كتب/ رعد العراقي كبير يا عراق بأبنائك الأبطال حين يُستثارون في لحظة تحد ٍ من اجل فرحة جماهيرهم الوفية ، إنهم ينتزعون الفوز بنكهة لا يعرفها إلا من خفق قلبه حبا بالوطن وعشق كل ألوان الصعاب فيمشي في ارض خصومه نحو النصر واثق الخطوة ملكاً.
نعم تلك حقيقة سجلها التاريخ من قبل بأحرف من ذهب حين سطّر منتخب شباب العراق عام 1977على ذات الملعب ملحمة لا يمكن أن ينساها الإيرانيون قبل العراقيين واحتضنوا كأس آسيا للشباب أمام عيون أكثر من مئة ألف متفرج إيراني جاءت لتحتفل بالفوز يتقدمهم ابن الشاه لكنهم اصطدموا بغيرة وعزيمة حسين سعيد ورفاقه. قد يكون فوز المنتخب الاولمبي طبيعياً نتيجة تقارب مستوى الكرة بين البلدين إلا انه كبير ومهم بحساب النتيجة واهميتها في التأهل لمرحلة المجموعات من جانب ، وعودة الروح والعزيمة للاعب العراقي ومواجهة الخصم بقلب من حديد لا تثنيه رهبة الارض والجماهير من جانب آخر، اما اهم ما تحقق فهو ظهور حقيقة مستوى جيل كروي كادت المشاكل وسوء التخطيط والاستعداد تذهب به إلى غياهب النسيان والشعور بالخيبة والعجز إلا انهم تداركوا الامر ووضعوا نصب أعينهم مصلحة البلد ومستقبلهم الكروي مستعينين بالله وملتزمين بدقة تعليمات ربان سفينتهم الذي استحضر خلال ايام قليلة كل خطط اللعب المناسبة لإيقاف المنتخب الايراني وطرق شباكه عبر لدغات ميتة تفقده التوازن وتسقطه من أبراج الغرور التي ظن انه سيمكث بها طويلا! الشيء المفرح ان منتخبنا الاولمبي اجتاز خطوته الاولى ممراً صعبا باعتراف الكثير من المحللين وهو دليل على امتلاكه عناصر لا يستهان بها عكس بقية المنتخبات الآسيوية التي لم تجد اغلبها مشاكل في تخطيها الدور الاول ، وبالتالي فان تواجده في دوري المجموعات سيشكل عقبة كبيرة امام فرق مجموعته وتمنحه مكانة نفسية تصب في مصلحته وتجبر الفرق الاخرى على اللعب بحذر أمامه. إن المرحلة المقبلة تتطلب إعادة التفكير في كيفية إعداد المنتخب الاولمبي وتوفير كل اشكال الدعم المعنوي والمادي له من اجل الدخول بقوة الى منافسات التأهل الى لندن 2012 وتكون المرحلة العصيبة التي رافقت تأهله درساً لكل الجهات المعنية من خلال احترام الوقت والكيفية وإنهاء كل المعوقات من تفرغ اللاعبين واختيار المعسكرات التدريبية والمباريات الودية ورفع الجانبين البدني والفني لمستوى الجاهزية القصوى بمنهاج علمي مدروس يحقق الدخول بقوة الى المنافسات الحاسمة وصولا الى ضمان تصدر المجموعة والتواجد للمرة الخامسة في الاولمبياد العالمية. الصراحة ان لاعبي منتخبنا الوطني وملاكه التدريبي قد انقذوا ماء وجه الكرة العراقية بجهودهم الذاتية وبذات الوقت رفع الحرج عن كل الجهات المسؤولة التي ادارت ظهرها عنه في ازمته خلال فترة الاستعداد وتنصلت عن واجباتها وتركته يصارع مع الزمن والفقر الإعدادي وغياب الدعم المادي وحتى الملاعب المناسبة التي يمكن ان يؤدي به مرانه وحين فشل المنتخب في مباراة الذهاب ساد الصمت على الجميع واختفت اصوات كانت بالأمس تفاخر بأنها لا تدخر جهداً في مساعدة المنتخبات الوطنية من دون ان نرى منها فعلا حقيقيا! اليوم الفرحة الحقيقة هي من حق الجماهير الكروية واللاعبين وملاكهم التدريبي، لأنهم وحدهم كانوا يقطرون دماً قبل وخلال المبارة المصيرية اما من غاب عن المشهد وجوداً ملموساً او معنوياً فانه لابد ان يبقى تحت المسؤولية في التهرب من واجباته واستخدامه لقضية المهمة الوطنية كأوراق شخصية وغايات ضيقة وتصفية لحسابات قديمة! وكما قلنا في احد موضوعاتنا سابقا ان من غاب فعله اوقات الشدة لا نحتاج اليوم الى ابتسامته المزيفة تعبيراً عن فرح الفوز! مبارك لأسود الرافدين هذا الإنجاز الذي لم يقف بطريقه لا تقصير المسؤولين ولا خطورة الموقف ولارهبة وهدير جماهير الملعب المخيف ، ولا حتى استفزاز الجانب الإيراني بالتعامل السيئ مع رئيس الوفد وحرمان المنتخب الاولمبي من رؤية علم وطنهم يرفرف امام انظارهم ووسط ملعبهم ! لقد اطلق لاعبي منتخبنا الاولمبي صرخة 30 مليون عراقي في طهران واثبتوا انهم يحملون رسم الوطن بقلوبهم وعقولهم مهما تجلت المصاعب وتلاعب الزمن بالمواقف وتصور البعض ان اسود العراق يمكن ان تروّض وترتعب في آزادي. وقفة : فرحة الجماهير العراقية بالفوز كانت ممزوجة بالفخر والإعتزاز .. لاعبون لا يعرفون الخوف وخصم استسلم للواقع .. ومحطات فضائية عادت الى التذكير بالإصرار العراقي الذي يعشق المستحيل.
الأولمبي البطل.. أطلق 30 مليون عراقي صرخة في آزادي!
نشر في: 3 يوليو, 2011: 05:56 م