TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > المصالحة الوطنية.. بين النجاح والتحديات

المصالحة الوطنية.. بين النجاح والتحديات

نشر في: 25 يونيو, 2011: 06:11 م

حسين علي الحمدانيكيف ننظر للمصالحة الوطنية في العراق اليوم؟ وما حظوظ نجاحها حاليا؟ وهل ثمة تحديات تواجه مشروع المصالحة الوطنية؟على الرغم من بعض العمليات الإرهابية التي ما زالت تحدث هنا وهناك في أماكن مختلفة من العراق، إلا أن المتتبع للشأن العراقي، لا يسعه إلا أن يعترف أن لا مجال للموازنة بين ما كان يحدث في السنوات الماضية، وبين حالة اليوم الأمنية .
فمظاهر الحركة والحيوية وورش العمل المنتشرة في كل مكان، أصبحت اليوم واضحة للعيان في كل مكان، وفي كل المجالات الخدمية منها، والإنتاجية، والاستثمارية، وإن لم تكن بالضرورة تعبر عن تطور اجتماعي واقتصادي كبير، إلا أنها دليل قاطع على نهاية عهد الرعب الذي ميز السنوات الماضية، وبخاصة الممتدة من عام 2005 حتى عام 2008، تلك السنوات التي وقف فيها العراق على شفا الحرب الأهلية .واليوم نجد أن مشروع المصالحة الوطنية يقطع شوطا كبيرا، من خلال عدم استثناء أحد، إلا من يريد هو أن يستثني نفسه، أو من قام الدستور العراقي باستثناء له، وبخاصة حزب البعث المنحل والمحظور، بموجب المادة السابعة من الدستور العراقي.وبالتأكيد، فإن المصالحة الوطنية تمثل حالة يجب أن نصل إليها في العراق، بعد ثماني سنوات من التغيير، حالة من شأنها أن توحد الصف العراقي في هذه المرحلة. وهي تمثل إعادة نوع من السلم والاستقرار المدني للمجتمع العراقي، الذي عانى طيلة السنوات المنصرمة من أهوال الإرهابوالمصالحة الوطنية ينظر لها كثير من السياسيين برؤية مختلفة، فالأحزاب الإسلامية ،وبخاصة الشيعية منها، لها رؤيتها القائمة على أن الحوار ممكن مع الفصائل المسلحة البعيدة فكريا عن البعث، وأجنحته، ومن ثم فإن هذه الفصائل يمكن الحوار معها، والوصول إلى مقاربات من شأنها أن تساعد في إنجاح مشروع المصالحة الوطنية، واندماج هذه الفئات في المجتمع العراقي. ولكن ليس على حساب العملية السياسية نفسها، ومن ثم فإن النظرة إلى المصالحة هنا، تأتي من كونها اجتماعية، تندرج في باب إعادة تأهيل المغرر بهم، وإدماجهم في المجتمع العراقي، بشكل صحيح. وهذه الرؤية تقطع الطريق أمام المنتمين إلى حزب البعث، المتحالفين مع القاعدة بشكل كبير جدا، ومن الذين تلطخت أيديهم بدماء الشعب العراقي، من أن يكونوا جزءا من المصالحة الوطنية، وهذا ما ثبُت في الدستور العراق، وما تأكد أكثر في قانون حظر البعث، هذا القانون الذي سيقدمه مجلس الوزراء إلى البرلمان، في دورته التشريعية القادمة، وهو ـ بعد ذلك ـ يمثل نقطة اتفقت عليها التيارات السياسية على الفصل بين التنظيمات الأخرى والبعثيين، وعلى ما يبدو فإن هذا الفصل نجح ـ بشكل كبير ـ في جر كثير من الفصائل إلى الحوار مع الحكومة، وتجسد ذلك في مؤتمر المصالحة الثاني، الذي شهد تواجد فصائل مسلحة كثيرة، كانت ـ إلى وقت قريب ـ تحمل السلاح بشكل علني . فيما نجد القوى السياسية الأخرى، وفي مقدمتها القائمة العراقية، ترى أن المصالحة الوطنية مشروع مطروح، لكنه يسير ببطء شديد  ، من دون أن توفر المصالحة الوطنية حماية لمن يلقي السلاح، وعلى الرغم من أن هذا الرأي لا يمكن أن يصدر من جهة سياسية، هي جزء مهم من السلطتين؛ التشريعية، والتنفيذية، إلا أنه في الوقت نفسه، يمثل هاجس كثير من الفصائل المسلحة التي ما زالت تعتريها بعض الشكوك، في نيات الحكومة، في التعامل معها، وبخاصة إن هذه الفصائل حين تندمج بالعمل المجتمعي، فإنها ستكون هدفا لتنظيمات القاعدة والبعثيين، كما حدث مع (الصحوات)، وإن بعض هذه الفصائل تنظر إلى المصالحة على إنها باب للدخول في الحكومة، والحصول على مناصب في هذه الوزارة أو تلك، وهذه نقطة اختلاف كبيرة جدا بين الأحزاب الدينية الممثلة في التحالف الوطني، التي تجد ـ كما قلناـ أن المصالحة أساسها مصالحة مجتمعية، لا علاقة لها بالمناصب، والسبب ـ كما يبدو ـ يكمن في فلسفة المصالحة نفسها، حيث يجب أن تكون قائمة على قناعات، وليس على مغريات مادية،  أو مكاسب،  أو مناصب، وهذه الرؤية هي الأقرب إلى القبول، حتى في الشارع العراقي المثخن بالجراح.  وتبدو حظوظ نجاح مشروع المصالحة الوطنية كبيرة ـ إلى حد ماـ في هذه الحقبة، التي تشهد تغييرات سياسية كبيرة في دول الجوار العراقي، التي كانت، وما زال بعضها يمثل ملاذا آمنا لكثير من قيادات هذه التنظيمات، ومن البديهي جدا إن كثيرا من هذه الفصائل وجدت نفسها بحاجة لأن تكون جزءا إيجابيا من مشروع، ظلت لسنوات ترفضه، وتتعامل معه على أنه لا يمثلها، أو لا يمثل طموحها، ولا يمكن أن تجد نفسها ضمن هذا الإطار، ولكن اليوم نجد أن كثيرا من المتغيرات قد حصلت، وبات على هذه الفصائل البحث عن آليات الخروج الآمن .ومع هذا، فإن ثمة تحديات تواجه مشروع المصالحة الوطنية، وأول هذه التحديات تكمن في تغيير المفاهيم الفكرية لهذه الفصائل، بما يتناسب والعراق الجديد أولا، وثانيا محاولة استيعاب عناصر هذه الفصائل، وإدماجهم بالحياة العامة، من خلال منحهم بعض الوظائف في الدوائر والمؤسسات الخدمية، وثالثا ـ وهي الأكثر ـ الأهمية التي تكمن في أن يتم التعامل معهم على أساس المواطنة، بعيدا عن الهويات الفرعية، والثانوية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram