TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > يولسيس كتاب لا تقرأه إلاّ وأنت مستعد!

يولسيس كتاب لا تقرأه إلاّ وأنت مستعد!

نشر في: 10 يوليو, 2011: 07:52 م

دكتور صباح جمال الدين  اسم الكتاب (يولسيس) ومؤلفه الكاتب الايرلندي (جيمس جويس) ومترجمه للعربية صديقي ، ولست أحابيه إن قلت، واحد من أعظم من ترجم إلى العربية من الانجليزية ، الدكتور صلاح نيازي ، أهداني الكتاب وهداني الى مدى جهلي بالميثولوجيا الأوروبية ذات الجذور الإغريقية ،
لقد كنت منذ خمسين عاماً أتابع أساطير الأولين، لأنها أحلام الشعوب في خيبة أملها بواقعها ، وهي المغلوبة على أمرها... تختلق لها بطولات وأبطالاً ، وتجتر بطولات أجدادها من الآلهة السومرية مروراً بالأديان السماوية والأرضية إلى البشر من طغاتها في العصور الحديثة.وكان لهذا الهوس لدي ما يبرره ، ففي السنة الرابعة بكلية الطب ، كان استاذ الأمراض الباطنية (البروفسور هاري كريفز) يلقي علينا محاضرة عن أمراض الكبد ، وتطرق الى مرض تتضخم فيه وتحتقن الأوردة السطحية على ظاهر البطن وكأنها أفاع تخرج من السرة ! وقال الأستاذ:  يصبح شكل البطن يشبه (رأس ميدوزا) ، ثم ادرك، ربما من قراءته وجوهنا إننا لم نقرأ كلمة كهذه ، فقال عليكم ان تتصفحوا كتابا من الميثولوجيا الإغريقية ، فكثير من مصطلحات دراستكم يعتمد على الكثير منها ، فوتر كعب (أخيل) في القدم ، ومتاهة (المناتور) في الأذن ، ورأس (ميدوزا) بالبطن... ومئات أخر من المصطلحات الطبية  تنتظركم في الجراحة والطب الباطني ، بل بكل الدراسة الطبية ! وغرست أمي رحم الله أمهاتكم وإياها حبّ الأساطير للحكمة التي تحتويها تلك الأساطير ، فالأم تغرس بأبنائها  – اذا كانت راوية جيدة للأقاصيص الشعبية – ولعاً لا يخبو بمرور الأيام، وكان هذا السبب الأعمق لتعلقي بحب أساطير الشعوب ، حتى لقد أخذني ولعي بالميثولوجيا عن كثير من أوقات كان يجب بها ان اثبّت تحصيلي بالطب من أن انصرف لأساطير الشعوب ، وكنت أعتقد إلى وقت قصير اني قد بلغت بمعرفتي هذه الغاية القصوى ، إلى أن بدأت بقراءة هذا الكتاب، منذ اكثر من ثلاثة أشهر ولمّا ازل في ثلثه الأول، اقرأ وأعود القهقرى ، الكتاب في مئتين وخمسين صفحة، فيه ثمانون صفحة من الهوامش والشروح ويكفي مصداقاً لقولي بالعنوان (لا تقرأه إلا وأنت مستعد) أن أنقل ما كتبه أخي الدكتور صلاح في السطرين الأولين من المقدمة:  ("ملحمة القرن العشرين" هذه ، كما سُميت، في غاية الصعوبة ، ومغاليقها مستغلقة لدرجة اليأس والإحباط وانقطاع النفس مرّة بعد مرّة . العزاء الوحيد ان القارئ الانجليزي ليس أكثر حظا). أما السطران الأخيران من المقدمة الموجزة فينصح فيهما أخي صلاح بما يجب على القارئ ان يثقف نفسه به: (كما لابد له من الاطلاع على اوذيسة هوميروس ، بالدرجة الأولى ، وعلى التوراة والإنجيل ، وقصص – دوبلاينير- القصيرة لجيمس جويس نفسه).والجملة الأخيرة من مقدمة الكتاب للمترجم أخي الكتور صلاح هي التي حدت بي أن أضع العنوان (كتاب لا تقرأه، إلا وأنت مستعد) ، والاستعداد هنا – كما أوضحه أخي صلاح – أتعبُ على القارئ من قراءة الكتاب ، خصوصا في هذا الزمن الرديء بكل ما فيه ومن فيه!بالمناسبة جمعتني الصدفة الحسنة بأخي صلاح عندما تركت القسم الأدبي بثانوية الاعظمية لالتحق وأخي صلاح بالقسم العلمي بالثانوية الإعدادية المركزية ! ولمّا انهينا الدراسة الثانوية بالفرع العلمي تركني هو ليدرس بقسم الآداب بدار المعلمين العالية ، ذهب هو إلى قسم الآداب، وأنا ذهبت لأدرس علوماً لا أحبها ، ولذلك لم أمارسها إلا قليلاً! وانصح كل من يعتقد انه من المثقفين ان يقرأ الكتاب ، فهو مدرسة او معرض ثقافي من مستوى لم أستطع أن أكمل إلا جزءاً منه لأعيد ما قرأت لاستزيد ثقافة وأدبا.وكلمة أخيرة لابد منها لك الشكر يا أخي وصديقي وزميل الدراسة بالإعدادية المركزية أن فتحت لي باباً جديداً في أسلوب القراءة، وأحد أساليب معرفة الذات والمستوى الثقافي الذاتي!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram