عن: لوس انجلس تايمزبعد مقتل زوجها على أيدي مجهولين وجدت (سارة)، التي عملت سابقا مترجمة مع القوات الاميركية في العراق، أن حياتها قد تمزقت.الاستمرار في الحياة كان يعني بالنسبة لها تربية ولديها وإكمال دراستها. لقد جفت دموعها من على خديها الآن، لكنها لا تزال تنهمر تحت السطح كلما هاجت بها الذكريات.
عندما مر الباص قريبا من السجن الذي كانت محتجزة فيه قرابة أكثر من شهرين، حاولت ألا تنظر من النافذة. أحنت رأسها وراحت تدعو بالفرج لصديقاتها اللواتي لا زلن داخل السجن. في هذا السجن كانت تجلس وحيدة تفكر مع نفسها "عندما اخرج من هنا فأول ما سأفعله هو الحصول على الشهادة".كانت قد تركت الدراسة في الكلية وهي في سن الحادية والعشرين، كانت حينها متزوجة وتحمل طفلا في أحشائها. لقد مر وقت طويل على ذلك. الآن تعيش سارة حياة جديدة، بعيدة عن الاميركان والمليشيات والحرب التي كانت ترتعب منها. تقول "ان الأمر ليس سهلا، لكني اخترت أن أعيش". عملت معلمة في مدرسة تقع شرق بغداد.تجد سارة عزاءها في الأدب الألماني، وترتبط من خلاله بحياتها القديمة التي تركتها وراءها قبل عشرين عاما عندما تركت دراستها وصارت زوجة وأما. كان زوجها احمد ميكانيكيا، وقد تزوجا بالطريقة التقليدية. كان المطلوب منها أن تطيع زوجها وتتفرغ لتربية الأبناء. في 2003 سقط نظام صدام، وتفجرت التوترات الطائفية. تعرض بيتهم للدمار بقنبلة طائشة، وفقد احمد عمله وكان عليهم الهرب من المنطقة، ولأول مرة في حياتهما الزوجية يطلب منها احمد العثور على عمل.كانا بحاجة إلى المال والاميركان بحاجة إلى مترجمين، وكانت سارة تمتلك موهبة اللغة، حيث تعلمت شيئا منها من الأفلام والأغاني الأجنبية، فتقدمت للعمل مع الاميركان. في 2007 تم استخدامها في معسكر فالكون – وهو قاعدة عسكرية أميركية عملاقة تقع جنوب شرق بغداد. كانت كل العاملات العراقيات هناك يتخذن أسماء مستعارة لإخفاء هويتهن الحقيقية، فأصبح اسمها سارة.كانت خائفة في البداية وسرعان ما أثبتت أن لا قيمة لها، لكنها كانت تمتلك مهارة جعلت الآخرين ينفتحون لها ويتعاطفون معها.كانت تقوم بواجب الترجمة بين الضباط الاميركان وشيوخ العشائر والوجهاء خلال لقاءاتهم. ثم طلبوا منها المساعدة في إدخال مصادر المعلومات إلى القاعدة. قبل فترة، كانت سارة تشارك في التحقيق مع المعتقلين العراقيين، وتتفاخر بأنها تستطيع إيذاء المعتقلين وإيصالهم إلى درجة البكاء. كان الاميركان يطلقون عليها المرأة الحديدية بسترتها الواقية من الرصاص والنظارات الشمسية. في 2008 تعرض زوجها لإطلاق نار عند إحدى نقاط التفتيش أودى بحياته، ربما من قبل المليشيات المسلحة بسبب عمل زوجته مع الاميركان، فقررت السفر مع ولديها إلى أميركا وراحت تنتظر التأشيرة. لكن احد المخبرين السريين اتهمها بخداع الاميركان عن طريق إيصال المعلومات إلى نفس الميليشيات التي قتلت زوجها. وكانت النتيجة أن قضت حوالي أربعة شهور في السجون العراقية والأميركية التي تعج بالنساء، والتي تصفها سارة بأنها "في قعر الجحيم". ترجمة عبدالخالق علي
سارة المترجمة: الحياة تبدأ في قاعدة فالكون وتنتهي بقعر الجحيم
نشر في: 15 يونيو, 2011: 09:30 م