اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > المقامة الواسطية واحتفالية المسرح..ملاحظات ليست نقدية

المقامة الواسطية واحتفالية المسرح..ملاحظات ليست نقدية

نشر في: 20 يونيو, 2011: 06:14 م

أ.د.يوسف رشيدتمتد ما بين المقامة بوصفها فنا أدبيا وبين الاحتفالية والمسرح الملحمي خطوط في الالتقاء لأنها تشترك جميعا بخيوط التواصلية في عرضها وبصياغات قد يختلف بعضها عن البعض، إلا أن عنصر التشاركية مع المتلقي يظل الوشيجة الأساس على المستوى العلائقي ووضع القيمة التراثية والشعبية واشتغال الموروث الذي هو في صدارة الموصفات الفكرية لكل منها.
وبعد أن تطور فن المسرح الذي سبق له أن تعامل مع كل فن من هذه الفنون على حدة بات في الوقت الحاضر يسعى إلى استنفار الكوامن الإبداعية التي تنطوي عليها هذه الفنون وإعادة إنتاجها في شكل فني جديد وذلك ما عمد إليه (عقيل مهدي) مؤلفا و (زهير كاظم) مخرجا من خلال مسرحيتهما الأخيرة (المقامة الواسطية) في عرض مسرحي اتسم بالخفة والجمال مستعيرا للفكرة من موروث مقامات  (الحريري) وعلى لسان شخصية (أبو زيد السروجي) ومن الاحتفالية التي كان أول من نظر لها الباحث والكاتب المغربي (عبد الكريم برشيد) ونسج على منوالها إخراجاً    (الطيب الصديقي) من المغرب و (قاسم محمد) من العراق وصولا إلى المخرج (زهير كاظم) في تجارب احتفالية سابقة عديدة كان آخرها هذا العرض _ المقامة الواسطية – والذي ظلت الاحتفالية العربية تشكل هاجسا إبداعيا لا ينفك عن التفكير فيه والاشتغال عليه لاهتمامه بالموروث العربي للمسرح وما في هذا النمط من تشاركيه في الفعل وفضاءات للنقد اللاذع وفي أجواء من الشعر والأغاني والألحان عبر مساحة من الإبداع التمثيلي وجمال الحركات والتكوينات . لقد كانت البدايات الأولى للمخرج (زهير كاظم) منذ ثمانينات  القرن الماضي حينما قدم أول عرض احتفالي له تأليفاً وإخراجاً وهي مسرحية       (حدث ولن يحدث) ، ثم اجتهد بعد ذلك في تقديم نموذج للمسرح الاحتفالي تأليفا وإخراجاً في مهرجان المسرح العربي الثاني وهي مسرحية (طواف أبي عثمان حول الأمس والآن) والتي عقب عليها آنذاك (عبد الكريم برشيد) في الجلسة النقدية المخصصة لها بقوله : هذه المسرحية  ( تجربة جديدة تستمد جدتها من انحيازها المطلق للوجدان العربي ، ومن اختيارها للذات .... الذات المحملة بكل محمولاتها الفكرية والطقوسية والعقلانية المختلفة ، هذه الأرضية كانت نوعا من التجريب التأسيسي ، أي التجريب الذي يحاول أن يعطي المسرح العربي أصولا جمالية جديدة). ولعل بنية النص الذي كتبه هذه المرة (عقيل مهدي) بطريقته التي تنتمي إلى الأسلوب النقدي (لتشخوف) أحيانا (ولبرشت) أحيانا أخرى رأى في الشكل الذي اسماه بالمقامة قد هيأ للمخرج (زهير كاظم) إمكانية استنفار جميع الوسائل المتاحة إخراجياً للاشتغال على منطقتي التراث والمعاصرة في آن معا ، جامعا بين خصائص المقامة والشكل الاحتفالي باستدعاء قصدي لبطل مقامات الحريري (أبو زيد السروجي) وإقحام راو معاصر على طريقة (برشت) ليُفعل من خلاله قصدية العرض في التصدي لذلك التداخل بين اليومي والهم الجمعي الذي شكل بؤرة المهيمنات الفكرية التي تمحور حولها العرض المسرحي ، مع اجتهاد ومخاتلة فكرية في مسرحة هموم الوطن قدر الإمكان من خلال توظيف خامات أدائية طالما عملت معه في عروض سابقة ، وجلهم من تلامذته ، ولذلك كانت تلك الخامات فاعلة بما يتناسب وطبيعة مهماتها في العرض من رقص وغناء وعزف موسيقى وإحساس راق في أداء الشخصيات وتناغم مثير في أفعالها وحركاتها المتجانسة والمكملة مع حركات وتكوينات المجاميع المسرحية التي شكلت بحق شخصية محورية وأساسية  في العرض بالإضافة إلى المؤدين الرئيسيين (جاسم محمد وأحمد عوني وزياد الهلالي ونوال أحمد) وجميعهم نشهد لهم بعمق وتعدد المواهب والقابليات .لقد توافر النص الذي استضاف (أبو زيد السروجي) في المقامة الواسطية التي اجترحها المؤلف لتكون شكلا مميزا لمقامة هي غير المألوفة في اشتغالها على استبدال الحاضر اليومي بالتراثي مستفيدا من الحكايات التي توافر عليها النص الذي كان فيه إمكانية أكبر على الاستعارة من الموروث بما يتفق والمعالجات للواقع الآن .فالعرض يبدأ من سياق المقامة البنائي كنص أدبي حيث الراوي يلعب دورا كبيرا في بيان الصورة الحقيقية للبطل وما يتسم به من سمات تتجاوز المألوف ، فالبطل فعلا هو ليس شخصية واقعية بقدر ما هي تعبير عن معظم الناس الذين هم على شاكلتها ، كما أن هناك تقارباً بين فعل الراوي في هذه المقامة مع وظيفته في المسرح الملحمي ، إلا انه هنا يساهم على وفق ما ورد في المقامة بتطور الأحداث فضلا عن روايتها .وقد استضاف العرض أكثر من عشرة ممثلين شكل المخرج من خلالهم المجاميع التي أسهمت في تجسيد الأفعال وكأنما هم الجمهور الذي ينبغي أن يوجد ضمنا داخل النص مضافا إليه ما تميز به العرض في هذا الشأن من إشراك للجمهور على الطريقة الملحمية رغم انه عدهم شعب واسط في المقامة المعروضة .وعليه فقد أظهر المخرج حرفية أكاديمية في تمكنه من المسرح الاحتفالي من ناحية ومن المسرح الملحمي من الناحية الأخرى حيث اشتغل على منطقة الإيحاء الإيمائي (الجست) في أكثر من مشهد كما عمد إلى الدفع على إعمال الفكر وتوظيف منهجية الاشتغال على مسرح (برشت) ،  وقد حاول المخرج فعلا وبجدية أن يؤشر حضورا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تركيا.. إقرار قانون لجمع الكلاب الضالة

تقليص قائمة المرشحين لخوض الانتخابات مع كامالا هاريس

وزير التعليم يخول الجامعات بمعالجة الحالات الحرجة في الامتحان التنافسي للدراسات العليا

اليوم..مواجهة مصيرية لمنتخبي العراق والمغرب

تعرف على الأطعمة التي تحفز نشوء الحصى في الكلى

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram