هادي ياسين يوجد في (جبل عمّان) ـ و هو أحد الجبال السبعة التي تتكون منها مدينة عمّان ـ يوجد مجمّع استوديوهات لمجموعة من الفنانين التشكيليين العراقيين ، منهم : الرسام (علي طالب) و النحات (هيثم حسن) و الرسام (ضياء العزاوي) الذي يستغل مشغله ، الآن،
و صديقي الفنان (غسان غائب)، الذي ذهبت إليه لأراه و أرى ما أنجزه خلال هذه السنوات العشر التي لم أره فيها، بعد أن غادرت أنا إلى كندا و بقي هو في عمّان .و قد صعدت الجبل ، و أنا أفكر بغسان و بجحفل كبير من صديقاتي وأصدقائي المبدعين العراقيين : شعراء و رسامين و روائيين و مسرحيين و موسيقيين و قاصّين و نحّاتين و سينمائيين و نقّاد و خزّافين ... القليل منهم ما يزال متشبثاً ببقائه في العراق ، فيما غادره معظمهم و راح يتألق في المكان الذي يحل فيه .. يا إلهي كم أنا سعيد بهذا الجحفل المتألق العظيم .. و كم بي من شوق لأن أعود إلى البلاد التي أنجبته . و (غسان غائب) ، هذا الفنان الدؤوب ، بات اليوم واحداً من الفنانين العراقيين المتألقين في مشهد الفن التشكيلي العراقي . و الواقع انه كان قد ثبت أقدامه في هذا المشهد منذ بدايات ظهوره قبل أكثر من عشرين سنة مضت . و كان هو و صديقي الفنان (ياسين عطية) ـ المقيم في (دانمارك) حالياً ـ قد شكّلا ثنائياً فنياً متميزاً في أعمالهما ، مع احتفاظ كل منهما بخصوصيته في فن الرسم .و (غسان غائب) فنان ابتكاري ، متحرر من الثوابت ، دائب البحث عن المختلف في التشكيل ، و بما أن صداقتي معه قد اخترناها ـ معاً ـ على أساس الإبداع الحقيقي و الجاد ، كما هي صداقتي مع المبدعين ـ عراقيين و غير عراقيين ـ فإنني فرحتُ ، شخصياً ، حين وقفت على الخطوات الجادة و المؤثرة التي خطاها (غسان غائب) خلال هذه السنوات العشر التي لم ألتقه خلالها بعد المرة الأخيرة التي رأيته فيها خلال معرض صديقي المبدع (هاشم حنون) ، في قاعة (الأندى) في عمًان ، و كنت أيامها أهييء حقائبي للرحيل إلى (كندا) التي هاجر إليها (هاشم حنون) أيضاً ، و قد أقام فيها معرضاً قبل نحو ستة أشهر . (تحديداً في مدينة تورنتو) و إذ كنت أحسب أن (غسان غائب) قد آثر المقام في (عمّان) طوال هذه السنوات العشر ، فإذا به يريني ما تبقى من معروضات و (فولدر) معرضه الأخير الذي أقامه في قاعة (كريم) في عمّان ، تحت عنوان (مطرود من الجنة) ، و حين سألته عما يقصده بهذا العنوان أوضح لي أنه كان قد وصل إلى (السويد) ـ بطريقة ما ـ بنية سحب عائلته إليه ـ لاحقاً ـ و قد أحب السكينة و الهدوء اللذين يوفران له مناخ التأمل و الانغمار في العمل الإبداعي هناك .. غير أنه تمت إعادته ثانية ً ، فاشتغل على معرض (مطرود من الجنة) .. ، و لقد وجدت أنه قد دخل ميداناً تجسيمياً في تجربته في الرسم ، حين راح يرسم على الخزف . بل راح الفنان يوغل في (التجسيم) من خلال عمل خارج منطقة (الرسم) سيشارك به في معرض جماعي سيقام في دولة الإمارت تحت عنوان (دريس) . صوّرته ، غير أنني لن أعرضه هنا .. قبل مشاركته في المعرض .حين صعدت (جبل عمان) ، للقاء صديقي الفنان المبدع (غسان غائب) .. كنت أشعر بأنني سألتقي بصديق يغذي زهوي بالعراق ، كما هو شأن جميع المبدعين العراقيين الحقيقيين الذين أنجبهم و ينجبهم العراق على مدى التاريخ .. و هذا ما حصل لي من شعور ، بمجرد أن وطئت قدماي استوديو الفنان (ضياء العزاوي) الذي تركه ـ حالياً ـ لدى (غسان) . و هذا وحده اعتراف به من قِبل فنان عراقي مشهور و متميز كـ (العزاوي).
(مـكـان).. فـي جـبـل عـمّــان
نشر في: 10 يوليو, 2011: 07:53 م