اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > الصحافة الثقافية.. خــبــــرة وتــصــــــورات

الصحافة الثقافية.. خــبــــرة وتــصــــــورات

نشر في: 18 يونيو, 2011: 05:10 م

عبد الزهرة زكي ربما كنت محظوظا، وأنا الذي أحسب دائما أن الحظ يجافيني، في صلتي الأولى بالصحافة الثقافية، حيث كنت فيها مدعوا إلى النشر قبل أن أتقدم إليه.في احد أيام العشرة الثانية من شهر أيار عام ألف وتسع مئة وخمسة وسبعين، كنت في حديقة مستشفى الثورة العام (مستشفى الإمام علي حالياً)
أتهيأ لامتحانات البكالوريا الإعدادية حين جاءني الصديق الشاعر الشهيد (أو المفقود، حيث لم يعرف مصيره بعد محاولة هروبه من البلد في مستهل الثمانينيات عن طريق كردستان العراق) غازي الفهد، وقال لي: إن الشاعر سعدي يوسف يريد أن تزوره في مكان عمله. درس من السبعينياتكنا، أنا وغازي، قد بدأنا معا مغامرة الدخول إلى عالم الشعر، التقينا صدفة في مهرجان طلابي للشعر، قرأ فيه معنا فاروق يوسف ومالك الواسطي وسلام الواسطي وآخرون لا أتذكرهم الآن..شعرنا في المهرجان، أنا وغازي، بأننا متقاربون فكريا، فبدأنا صداقة عميقة، بدأت بتخلي غازي عن قصيدة العمود الشعري، وواصلنا كتابة شعر التفعيلة، وكان كلانا يقرأ ويتأمل أكثر مما يكتب...يحتفظ غازي بنصوص لي وأحتفظ بنصوص له، ونتبادل الكتب، ومعا قرأنا عصر السريالية لوالاس فاولي والشعر والتجربة لأرشيبالد ماكلش وواقعية بلا ضفاف لروجيه غارودي، وهي كتب ثلاثة أذكرها بالتخصيص لكونها أسهمت في تشكيل وعينا الشعري المتحرك في شبابنا الغض آنذاك.سألت غازي مندهشا: "هل أنت جاد؟ وما الذي يريده مني سعدي يوسف، أنا طالب الإعدادية، وهو الشاعر الأكثر نجومية عراقيا وعربيا؟" وأجابني غازي: "يريد أن يستأذنك في نشر قصيدتك (هي تخشى البحر) في طريق الشعب"..ثم قال: "كانت معي وأراد أن يقرأ شعراً لشعراء شباب..عرضتها عليه، فطلب حضورك..".تساءلت وأجبت: ينشرها ويستأذنني؟ لينشرها..لكن فهمت من غازي الفهد حينها أن الأمر أكبر مما أتصور..ذهبنا في اليوم التالي إلى سعدي يوسف..وجدناه يبيض بخط يده الأنيق قصيدة جديدة له..أعطاني القصيدة بتواضع شاعر كبير، وطلب رأيي فيها. قلت جملتين أو ثلاثا، وأنا متلهف، أريد أن اترك الكلام له لأسمع ما يريد مني ومن قصيدتي..لم أفاجأ بطلبه الموافقة على نشر القصيدة..لكني فوجئت باستئذانه أن يكتب تقديما لها، ضمن زاويته الأسبوعية في طريق الشعب (قصيدة أحببتها) التي تتضمن نشر قصيدة مشفوعة بتوطئة مكثفة يسوغ فيها سعدي يوسف حبه واختياره لتمييز هذه القصيدة عن سواها مما ينشر من شعر في الجريدة. يومها كانت ثقافية طريق الشعب هي الأهم في صحافة العراق..وتتأتى أهميتها من  مجال نشر الشعر، في الأقل، من الضوابط الفنية الصارمة في الإختيار، وأن تنشر قصيدة في طريق الشعب يعني أنك في صباح اليوم مقروء من جميع أدباء ومثقفي العراق إضافة إلى قراء الجريدة النوعيين..شكرته مسبقا، غادرت ولم أصدق ما جرى حتى وقعت عيناي على القصيدة منشورة بعد يومين وقد تصدرتها توطئة الشاعر الكبير المكثفة التي أعدت قراءتها مرات حتى حفظتها عن ظهر قلب قبل أن ينسيني إياها تراكم السنين والمحن والمشقات.كانت تلك صلتي الأولى بالصحافة الثقافية، كنت فيها متعاملا مع تلك الصحافة وليس عاملا فيها..وكانت التجربة درسا بالنسبة لي بقي يحضرني طيلة عملي التالي في الصحافة الثقافية..تعلمت منه أن المحرر يسعى في جانب أساسي من عمله الى التحري عما يفيد سياسته في النشر ولا يبقى ينتظر فقط ما يصل إليه عبر البريد من كتاب ومشاركين، هم عادة يكتبون على وفق حاجاتهم ومتطلباتهم الثقافية وسواها، وليس بالضرورة أن تتوافق تلك الحاجات مع حاجات ومتطلبات الصفحة الثقافية وسياستها وطبيعة أهدافها..ولا تتوفر هوية خاصة بالصفحة أو المطبوع الثقافي بشكل عام من دون تلك السياسة والأهداف كما لا تتوفر على جمهور يتابعها ويتوقع منها ما يناسب حاجاته.محرر/ رقيب/ فاحصهذا المفهوم سيصطدم مع قناعات أخرى ويتعارض معها..فالكثير من القناعات، خصوصا لدى الزملاء الأدباء تذهب الى أن حرية وحق النشر يفرضان على المحرر أن ينشر كل ما هو صالح للنشر..المحرر على وفق هذا التصور هو مجرد رقيب أو قارئ أو فاحص نصوص جيد يقرر الصالح وغير الصالح لينشر ويرفض..وعلى وفق هذا التصور فإن الصفحة أو المطبوع هو نشرة عامة وجدار حر مفتوح، تجد فيه أنت، كقارئ، ما تحتاجه وما لا تحتاجه، ويرى هذا التصور أن مثل هذه السياسة تؤمّن جمهورا عريضا ومتنوعا للصفحة والمطبوع.لكن ليس في بال الصحافة وخبراء الإعلام أن جريدة ما، مجلة ما، إذاعة ما، أو تلفزيونا يمكنه استقطاب كل الجمهور..ذلك مستحيل باستحالة حصر اهتمامات الناس وثقافاتهم وحاجاتهم وحتى البيئة التي يحيون فيها..في العراق لا نتوفر على جهات تنظم بمهنية وحيادية استطلاعات عن اتجاهات الرأي العام، وينطبق هذا على الكثير من دول المنطقة والعالم المتخلف الذي لا يعير بالا للرأي العام ولا يقيم حساباته وسياساته على أساس اعتبار الرأي العام..لكن في الدول المتقدمة، خصوصا المتقدمة سياسيا، وأعني دول الديمقراطيات العتيدة، تشكل استطلاعات الرأي العام عاملا مهما وحاسما في التخطيط والعمل في معظم المجالات، ومن بينها المجال الإعلامي.في الإعلام تحرص الصحف والقنوات والإذاعات على متابعة موقف واتجاهات الرأي العام، وتجري هذه

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تركيا.. إقرار قانون لجمع الكلاب الضالة

تقليص قائمة المرشحين لخوض الانتخابات مع كامالا هاريس

وزير التعليم يخول الجامعات بمعالجة الحالات الحرجة في الامتحان التنافسي للدراسات العليا

اليوم..مواجهة مصيرية لمنتخبي العراق والمغرب

تعرف على الأطعمة التي تحفز نشوء الحصى في الكلى

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram