متابعة/ المدىتهدد المعاناة المتواصلة التي يعيشها صيادو الأسماك في منطقة الفاو في أقصى جنوب العراق، وأبرزها تجاوزات دوريات البحرية الإيرانية والكويتية، بانقراض هذه المهنة التي تمثل المورد الاقتصادي الرئيسي لمعيشتهم. ويروى محمد حسين (50 عاما) احد أقدم الصيادين في الفاو "لقد كنا نجني الكثير من صيد الاسماك وكانت افضل مهنة في الفاو".
ويتذكر "كان هناك اكثر من 600 زورق صيد هنا ولكن لم يبق إلا اقل من 400 زورق الآن فقد ترك ما لا يقل عن ألفي صياد عملهم للبحث عن عمل آخر". ويتابع بحسرة "كانت مياه الفاو، التي تضم مياه نهري دجلة والفرات، تجمع مئات الصيادين الذين عاشوا من الصيد الوفير براحة وسعادة على مر السنين".ويرى حسين أن السبب الرئيسي "لهجرة الصيادين هو شح الصيد بسبب المضايقات المستمرة من الدوريات الإيرانية والكويتية وقلة الوقود".وأكد أن "الدوريات الإيرانية تعتقل أي صياد يعمل في الجانب العراقي وتضربه بقسوة وأحيانا تحتجزه لديها لاشهر دون سبب".واعتقلت دوريات حماية السواحل الإيرانية في أيار 2010 تسعة صيادي اسماك عراقيين قالت إنهم دخلوا المياه الإقليمية الإيرانية. واتفق العراق والكويت مطلع العام الحالي على البحث في سبل حل النزاعات المتعلقة بالصيد بعد اشتباك في العاشر من كانون الثاني بين حرس السواحل وصياديين عراقيين أدى إلى مقتل احد خفر السواحل الكويتيين.ويؤكد حسين أن الصيد "كان أفضل قبل 2003 لان الصياد كان يتمتع بالأمن والوقود وغيرها من الأمور، كما أن دوريات دول الجوار لم تكن تتجرأ على دخول المياه الإقليمية العراقية" الواقعة تحت حراسة البحرية العراقية التي يعاد تشكيلها بعدما حلت بالكامل بعد 2003. ويبدو أن صيادي الفاو أصبحوا كالأسماك التي تقع في شباكهم، ضحية النزاعات في المياه الإقليمية الحدودية مع إيران والكويت. وفقد تواجه العراق وإيران في حرب مع إيران على مدى ثمانية أعوام (1980-1988) بسبب النزاعات على أمور مختلفة، من بينها الحدود والمياه المشتركة.كذلك لا تزال النزاعات البحرية مع الكويت دون حل لأسباب عدة، من بينها مرارة غزو نظام صدام حسين للكويت عام 1990 الذي أدى إلى اندلاع حرب الخليج الأولى. ويروي ثجيل نبت فيلح قائلا "اعمل في الصيد منذ كان عمري 18 عاما ولكني لم أرَ شيئا شبيها لما يحدث اليوم"، ويضيف "رأيت بنفسي دورية إيرانية تدخل المياه العراقية وتضرب الصيادين وتحطم معداتهم ولا احد يحميهم". ويتابع "يتسبب الكويتيون بمعاناة مماثلة لان الصيادين يتعرضون كذلك للاهانة والضرب من قبل الدوريات الكويتية". ويقول بدران عيسى التميمي رئيس جمعية النصر لصيادي الأسماك في الفاو، ان "اسعار الوقود تعد مشكلة إضافية" تثقل كاهل الصيادين. ويوضح "قبل سقوط النظام السابق كان كل صياد يحصل على 220 لترا في مقابل ثلاثة آلاف دينار (حوالي دولار واحد آنذاك) اما الآن فيشتري الكمية نفسها بثمانين ألف دينار (حوالي 75 دولارا)". ويؤكد أن "الكثير من الصيادين الذين استطاعوا العثور على عمل كسائقي سيارات أجرة أو بائعين في محل أو العيش في مناطق أخرى، تركوا مهنة الصيد". ويشير إلى انه "لم يبق من الصيادين سوى من يسكن الفاو أو من لا يعرف سوى مهنة الصيد" لكسب رزقه.
بحرية الجوار تصعب أزمة ترسيم الحدود
نشر في: 22 يونيو, 2011: 08:30 م