متابعة/ المدى لعل ما ينشر من تقارير بشأن اتساع رقعة تعاطي المخدرات في العراق أو ما تتناوله تلك التقارير من تحول العراق الى ممر لنقل المخدرات من ايران باتجاه الدول العربية دفع الحكومة الى اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من التعامل بها وهي ما يصفها البعض بالخطوات المتأخرة.
فقبل عام 2003 كان العراق يصنف على انه ضمن البلدان التي تتميز بعدم وجود المخدرات والذي يعود الى القوانين الصارمة التي كانت تطبق ضد كل من يثبت تورطه بنقل أو تعاطي المخدرات، لكن بعد عام 2003 وخلال سنوات تردي الوضع الامني اتخذت بعض عصابات المخدرات للأراضي العراقية منطقة عبور للمخدرات من دول الشرق (تحديدا أفغانستان وباكستان وإيران) باتجاه الخليج العربي والجزيرة العربية ودول حوض البحر الأبيض المتوسط والى أوروبا، وبرز مؤخرا تهديد خطر بإمكانية تحوّل العراق من مجرد ساحة للعبور إلى منطقة للطلب والاستهلاك والزراعة، وهو الذي دفع الحكومة الى وضع معالجات عاجلة له. وزارة الزراعة نفت التقارير التي اشارت الى وجود مزارع لنباتات مخدرة مثل الخشخاش، والداتورة، وغيرها، وأكدت ان لجنة مختصة عالية المستوى شكلت للمراقبة الدقيقة لجميع الحقول في المحافظات.وفي هذا الاطار يقول الوكيل الفني لوزارة الزراعة مهدي ضمد لوكالة (بغداد بوست)، إن "الامانة العامة لمجلس الوزراء شكلت لجنة برئاسة وزارة الزراعة وعضوية وزارتي الصحة والتعليم العالي للتأكد من التقارير التي تثار بشأن وجود بعض المزارع لنباتات مخدرة في عدد من المحافظات"، مشيرا الى أن "اللجنة وبعد دراسة ميدانية لغالبية المحافظات رفعت توصياتها الى الامانة العامة لمجلس الوزراء وعلى أثرها عممت وزارة الزراعة الى جميع مديرياتها في المحافظات بمتابعة الموضوع ميدانيا".ويوضح ضمد أن "النتائج الاخيرة التي تم الحصول عليها أثبتت عدم وجود مزارع للنباتات المخدرة وأن ماتم العثور عليها هي نباتات طبيعية تم اتلافها فورا وإدخالها في سجلات خاصة".ويشير ضمد المكلف برئاسة لجنة تقصي الحقائق حول انتشار مزارع النباتات المخدرة أن "الوضع في العراق من ناحية زراعة النباتات المخدرة مسيطر عليه".وبالرغم من ان المسؤولين في وزارة الزراعة يؤكدون السيطرة على زراعة النباتات المخدرة، الا ان وزارتي الصحة والداخلية غير قادرتين على إيقاف المتعاطين للمواد المخدرة.ففي مسح اجرته وزارة الصحة عام 2008 وشمل عشر محافظات تم تسجيل (1462) حالة ادمان، وبلغ عدد الذكور منهم (1410) فيما بلغ عدد النساء (52) وقد وزعت الحالات بواقع (61) حالة ادمان تحت عمر 17 سنة و1401 فوق عمر 17 سنة فيما بلغت حالات الرقود 180 حالة فقط.وسجلت محافظة بغداد اعلى نسبة حيث بلغ عدد المدمنين 468 حالة منها 26 حالة من الاناث تلتها ثانيا محافظة البصرة 329 حالة ادمان والنجف ثالثا 249 تلتها المحافظات الباقية.ويعد الادمان الدوائي هو المشكلة الاكبر في العراق، حيث بلغت 74% يليه الادمان الكحولي بواقع 24% والحشيش بواقع 1.4%فالتقارير العالمية تؤكد أن العراق لم يعد محطة "ترانزيت" للمخدرات ، بل تحول إلى منطقة توزيع وتهريب، وأصبح معظم تجار المخدرات في شرق آسيا يوجهون بضاعتهم نحو العراق، ومن ثم يتم شحنها إلى الشمال، حيث تركيا والبلقان وأوروبا الشرقية، وإلى الجنوب والغرب، حيث دول الخليج وشمال أفريقيا.ولعل ما ذكرته التقارير الدولية بأن محافظة البصرة تعد مركز المرور الرئيس للمواد المخدرة أكدته الجهات المسؤولة.واكد رئيس اللجنة الامنية علي غانم المالكي في مجلس المحافظة إن "محافظة البصرة كانت منذ زمن النظام السابق ممرا للمخدرات، على اعتبارها انها تمتلك حدوداً طويلة مع عدة دول منها ايران"، مشيرا الى أن "النظام السابق قام بعد حرب الخليج بتهريب المخدرات الى الكويت لتدمير الشعب الكويتي وهذه موثقة لدينا".واوضح المالكي أن "القوات الامنية في محافظة البصرة اعتقلت مطلع الشهر الجاري شخصا كان ملقى على شاطئ المياه الاقليمية العراقية وتبين انه افغاني الجنسية ويمتهن تجارة المخدرات".وتابع المالكي أنه "على مستوى محافظة البصرة لاوجود لتجارة المخدرات او تعاطيها".وتعترف منظمة الشرطة الدولية (الانتربول) بان ما يضبط في العالم (من أنواع المخدرات) لا يشكل سوى 10% من الحجم الحقيقي لتداول المخدرات، وتفرعت عنها جرائم خطيرة مثل (غسل الأموال) و(الجريمة المنظمة) و(الاتجار بالأسلحة) و(الإفساد الإداري) و(تزوير الوثائق) وغيرها من الجرائم الخطيرة المرتبطة بتجارة وتهريب وتصنيع المخدرات، وأصبحت تجارة المخدرات أحد أبرز مصادر تمويل النشاطات الإرهابية.
المخدرات تغزو العراق.. والسلطات تفكر بحرب مضادة
نشر في: 23 يونيو, 2011: 06:32 م