TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > المعارضة والمعادلة الديمقراطية

المعارضة والمعادلة الديمقراطية

نشر في: 20 يونيو, 2011: 06:05 م

ميعاد الطائيتتألف المعادلة الديمقراطية عادة في التجارب الناجحة في العالم من طرفين رئيسيين هما الحكومة والمعارضة حيث تقوم الأولى بالإعلان عن برنامجها الحكومي على الشعب وممثليه في البرلمان وتتعهد بتنفيذه وتقوم المعارضة والهيئات الرقابية الأخرى بالمقابل بمتابعة ومراقبة تنفيذ هذا البرنامج من قبل الحكومة .
وبعد ان غابت المعارضة كأحد طرفي المعادلة الديمقراطية عن المشهد العراقي على مدى دورتين انتخابيتين نجد اليوم ان الحكومة تضع البرنامج الحكومي وتحدد فترات لتقييم الوزراء تمثلت بفترة المئة يوم من ثم تقوم الحكومة نفسها بمتابعة وتقييم عملها بنفسها .ويحسب هذا العمل لصالح الحكومة ولكنه يعد نقطة ضعف على الديمقراطية العراقية التي فقدت الكثير من مقوماتها وممارساتها عندما قرر السياسيون تقاسم السلطة في حكومة الشراكة الوطنية وترك مقاعد المعارضة خالية ليتبنى الشعب دور الرقيب والمحاسب وتتحمل منظمات المجتمع المدني على عاتقها أعباء ثقيلة في إدارة هذا الملف،وكانت تظاهرات 25 شباط من أهم إفرازاتها بما حملته من تداعيات , الأمر الذي كان بالإمكان تفاديه لو كانت هناك معارضة داخل العملية السياسية تحمل هموم المواطن وتقوم بإيصال صوته الى البرلمان والحكومة .  من اجل ذلك انطلقت تظاهرات العراق لتدعو الى الإصلاح وليس للتغيير كما هو الحال مع تظاهرات الدول العربية الأخرى ،وهذا يؤكد لنا ان الشعب العراقي يسعى للمحافظة على المكتسبات الديمقراطية ويريد تعديل مسارها بما يضمن إفراز حكومة قوية بإمكانها ان تقدم الخدمات للشعب العراقي،ولقد تجلى ذلك واضحا من خلال الشعارات واللافتات التي حملها المتظاهرون حينها . ونرى ان في مقدمة هذه الإصلاحات يجب ان تكون مجموعة الأنظمة والقوانين والتشريعات التي تعتمد عليها العملية السياسية في وضع الخطط التنموية التي تحاول الحكومة من خلالها النهوض بالواقع الخدمي للمواطن ،وفي غياب هذه الإصلاحات ستبقى الخدمات متردية ولن نشهد أي تنمية اقتصادية في المستقبل القريب . ومن أهم الأنظمة والقوانين التي تحتاج الى مراجعة وتقييم في العملية الدستورية العراقية هو اختيار نظام الحكم المناسب للظروف العراقية , فبعد ان شهد العراق دورتين انتخابيتين على مدى السنوات الماضية ثبت لنا فشل النظام البرلماني في إنتاج حكومة قوية تقابلها معارضة قوية تستطيع ان تكون أمينة على مطالب الشعب وإيصالها الى الحكومة، وكل ما خرجنا به في الدورة الأولى حكومة محاصصة طائفية تم تقسيم المناصب فيها على أساس عرقي وطائفي , وفي الدورة الثانية لم يكن الحال أفضل حيث خرجنا بحكومة الشراكة الوطنية التي تأخرت أكثر من ثمانية أشهر على تشكيلها والتي زاد فيها عدد الوزارات ونواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء لنشهد ترهلا ،في الوقت الذي طالب الشعب بتخفيض عدد الوزارات ورواتب المسؤولين .  ولذلك إذا أردنا ان تكون الحكومة قوية تمتلك صلاحيات واسعة تستطيع من خلالها استثمار الموازنة وتترجمها الى خدمات للمواطن فعلينا معالجة المشكلة في النظام البرلماني والتوجه الى النظام الرئاسي المعمول به في الكثير من الديمقراطيات العالمية المتقدمة ،حيث يتم تصدي  القوى السياسية التي تحصل على اغلبية سياسية ( نصف + واحد ) من المقاعد للحكم وتنخرط القوى المتبقية لتلعب دور المعارضة التي تراقب عمل الحكومة وتمثل صوت الشعب في البرلمان وتقف مقابل حكومة قوية لتحميها من الوقوع في خطأ إساءة استخدام السلطة وفي نفس الوقت لحماية العملية الديمقراطية وعدم سقوط المعارضة في فخ المعارضة السلبية واتباع سياسة التسقيط السياسي ضد الحكومة مما يتسبب بهبوط مستوى الأداء السياسي للمعارضة.ولعل المتابع للمشهد العراقي يجد إن طبيعة التنوع الاجتماعي والعرقي والديني للمجتمع العراقي وطبيعة الصراع السياسي على السلطة بالإضافة إلى طبيعة النظم الانتخابية التي تدير العملية السياسية تفرض علينا غياب المعارضة الحقيقية ، وبالتالي سنشهد تأخرًا في إحراز تقدم ملموس في العراق على الأقل في المستقبل المنظور في غياب الإصلاحات السياسية ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram