اسم الكتاب: الرجل الذي أكل حذاءهالمؤلف: انتوني برانتترجمة: عبد الخالق عليالمحقق،الذي ترك في ثلوج عام 1853،ضاع و هو يبحث عن حملة فرانكلين. قبل أن يبحر رولد اموندسن عبر الممر الشمالي الغربي في 1906،كانت الحملات البريطانية تكافح و تحتضر و تفشل في العثور على طريق يمكن الإبحار فيه من شمال المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي لأكثر من 300 عام. قام مارتن فروبشر بأول محاولة في 1576،لكن حتى في 1600،عندما انطلقت شركة الهند الشرقية و أبحرت عبر رأس الرجاء الصالح إلى الهند و جزر التوابل،لم يعد الممر الشمالي الغربي طريقا تجاريا أساسيا للتجار البريطانيين،
و مع ذلك،فان اكتشاف ممر شمالي أصبح محاولة. يقول جوم بارو – السكرتير الثاني للقيادة البحرية في النصف الأول من القرن التاسع عشر – لقد كان " موضوعا بريطانيا حصريا ". البحث المتواصل عن الممر الشمالي الغربي كان يعود إلى طول بقائه في القيادة البحرية،و إلى إيمانه الراسخ بحاجة البحرية البريطانية إلى العثور عليه،بالإضافة إلى الفكرة القديمة غير الصائبة بان البحر القطبي إذا كان من الممكن الوصول إليه عبر متاهة الجزر الكندية – لا يتجمد أبدا لعدم وجود قطع الجليد البحرية. التاريخ المتعب و الأنيق الذي كتبه أنتوني برانت عن المحاولة،يهتم بانخداع بارو و البريطانيين كما حصل مع المستكشفين الأوائل،الاختفاء التام للسير جون فرانكلين في 1840 و السنوات العشرة الطوال التي انقضت بحثا عنه. إن تفصيل برانت لقرون من الحملات هو تكرار بالضرورة،إلا أن قراءته بشكل متأن له فائدة في منح المستكشف المقعد إحساساً باهتا بقوة التحمل المطلوبة للقيام برحلة فعلية. لم تكن هذه غلطة برانت. فرغم أن الجليد له عدة أشكال و أن أسماء الأبطال تتغير نوعا ما من سنة لأخرى،ففي النهاية تبحر كل حملة عبر البحار الجليدية و هي تتأمل القفار و العزلة التي ترهب القلب،و التي تجر السفن من أيديها إلى مناطق تنفتح ثم تنغلق في المياه المتجمدة،و التي تسحب الزلاجات البالغ وزنها 200 باوند إلى فوق الجبال الجليدية العظيمة مما يجعل الأقدام تدمى. كل بطل يعاني،مع طاقمه،من مرض الإسقربوط و الانجماد و الجوع. إنهم يشعرون بالبرد على الدوام. في عام 1819،عندما تجمدت يدا أحد أفراد حملة ادوارد باري،فقام الطبيب بتغطيسها في صحن مليء بالماء لتخفيف الانجماد فكانت النتيجة تجمّد الماء الذي في الصحن. إن القراءة عن رجال هادئين يعانون في ظروف مرعبة و هم يبحثون عن عمود أو مصدر نهر أو بعثة ضائعة،هي ما يفضله البريطانيون لقضاء الوقت. أخبرنا كيف كان البرد (في درجة ناقص 56 يتجمد السمك بينما يتم إخراجه إلى السطح)،و إلى أية درجة كان الرجال يشعرون بالجوع (كيلو من الدهن و الشعير الهندي " يعتبر ترفا بعد ثلاثة أيام من الجوع"،قام فرانكلين بتسخين حذائه الجلدي و أكله)،ثم جلسنا بسعادة مع ارتعاشة و شعور بأننا تحملنا القليل من الخوف. و بعد أن اضطررنا إلى قضاء ليلة في الخيمة بدرجة حرارة – 40 مئوية،كانت كل لحظة تعيسة فيها مليئة بإحساس من الانفعال بسبب البرد القارس و كنت أتمنى أن لا أكون في المكان الذي أنا فيه،اعرف إن قراءة المعاناة الجسدية هي تمرين جيد للخيال،لكن لا بديل للتعاسة. مهما قرأت عن أولئك المستكشفين فلن افهم أبدا كيف يجوع الإنسان و يتجمد لسنتين أو ثلاثة من اجل شيء ليس ذي أهمية،يعودون للوطن و هم نصف أموات،ثم يوافقون على العودة ثانية: من اجل الشرف و المجد. يعطينا برانت وصفا عن فرانكلين بأنه " يمتلك عمق العاطفة "،و ربما يكون ذلك بسبب افتقاره للخيال. إن عجزي هو إقرار بافتقاري الكامل للمرونة،و يبدو أن آخرين يجدون إحساسهم بالواجب معقولا. من الأفضل أن آخذ زوجة فرانكلين،الليدي جين،المتميزة بكونها المسافر المضطر شديد الانفعال. كانت تجول بحرية،مجسدة رغبة ملحة في معرفة العالم،لكن حتى الليدي جين تنكر جميع الأدلة التي تقول بان طاقم فرانكلين الجائع كانوا مضطرين لأكل البشر. حيث تصر هي و المؤسسة العلمية و صحيفة التايمز على أن الانكليز لا يفعلون ذلك،رغم إن العظام البشرية المقطعة بالمنشار و التي عثر عليها تؤكد ذلك. بعد خمس سنوات من اعتباره أول رجل يبحر في الممر الشمال الغربي،تفوّق اموندسن على سكوت في القطب الجنوبي. لقد نجح حيث فشلت المحاولات البريطانية العديدة لأنه كان يعرف و يحترم المنطقة،و لأنه لم يثقل كاهل حملاته بالأبهة و الألقاب،كما فعل البريطانيون. رغم أن اموندسن قد وصل إلى هناك أولا،في الشمال و الجنوب،بقليل من الضجة و بدون خسائر،فان أولئك الذين فشلوا و ماتوا هم الأبطال الحقيقيون و هم القدوة. مؤخرا ظهر من ينتقص من سكوت،لكن فرانكلين - الذي فقد مع كل طاقمه المكون من 126 فردا رغم حملات الإنقاذ الفاشلة التي كلفت مبالغ طائلة – يبقى نموذجا لدور انكلترا،و ربما يتغير ذلك. ينهي براندت كتابه بملاحظة مفاجئة معيبة:" يمكننا الإعجاب بالشجاعة،و بمواصلة طلب المنال. لكننا إذا كنا نحترم التاريخ فعلينا أن نخفف من إعجابنا بصورة الأعضاء البشرية المقطعة و هي تطبخ في مقلاة، بينما يحدق الرجال الج
التاريخ المأساوي للممر الشمالي الغربي ما زال بارداً
نشر في: 11 يوليو, 2011: 07:28 م