اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > الـمسجــد

الـمسجــد

نشر في: 14 يونيو, 2011: 06:51 م

د. خالد السلطاني   معمار وأكاديمي أعترف باني مفتون بعمارة "مسجد جامعة بغداد" <1957-1961> (المعمار: فالتر غروبيوس و"تاك"). المسجد، الذي سبق وان ابديت اعجابي العميق بعمارته، في مقال نشر قبل سنوات؛ وكان بعنوان: "مسجد ما بعد الكولونيالية"، (الحوار المتمدن، العدد: 1226،
في 12/06/2005) مرحباً بلغته التصميمية الاستثنائية، ومكانة تلك اللغة ضمن مقاربات عمارة الحداثة؛ المقاربة التي توسمت بها ارهاصاً، لما سيسمى لاحقا  بمفهوم "مابعد الكولونيالية" Post- Colonialism . والمفهوم الاخير، مفهوم معرفي غير مشروط بفعل ثقافي محدد، وهو يتداخل مع انشطة ابستيمولوجية آخرى. غالبا "ما تكون غاصة بالاحاسيس الوجدانية والعاطفية والقيّمية.."؛ كما اشرت في ذلك المقال، مضيفاً بان ما بعد الكولونيالية تتطلع "..الى تهشيم نسق التراتب الهرمي للثقافات، الذي كان شائعاً قبلها. والاقرار بان الثقافة ، وفقا، لماري تريز عبد المسيح <الناقدة المصرية>، تتشكل من طبقات من المعرفة تتواجد معاً، ولا تلغي احداهما الأخرى..".لا تتوخى، بالطبع، هذه المقالة، تقديم وشرح مفهوم "مابعد الكولونيالية" معمارياً. ليس هذا هدفها. ما نهدف اليه،  نقدياً؛ تغدو، احياناً، ذات أهمية كبرى في انجاز ذلك المنتج ، وباعثاً اساسياً لظهورعمارته. ورغم ان الامر يبدو غريباً ومنطوياً على مفارقة، فان العمارة لا يحققها.. المعماريون!. صحيح ان المعماريين، هم الذين يعوّل عليهم " تخليق" الناتج المعماري، لكن "تحقيق" ذلك الناتج، يكون، عادة، رهناً بوجود عوامل شتى، قد لا يكون "المعمار" من ضمنها!.  كنت ، دائما، "امزح" مع طلابي، مذكرا بان "المتوكل": الخليفة العباسي العاشر، هو "معمار" ملوية جامع سامراء الشهير (848-851). اذ بفضل "تفهمه" وادراكه قيمة ما اقترح عليه، وقبوله صنيع معمار الملوية الفريد، نجد انفسنا الان، شهودا على تلك الهيئة التشكيلية الاستثنائية للمنارة، التي ما فتئت هيئتها المعبرة والمميزة، تعد مصدر الهام لكثر من المعماريين ، ذوي مرجعيات ثقافية واثنية وجغرافية مختلفة. وهل بالامكان "إغفال" قرار "معمار" آخر، (طالما نحن لانزال نتحدث عن "النشاط المعماري" للخلفاء العباسيين!)، عندما أقر المنصور "مخطط" مدينته الدائرية، (762)  بعد إن شاهد "نموذجها" التخطيطي، الذي اعده "الحجاج بن أرطأة" ومساعدوه، المرسوم بمقياس (واحد الى واحد)، والمعمول من حبات القطن المغمّسة بالزيت. وقد شاهد حدودها "الملتهبة"، مع حاشيته من منصة عالية شيدت لهذا الغرض، عندما اضرمت النيران في تلك الحبيبات القطنية. ليعتبر ذلك الحدث، بمثابة أول (وآخر!) "ماكيت" Maquette  معماري، يتم انجازه بمقياس حقيقي، في تاريخ العمارة العالمية، بصفحتها التخطيطية! وتشير دلالة المثالين السابقين، كما تظهر وقائع مماثلة عديدة في تاريخ العمارة، الى أهمية وضرورة حضور "الآخر"  غير المعماري، لتحقيق الناتج المعماري  واقعياً. بخلاف ذلك، وبدونه، فان المرء بمقدوره ان يتصور عديد الافكار المعمارية الجريئة والفريدة وغير النمطية، التي غُيبّت عن المشهد، وامست في غياهب النسيان؛ لان احداً "آخر" لم يكترث بها، ولم يفهمها او يتقبلها، وربما في حالة تقبلها او الاكتراث بها اوفهمها، لاتخذ مسار العمارة مسارا آخر، غير هذا الذي نشهده الآن. ومناسبة الحديث هذا، اطلاعي، مؤخراً، على "تداعيات" العملية التصميمية لمسجد الجامعة اياه، الذي اعتبر حدث تصميمه، من الاحداث المعمارية ذات الاهمية العالية في منجز تاريخ العمارة العالمية. فهيئته المرئية عن قرب تشير، كما كتبت عن عمارته في ذلك المقال، الى "...  هيئة لقبة "مغروسة" في الارض؛ أي عكس، تماما، ما ألفته المخيلة والعيون لرؤية  مسجد بقبة، قبة مرتفعة كثيرا  عن مستوى سطح الارض، ودائمأ  في الاعلى! . وربما  كان " تغيير " تراتبية عناصر المسجد ، واماكن توقيعها، خلافا ً لمنظومة التسلسل الحيّزي للمساجد المألوفة، هو الذي يرفع من الصيغة المرئية لمبنى مسجد الجامعة، لتكون عمارته حدثا تصميميا ً على جانب كبير من الابداع والتجديد. ولئن اقتنع المعمار بصوابية الفكرة المفترضة لمسجده، فانه يسارع لتحقيقها عبر اقتراح قبة خرسانية ضخمة ، يحدد دوران العقد المدبب فيها هيئتها الخارجية ، ... وهذة القبة الخرسانية الضخمة تستند  الى ثلاث  ركائز فقط  ، منحت المصمم امكانية عمل ثلاثة اقواس فسيحة اسفلها، وظفت بكفاءة لجهة فعالية الدخول الى حيّز  المسجد؛ الحيّز الذي يظل متسما  بفيض من الشفافية والخفة غير المتوقعتين. ومما يسهم في تكريس  تلك السمات في التكوين المقترح، قرار وجود الاحواض المائية الوا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تركيا.. إقرار قانون لجمع الكلاب الضالة

تقليص قائمة المرشحين لخوض الانتخابات مع كامالا هاريس

وزير التعليم يخول الجامعات بمعالجة الحالات الحرجة في الامتحان التنافسي للدراسات العليا

اليوم..مواجهة مصيرية لمنتخبي العراق والمغرب

تعرف على الأطعمة التي تحفز نشوء الحصى في الكلى

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram