اسم الكتاب: دانتي عاشقاالمؤلف: آن ويلسونترجمة: المدى كروائي و كاتب سيرة و صحفي، فإن آن ويلسون لديه اهتمامات واضحة كثيرة لدرجة إننا لا نجد دليلا على ولعه بشيء محدد. يقول هنا انه معجب بأعمال و أفكار دانتي و متحمس لها منذ أيام الجامعة و يعود الفضل في ذلك الى كتابات تشارلس وليامز الملهمة. هذا الحماس للموضوع يذهب بعيدا لتفصيل نقاط الضعف و القوة في كتاب " دانتي عاشقا ". و لأن ولسون يحب كتابات الشاعر و معجب بأفكاره، فان الكتاب يبدو ملتزما بموضوعه،
تدفعه شهية قوية لتغطية كل زاوية من التفسير و كل مرجع و كل سياق تاريخي له صلة بالموضوع. و لنفس الأسباب فان الكتاب يبدو متعرجا و قابلا للاختناق في أية لحظة بالمعلومات التي يحاول هضمها. يبدو أن ويلسون يعرف ذلك، و أحياناً يطلع من الصفحة ليخاطبنا بصوت يبدو ودودا لكنه بديهي. فعندما يتحدث عن هيكل العائلة في فلورنسا القرن الثالث عشر، مثلا، فانه يدخل في متاعب لا ضرورة لها عندما يقول " بالنسبة لأغلب الناس في الغرب، فان العائلة هي نواة صغيرة مؤلفة من زوجين و طفل او طفلين يعيشون معا في شقة او بيت، معزولين عن بقية العالم "، و عندما يناقش مساهمة دانتي في اللغة الايطالية فانه يصر بأننا " يجب أن نقرّ بوجود أناس آخرين في شبه الجزيرة ما بين الألب و قبرص قبل أن يولد، يتحدثون و يكتبون بلغة يمكن أن نميزها بأنها ايطالية ". الهفوات هي جزء من ستراتيجية الفشل في بيع دانتي إلى اكبر عدد من الجمهور، و كذلك العنوان و قرار نشر الكتاب بحجم كبير و بالألوان. و مع أن هذه الجهود لا تعطي نتائج عكسية، فإنها في ذات الوقت لا تحل مشكلة القلق الذي يشعر به ويلسون حول مشروعه. الشيء الأساسي هو أن التقييم الصائب لكل إشعار دانتي، بضمنها الكوميديا الآلهية، يعتمد على المعرفة بالفترة السحيقة في التاريخ الأوروبي المعقد الذي لا يمكن فكه و من الصعب إحياؤه. ويلسون يصعّب الحياة أكثر على نفسه من خلال اتباع الترتيب الزمني. على أية حال، فان التأثير الإجمالي للكتاب مربك في أحسن حالاته و محيّر في أسوأها. الاختلافات بين دانتي و بونيفيس، الحروب بين (الكلفيين)و (الكبلين)، الصراع بين الدول الأوروبية المتنافسة على السيطرة على الأراضي الايطالية، علاقات الصداقة التكوينية مع الجيتو و الكورسو و غيرهم، نكهة زواجه بجيما " الصعبة ": يهتم ويلسون بكل هذه الأشياء و غيرها لكنه يكدّس الواحد فوق الآخر. بدلا من شق طريق عبر غابة الأفعال و ردود الأفعال التاريخية التي اتضحت حاليا، و وضع شعر دانتي في المقدمة مع السياق، فان ويلسون يسهب في سرده في سلسلة من المقالات القصيرة. و حتى لو لم تكن بعيدة عن الموضوع، فان كثرتها تجعلها تبدو كذلك. في كل حالة من هذه الحالات، يتعامل ويلسون مع أفكار ضرورية لكتابه، لكن في كل حالة يتداولها بشكل يكاد يخنقها. الهيكل البسيط و النغمة الوطيدة كانت ستساعد في اجتناب هذه المشاكل، و كذلك التركيز على ما يستلزمه العنوان. يجب أن نقر بان صعوبة إدراك بيترايس يجعل ذلك صعبا. إن عنوان " دانتي عاشقا "يعطي انطباعا مضللا لما يتضمنه الكتاب. و ربما كان من الأفضل تسميته " دانتي في المنفى" او "دانتي في زمانه". ويلسون يشك بمدى استمتاعنا بدانتي في أيامنا هذه. ففي إحدى انفجاراته العاطفية الدورية مع "القارئ المرتبك "، يعلن بان " الخطوط العامة الواسعة للأشياء التي تحتاجها لجعل القصة مفهومة، قليلة نسبيا ". لو كان هذا الزعم مدعوما بإحساس عميق بما تحققه القصيدة، و بوصف مفصل لتأثيراتها، لكان الكتاب قد ساعد في إعادة خلق الذوق. لكن بدلا من ذلك، فانه يتحول الى خطاب استنتاجي عن " انهيارنا الحضاري ". لماذا يعتقد ويلسون أن هذا ممكن؟ لأنه يشعر بان دانتي، من طريقة توجيهه أسئلة عن الحياة الداخلية و الإيمان و السياسة " لا يتحدث عنها فقط بتفصيل أكثر من أي شاعر حديث، و إنما لأنه فعلا شاعر حديث ". ربما يكون هذا صحيحا، لكنه ليس ادعاءً بان هذا الكتاب المشوش و المكتظ قادر على إثبات صحته.
دانتي.. محاولة بيع شاعر ايطاليا الأعظم إلى الجمهور
نشر في: 18 يوليو, 2011: 05:32 م