اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > المشكلة الغذائية فـي العالم

المشكلة الغذائية فـي العالم

نشر في: 4 يوليو, 2011: 05:44 م

أوس عز الدين عباس ثمة في العالم اليوم مليار ومئة مليون إنسان (( أي سدس البشرية )) تقريبا يعانون من الجوع وسوء التغذية ، وحسب معطيات الأمم المتحدة ، فإن سبعة ملايين طفل يموتون سنويا بسبب الجوع ، أي حوالي ألف طفل في اليوم الواحد ، أي طفل واحد خلال كل خمس ثوان، إنه رقم مرعب، يصعب تصديقه ، ولكنه مع الأسف الشديد حقيقي ، ويصفع بواقعيته كل ضمير حي.
إن كل ذلك يحدث في وقت ينتج فيه العالم ما يكفي لإطعام كل سكان كوكب الأرض، فنحن اليوم لا نعيش في عالم الندرة، إذ إن الثورة الصناعية بداية، ومن ثم الثورة العلمية المعرفية والتكنولوجية وتطبيقاتها الزراعية، حررت المجتمع من ((الندرة الاقتصادية))، وأزالت التناقض بين تزايد عدد السكان ، وبين توفر الغذاء لإطعام الأعداد المتزايدة منهم ، فقد بات الاقتصاد العالمي اليوم قادراً على إنتاج كميات من السلع والغذاء بكمية كافية لتأمين حاجات كل سكان العالم وإبعاد خطر الجوع عنهم ، غير أن المشكلة لا تكمن فقط في الإنتاج وفي زيادة فعاليته، بقدر ما تكمن في التوزيع المتفاوت للموارد والثـروات والإمكانات، إذ إن (( 10% )) فقط من ثروات أصحاب المليارات في العالم كافية لسد حاجات مليار فقير من الغذاء والمتطلبات الأولية لحياة كريمة .وتعتبر المشكلة الغذائية في العالم واحدة من المشكلات الكونية التي تواجهها البشرية جمعاء ، لا بل ربما أكثرها حدة في عصرنا الحالي ، كونها تمس مباشرة حياة وبقاء مئات الملايين من الناس، وتظهر معطيات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (( الفاو )) مدى حدة وحجم هذه المشكلة ، حيث تشير هذه المعطيات إلى إن عشرات الملايين في العالم مهددون بالموت اليوم ، بسبب الجوع والأمراض الناجمة عن سوء التغذية ، في حين إن أكثر من مليار ونصف المليار إنسان يعانون من الجوع ومن مختلف أشكال سوء التغذية ، بما في ذلك ما يسمى بـ (( سوء التغذية غير المرئي )) أو (( الجوع الخفي )) ، أي عندما تؤمن وجبات التغذية التقليدية الكمية الكافية من السعرات الحرارية ، ولكنها لاتتضمن الحد الأدنى الضروري من البروتينات والدهون ، ذات المصدر الحيواني خصوصا ، وكذلك العناصر الدقيقة ، وثمة تقديرات تفيد بأن ربع أطفال البلدان النامية يعانون في هذا الوقت من هذا النوع من سوء التغذية ، ومن الواضح إن نقص هذه المكونات الغذائية البالغة الأهمية ينعكس سلبيا على صحة الإنسان ، وينجم عنه انخفاض نسبي في نوعية وكفاءة اليد العاملة ، والتي تكون في الغالب غير صالحة للعمل في قطاعات الاقتصاد العصرية ، وثمة جذور تاريخية عميقة لمسألة تأمين الغذاء لسكان كوكب الأرض ، فقد رافق النقص في المواد الغذائية البشرية وعلى مدى تاريخها كله ، والذي كان على الدوام تاريخا للكفاح من أجل القوت ، ونسجت الأساطير حول الجوع. إن وقوع الإنسان فريسة الجوع أو عدمه يتوقف بالدرجة الأولى على حقه في الغذاء ، أي على كمية الغذاء التي يمكنه الحصول عليها أو شرائها ، وليس فقط على كمية المواد الغذائية المنتجة أو المتوفرة في البلد أو المنطقة التي يقنطها ، أي بكلام آخر ، لايكفي أن ينتج البلد أو يقتني المواد الغذائية بكميات وفيرة حتى يزول الجوع فيه تلقائيا ، بل الأهم من كل ذلك هو أن تكون هذه المواد الغذائية متاحة لأفراد المجتمع ككل ، وهذا يتوقف على توافر فرص العمل لهؤلاء الأفراد ، وعلى قدراتهم الشرائية ، وكذلك على أسعار تلك المواد الغذائية .وفي وقتنا الحالي تبرز حدة ومأساوية المشكلة الغذائية نتيجة لطابعها المتناقض ، فمن جهة يؤدي الجوع إلى هلاك الملايين ، ففي النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي وحده هلكت بسبب الجوع أعداد من الناس تزيد على كل الذين هلكوا خلال المئة والخمسين سنة السابقة بسبب الحروب والنزاعات المسلحة والقلاقل الاجتماعية ، ويموت سنويا بسبب الجوع والأمراض الناجمة عنه في العالم أعداد من البشر أكثر بعدة مرات من أولئك الذين قتلوا نتيجة انفجار القنبلتين الذريتين اللتين ألقتهما الولايات المتحدة الأمريكية على مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين في نهاية الحرب العالمية الثانية عام (( 1945 )) ، وأما من الجهة الأخرى ، فإن مستوى تطور القوى المنتجة والتطورات العلمية والتكنولوجية المستخدمة في الإنتاج الزراعي تجعل الإنتاج العالمي من المواد الغذائية قادرا عموما على تلبية الحاجات الغذائية لكافة سكان العالم .ولذلك فإن هذه المشكلة ذات بعد عالمي شامل (( كوني )) ، سواء من حيث طابعها الإنساني ، أم من حيث ترابطها الوثيق مع هذه المهمة المعقدة ، والمتمثلة بتذليل التخلف الاقتصادي والاجتماعي في الدول المستعمرة مسبقا ، فعدم تلبية الحاجات الغذائية لعدد كبير من سكان الدول النامية والمتخلفة لا يشكل عائقا أمام فرص التقدم فحسب ، بل هو في الواقع مصدر دائم لعدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي وللنزاعات في هذه البلدان . وتتجلى كونية المشكلة الغذائية على نحو آخر أيضا ، فإنتاج وتوزيع المواد الغذائية والمتاجرة بها بين مختلف الدول ، تعتبر الشغل الشاغل للحكومات الآن ، ففي الغالبية الساحقة منها ، وفي الوقت الذي تعاني هذه البلدان سوء التغذية ، تسعى بلدان أخرى إلى تحقيق التوازن في الوجبات الغذائية وفي نوعية الغذاء ، بينما تجهد بلدان معينة لحل مشكلة الفوائض في ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العدل تعلن اعداد النزلاء المطلق سراحهم خلال شهر تموز

القضاء يحكم بالاعدام والسجن المؤبد بحق 30 تاجر مخدرات

السوداني يحذر من خطورة الاستخفاف بسيادة الدول

ميسي ضمن التشكيل المثالي لكوبا أميركا

أسعار الدولار في بغداد.. سجلت ارتفاعا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram