت، و أمه من عائلة وليم برادفورد من مستوطنة بلايموث. درس في جامعة يال خلال الحرب الثورية . يصف كندال بمهارة جامعة يال في تلك الحقبة: ثلاث مبانٍ فقط و 40 طالبا في صف واحد، و كانت متخلفة عن الجامعات البريطانية . يقول كندال " بالنسبة إلى ويبستر، فان إكمال متطلبات الدراسة في يال لا يدل على انه رجل متعلم، و إنما اكتسب المتطلبات اللازمة ليصبح متعلما ". في ما بعد اعتبر ويبستر نفسه متفوقا على صديقه المخلص بنيامين فرانكلين المثقف. عند تخرجه عام 1778، أهداه والده مبلغا صغيرا من المال و تمنى له التوفيق، تاركا إياه يتكل على نفسه. تدرّب ويبستر ثم مارس مهنة المحاماة ، و عمل معلما في مدرسة دون أن يحقق نجاحا مهنيا في كلتي الحالتين . لكنه كان يمتلك مهارات جيدة كمربّي . كان هدفه " إدخال السرور على تلاميذه " من خلال إمتاعهم بالمادة و ليس تغذيتهم بحقائق يتذكرونها في ما بعد . هذا الإحساس، الذي انتقل الى كتاباته، ساهم في شهرة كتابه " التهجئة الأميركية " الذي كان مقررا دراسيا في اللغة و القراءة بالإضافة الى التهجئة لم يكن الكتاب يحتوي على التعاليم الدينية المنحازة التي تتسم بها كتب الأطفال في ذلك الوقت،وإنما كان يضم فحوى أخلاقية و وطنية قوية . كان الأطفال يفهمون الكتاب بسهولة و يتعلمون منه. مع ذلك، لم يكسب ويبستر واردا من الكتاب الا بعد مرور فترة . و بينما كان يتخبط للعثور على عمل ثابت و يستدين المال من هنا و هناك، انخرط في الصحافة الفيدرالية في الجمهورية الفتية. كان ويبستر يكتب باستمرار تحت أسماء مستعارة، و يمتدح أعماله و ينتقد الطاعنين به، و يحث بقوة على استقلال أميركا سياسياً و ثقافيا عن بريطانيا، و يدعو الى دولة أميركية متحدة خالية من المعارك الفئوية بين الولايات . كان دعمه الحماسي قويا لدولته الفتية الهشة، لكنه نادرا ما كان يتحاشى هجماته السليطة غير المنطقية . في سن السابعة و العشرين أقدم على انتقاد جورج واشنطن في حفلة عشاء بسبب بحثه عن مربٍ اسكتلندي لتعليم أبنائه بدلا من معلم من بلده . حكايات كندال المثيرة للذكريات، المدمجة في السرد التاريخي، تقنعنا بان قومية ويبستر كان لها تأثير كبير على المؤسسين حتى لو لم يكن هو منهم . ان وطنية ويبستر المفرطة انتقلت إلى كتابه اللغوي . كان يريد أميركا منفصلة عن بريطانيا، فاخذ يروج للغة أميركية موحدة مستقلة عن الانكليزية البريطانية . كما انه كان مؤمنا متزمتا بتفوق نيو انكلاند على باقي أجزاء البلاد . كان ينتقد " العقول الصغيرة " للجنوبيين .rnوساوس ويبستر و خلق الثقافة الأميركية وضع ويبستر بصمته فعلا عام 1828 عند تأليفه " القاموس اللغة الانكليزية الأميركية " في جزءين . كان القاموس أكثر شمولا من القواميس الأخرى في حينه، و يشتمل على الكثير من الكلمات العلمية و التقنية بالإضافة إلى آلاف المصطلحات الفريدة في الانكليزية الأميركية. كانت تعريفاته تنم عن مهارة رائعة حتى أطلق عليه السير جيمس موراي – اول محرر لقاموس اوكسفورد – انه " ولد لتعريف الكلمات " . الكثير من الأشخاص كانوا ينظرون الى القاموس على انه مبتكر أكثر من اللازم ; و كان المثقفون الاميركان – حتى الذين كانوا يدعمون النعرة القومية لويبستر – يتحفظون لغويا على القاموس و يتمسكون بالتعابير البريطانية و لا يرغبون بتحدي قاموس صامويل جونسن لسنة 1755 . إلا ان قاموس ويبستر و التنقيحات اللاحقة عليه صار مقبولا على انه المعيار . ان تناقضات شخصية ويبستر تجاوزت كونه ثوريا سياسيا و لغويا . و رغم كونه إنساناً متعاظما فقد كان مهتما بالفقراء و مؤيداً لإلغاء الرق و تعليم المرأة . في شبابه كان راقصا ماهرا و محط أنظار النساء، مع ذلك كان نرجسيا و نشر نسخة منقحة من الإنجيل و كان يحتقر الدراما المألوفة حتى عندما كان يدرس في يال، و لم يستثن شكسبير من النقد. إن التأكيد على هذه الجوانب من شخصية ويبستر، يعتبر من السمات القوية لكتاب كندال، فالقليل من كاتبي السيرة يقدمون
الشخصية المتناقضة لمؤلف أشهر القواميس الأميركية
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 13 يونيو, 2011: 05:40 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
مقالات ذات صلة
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/Almada-logo.png)