باسم عبد الحميد حمودي يدور الحديث دوما بين مثقفين (وأشباههم) أن الحراك الثقافي اليومي في العراق يجري بين مثقفين يعيشون جزرا منعزلة  إذ هم  مثل حي بن يقظان( الذي أصبح في السرد الغربي طرزان مرة وروبنسن كروزو مرة أخرى ) يكتشفون معارفهم وحدهم دون مقدمات معرفية إلا ما ندر وهم يبنون تجاربهم الشخصية استنادا إلى وعيهم الذاتي دون استلهام
كشوف آخرين   ولكن: أليس ما يصور على هذا الأساس هو نصف الصورة وأن الصورة الشاملة لا تضع الحراك المحلي للمثقف في صيغته  الخارجية النهائية (اللامتمناة) للمنتج وللمتلقي  عذرا لهذا التعتيم المقصود ولكني أردت القول أن المثقف العراقي كان وما زال لامعا في الصحافة الثقافية العربية وانه ما من مجلة تتمتع برصيد محترم من القرّاء ما لم يكن  للكاتب – الشاعر – القاص العراقي إسهامة فيها ،وبهؤلاء تتكون  بنية المجلة ويكون سر نجاحها . يقينا إن هذا الحراك الذي يتم في كل منطقة أو مساحة تضع الثقافة ضمن بنيتها في العراق من مؤسسات أهلية وطنية أو تابعة للدولة أو اتحادات وجماعات ثقافية متعددة المشارب والاهتمامات يشكل نوعا من الإسهام المستمر لبناء مجموعة تجارب على كل المستويات السردية والمسرحية والتشكيلية والسينمية ... الخ  من مشكلات هذا الحراك العام انه يتم وسط صورة للصراع بين جيل وآخر لابين نظريات وبين مثقفين حقيقيين ومحسوبين بالإكراه   على الثقافة بحكم وجودهم وسط البيئة الثقافية، وهؤلاء يضع كثير منهم السياسات الثقافية وبرامج التطوير واقتراح المؤتمرات الخاصة بالثقافة !   الثقافة تتكون رغم كل ما يحدث وخرافة الجزر المعزولة لا تستند الى حيثيات واضحة، فالمثقف العراقي الحقيقي يستطيع دوما أن يعطي وأن يبني شخصيته الثقافية لكن الاحتياج المادي ظل يشكل خللا اقتصاديا عند الكثير من المثقفين الذين لا تسد حاجتهم هبة وزارة الثقافة .الشيء بالشيء يذكر هنا إذ أن صدور قانون خاص بالمثقف وهويته وتوصيفه  أمر ضروري لحصول المثقف على حقوقه المادية التي لابد منها لحصوله على حالة إنعاش مادي تمكنه من العمل الثقافي المنتج دون منّة من أحد ، الثقافة تتكون باستمرار وقد تكونت في سنوات الضياع والجوع  والسجون والحرمان ومن المثقفين من اضطر لبيع بيته لإنتاج فيلم سعيا لتحقيق حلمه، ومن المثقفين من اضطر للاستدانة بالربا لطبع ديوانه الأول أو مجموعته القصصية. الثقافة تتكون باستمرار من كتابة وتشكيل وإنتاج أفلام، ووسط الحراك الثقافي دجالون ومنتجو أكاذيب وسارقون من الانترنيت وأمثالهم , لكن النفايات تتعفن باستمرار وتطرد ويظل الجسد الثقافي منتجاً دوماً!.