صبيح الحافظ كل الاتفاقيات التي تمت بين العراق والكويت منذ عام 1913 حتى تخطيط الحدود بموجب قرارات مجلس الأمن تمت بإقصاء الشعب العراقي وتغييب دوره، وغياب دوائره التمثيلية وعدم وجود مؤسساته الدستورية وعدم الاحتكام الى إرادته، حيث تمت وفق قرارات مجلس الأمن الأخيرة وهي: قرار رقم 687 لسنة 1991 وقرار رقم 773 لسنة 1992 وقرار رقم 833 لسنة 1993
حيث فرض فيها الغالب شروطه على المغلوب وبحسب مفهوم ( الإذعان) وليس لإرادة الشعب العراقي تمثيل فيها ، وأن العراق وافق عليها قهراً ومجبراً.وكان نتيجة لهذا القرار الأخير والذي يخص ترسيم الحدود بين العراق والكويت والتي يبلغ طولها (216) كيلو متراً ، حيث تم تشكيل لجنة دولية لترسيم الحدود ولم يكن العراق ممثلاً فيها مما دعاه الى رفض القرار في البداية ولكن عاد ووافق عليه أواخر عام 1994 عقب تعرضه لضغوط دولية مما أدى هذا الترسيم الجديد الى استقطاع أراض من ناحيتي صفوان وأم قصر الحدوديتين ، فضلاً عن تقليص مساحة المياه الإقليمية العراقية. ولو عدنا الى الوراء نجد أن حدود الكويت مع العراق مرت بثلاث مراحل وكل مرحلة تستقطع أجزاء كبيرة من الأراضي العراقية وضمها الى الأراضي الكويتية.تقع قرية كاظمة(الكويت) في منتصف الجادة الواصلة بين البحرين ومدينة البصرة العراقية وهي من ضمن ممتلكات الدولة العثمانية ، وبعد الحرب العالمية الأولى وسقوطها وتفكيك ولاياتها أصبحت الكويت محمية بريطانية بموجب اتفاقيات (لوزان)، وقد طالب حاكم الكويت آنذاك الشيخ مبارك الحكومة البريطانية بالاعتراف بالحدود مع العراق وهي ذات الحدود المذكورة في المفاوضات التي جرت بين بريطانيا والحكومة العثمانية سنة 1913 أي قبل سقوطها وتفكك ولاياتها حيث ثبتت حدود الكويت مع العراق الذي وافق عليها في منطقة تبدأ من مركز مدينة الكويت في نقطة (المرقاب) وبمسافة (25) كم منها وباتجاه العراق حتى منطقة يطلق عليها بـ(المطلاع) وقد وافق الطرفان على هذه الحدود حتى قيام ثورة 14/تموز/ 1958 ، وحينما طالب الزعيم عبد الكريم قاسم بضم الكويت الى العراق وفق مستندات وأوليات سابقة بأن الكويت هو قضاء تابع الى لواء البصرة حسب قرار الحكومة البريطانية باعتبار الكويت (قضاء) تابعاً إالى التقسيمات الإدارية العثمانية.وعند قيام الانقلاب العسكري عام 1963 الذي أودى بحياة الزعيم عبد الكريم قاسم وفشل مشروعه في ضم الكويت الى العراق تحسنت العلاقات الكويتية مع الانقلابين في العراق الذين اعترفوا باستقلال دولة الكويت وسيادتها التامة بحدودها السابقة ، بعد أن دفعت حكومة الكويت مبلغ(30) مليون دينار كويتي الى حكومة احمد حسن البكر مع إطلاق اسم عبد السلام محمد عارف على احد شوارع الكويت الرئيسية.وفي فترة لاحقة ونحن نتحدث عن الحدود العراقية الكويتية زحفت دولة الكويت من منطقة المطلاع باتجاه الأراضي العراقية بمسافة (76) كم طولاً حتى منطقة العبدلي وأنشأت في هذه المنطقة منشآت ومسقفات عديدة لخدمات الكمارك والجوازات وغيرها من المباني واعتبارها حدوداً جديدة مع العراق ، وهذه الحدود لا تبعد عن مدينة صفوان العراقية أكثر من نصف كيلو متر واحد فقط ، علماً أن هذه الحدود لم يجر عليها اتفاق رسمي مع العراق.من نتائج حرب الخليج الثانية التي أدت الى اندحار الجيش العراقي سنة 1991 أصدر مجلس الأمن مجموعة من القرارات المجحفة بحق العراق ومن أبرزها القرار رقم (833) المتضمن ترسيم حدود جديدة من قبل لجنة شكلها مجلس الأمن وبتأييد من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ولم يكن العراق ممثلاً فيها وإنما تم ترسيم الحدود من قبل طرف واحد فقط ، وكانت من نتائجه استقطاع أجزاء من مدينة صفوان بعد أن نسفت المباني الكمركية ومباني الجوازات وغيرها بالدنميت وساوتها مع الأرض لتصبح الأراضي كويتية ، أيضاً قامت الكويت باستقطاع أراض سكنية من مدينة أم قصر حيث استولت على (126) داراً لمواطنين عراقيين وضمتها الى أراضيها، ومن سخرية القدر اقترح ممثل دولة الكويت تعويض المواطنين العراقيين الذين سلبت دورهم بمبالغ يتفق عليها مع جهة محايدة، وكان هذا المقترح قد تم بين ممثل الكويت والأمم المتحدة ولم يكن العراق طرفاً فيه، متناسياً هذا الرجل أن المواطنين العراقيين لا يبيعون أوطانهم ولا يتقبلون التعويض.
إشكالية الحدود العراقية الكويتية
نشر في: 19 يونيو, 2011: 06:56 م