اسم الكتاب: رسائل عاجلة من كابولالمؤلف: شيرارد كوبركولزترجمة: عبد الخالق علييكتب شيرارد أفضل سرد عن بعثة غربية فاسدة أخرى. في نيسان من العام الماضي، دعاني السفير البريطاني في أفغانستان إلى سفرة إلى بانجشير. طلبوا مني كتابة تقرير إلى السفارة البريطانية في كابول. شققت طريقي وسط درب متعرج من نقاط التفتيش و الجدران المنخورة التي تحيط بالبعثة البريطانية. وصلت لأجد الوجه الصبياني لرجلنا في كابول، السير شيرارد كوبركولز، و هو محشور في قافلة من عجلات اللاند روفر المدرعة يحيطه كردوس من الحرس الشخصي و هم يحملون جهاز الاتصال الذي يقرقع و المسدسات الأنيقة.
بالنسبة إلى كوبركولز كانت تلك سفرة الوداع في نهاية السنوات الثلاث التي قضاها في إدارة دفة الجهود الدبلوماسية البريطانية في أفغانستان. بالنسبة لي، كانت اليوم الثاني في سفرة البحث عن كتاب أكتبه عن أول حرب أفغانية. انتهت تلك الحرب عام 1842 بدمار كامل للجيش البريطاني على يد رجال قبائل بأبسط التجهيزات. الموقف الحالي ليس بذلك السوء، لكن بينما تمضي قافلتنا عبر الاستدارات المتعرجة وسط كابول، جلست أستمع إلى تخمين كوبركولز للحملة التي تنتهي بقليل من المكاسب السياسية كما انتهت الحروب البريطانية الثلاثة سابقاً. دليل الفشل يكمن حولنا. تبقى كابول واحدة من أفقر عواصم العالم. لقد ضخت الولايات المتحدة حوالي 80 مليار دولار في أفغانستان، إلا أن معظم هذه الأموال تبخرت على تكاليف الدفاع و الأمن، و بقيت الطرق في كابول أسوأ من اصغر الطرق في باكستان. الشوارع خالية من الإنارة، والأزبال باقية في الطرقات دون أن يرفعها احد، و الأمن ضعيف. أحيانا تعطي الصحف انطباعا بان هلمند هي خط الجبهة الذي يعزل أفغانستان كرزاي عن المناطق الحدودية التي تحكمها طالبان. في الحقيقة، إن طالبان تسيطر على أكثر من 75 % من البلاد و إن حكومة كرزاي تمسك 29 فقط من مجموع 121 منطقة ستراتيجية رئيسية. أثناء تجوالنا في قرى و مدن سهل شومالي، كانت حماية كوبركولز تلجأ إلى أجهزتها لمنع إشارات الاتصال التي قد تفجر العبوات على جانب الطريق. لم يسمحوا للسيارات من الاقتراب من سيارة السفارة خوفا من التفجيرات الانتحارية. ولم نشعر بالاسترخاء حتى وصلنا إلى بانجشير، قلب المعارضة لطالبان. قمنا بزيارة القبر المقبب لـ(احمد شاه مسعود) على حافة الوادي. كان كوبركولز يبدو حزينا لمغادرة أفغانستان إلا انه كان صريحا في تخمينه. لم نفقد كل شيء، مازالت هناك فرص. لكن من دون رؤية سياسية واضحة، فان تضحيات الجنود البريطانيين محكوم عليها بأن تنتهي بانسحاب مخز، مع ترك أفغانستان في فوضى قبلية، تحكمها نفس الحكومة التي نشبت الحرب أصلا من اجل إسقاطها. وكذلك كان صريحا في رسائله إلى ديفيد مليباند في لندن، و بعد ذلك عند عودته إلى البيت الأبيض، إلى مليم هيغ وديفيد كاميرون. لقد دفع ثمن صدقه. و رغم كونه واحدا من ألمع الدبلوماسيين في عصره، فلقد منعوه من أن يصل إلى الموقع الرفيع الذي كان يرجوه – في باريس، واشنطن أو دلهي – فاستقال من مكتب الخارجية. لكن خسارة مكتب الخارجية يعتبر مكسبا لنا، كما انها سمحت لكوبر كولز أن يكتب مذكرات صريحة عن فترة بقائه في أفغانستان. إن كتاب " رسائل عاجلة من كابول " يعتبر من أهم السجلات المنشورة عن الجدل الدبلوماسي الذي رافق الانتشار العسكري البطيء للقوى الغربية في افغانستان. كما انه أفضل سرد قرأته عن كيفية عمل النظرية الاستيطانية ما بعد الاستيطان. أما بالنسبة للحياة الملكية في مدينة الزمرد، فان الكتاب يكشف مزيج العنجهية و الثقة المفرطة التي يتسم بها الصراع. و بشكل عام فان الكتاب مهم لأنه مكتوب من قبل رجل متشكك عالم ببواطن الأمور. خلال أسبوعه الأول في كابول عام 2007، يذهب كوبركولز لرؤية السفير الأميركي، أهم حلفائه، فقط ليكتشف أن بيل وود الكيمياوي يخطط بشكل انفرادي لرش محصول الخشخاش في هلمند بقاتل العشب دون إخبار حكومة كرزاي بذلك، رغم معارضتها المعروفة. بيل الكيمياوي يخبر شيرارد بانه يعتمد على دعم البريطانيين. في ما بعد، يتم استدعاؤهما إلى قصر كرزاي و تشجيعهما على المساعدة في إنقاذ احد أصدقاء الرئيس المحاصر في قرية في هلمند من قبل طالبان. يبدو إن قصر كرزاي ليس فيه خارطة واحدة و لا يمكن العثور على القرية: يبحث كوبركولز في حقيبته عن مخطط للقوة الجوية الملكية، و يقول " هذا يبين كيف يعمل القائد الأعلى في الحرب ". يكتب كوبركولز بشكل جيد عن مصاعب ما كان يدعى بالحرب الأميركية. كما انه يكشف مصاعب إدارة الجيش الأميركي. كانت المشكلة الرئيسية هي الافتقار إلى خطة ستراتيجية واضحة. و بعد تردد وجد الغرب أن من غير العقلاني الوقوف مع احد الجانبين في الحرب الأهلية الأفغانية المعقدة التي تستمر منذ السبعينات. لقد نصّبنا حكومة و قمنا بتدريب جيش منحاز إلى الباشطونيين، و هم اكبر مجموعة عرقية في البلاد. مع ذلك، ففي ظل كرزاي يشكل الباشطونيون 3% فقط من الجيش الوطني الأفغاني. و ليس من المفاجىء إن كل البشطونيين تقريبا كانوا يدعمون المتمردين. حث كوبركولز نظرائه الاميركان على أن يروا بان الحل الوحيد الممكن كان سياسيا. و إن الإجراء العسكري كان ذا قيمة فقط لو توفرت خطة واضحة. عندما التقيته في كابول، كان الام
القصـة الخفيـة للحملـة الغربية علـى أفغانســتان
نشر في: 11 يوليو, 2011: 07:30 م