TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > سياسة الملل

سياسة الملل

نشر في: 18 يوليو, 2011: 06:55 م

نزار عبد الستارإذا استثنينا الالتقاءات المضيئة التي تحققت بإقرار الدستور وإجراء الانتخابات واستكمال القوانين الداعمة للجهد الديمقراطي الوليد فإن الأداء السياسي العراقي بعموميته يصيب متفحصه بالملل ويوحي بالافتقار إلى الحنكة وبتشتت الطاقات وغياب الرؤية الموحدة.
إن الاختناقات العصيبة التي ترافق العملية السياسية في منحنياتها المتعددة وكثرة الإشكالات التي تولدها هذه الاختناقات وانعكاساتها المريرة على المواطن العراقي تولد وضعا نفسيا شديد التعقيد، فعلى مدى السنوات الماضية وباستثناء ما تحقق بضغط دولي ومعاونة عسكرية أمريكية لم تتمكن العقلية السياسية العراقية من حسم قضايا الخلاف وغلق ملفاتها الكثيرة أو الركون النهائي إلى اتفاقات تخطيطية والانتقال إلى مستوى عملي من التطبيق، الأمر الذي يوحي بأن الأداء السياسي العراقي يعتاش على الفوضى وأن منطقه العقلاني يتبع أسلوب الدائرة المغلقة بدلاً من الانفتاح والانتقال التدريجي نحو تحقيق المكاسب. يمكن القول أن العملية السياسية ومجرياتها في العراق تعاني العزلة على أساس أنها إحدى وحدات الانفصال. فالعملية السياسية تبدو مكتفية بذاتها وليس لها ارتدادات ايجابية على مستوى الواقع الأرضي وعلى الجانب الآخر يبدو الشعب العراقي متكيفاً مع أزماته هو الآخر ولا يملك صورة واضحة عن المستقبل ويشعر بأن التفاهمات السياسية وليس الانفراج الخدمي والحياتي هو من يحتاج إلى وقت مفتوح قد يصل إلى عقود. وإذا ما أدخلنا التدخلات الأجنبية في معادلة الانفصال فإن الأمر برمته يعود إلى خطأ التفكير السياسي العراقي وجنوحه إلى تعاملات لا يمكن الوثوق من نتائجها مهما كانت مثالية الأطراف ذات الاستحقاق الانتخابي وتكون المحصلة في نهاية المطاف الخروج الكامل عن القانون واتّسباع منهج تعطيل المفاصل وإعاقة العمل البرلماني وخلق ارتخاءات هي في الحقيقة تمردات للضغط وإبراز عضلات قادرة على العودة بنا إلى درجة الصفر.إن تصريحاً إعلامياً واحداً لطرف فاعل قد يسبب جموداً سياسياً لزمن طويل ويدفع إلى عرقلة متعمدة وزعل ويؤجج الخصومات النائمة، وهذا الأمر سببه الافتقار إلى المهنية السياسية وعدم وجود ركن للمعارضة في المفهوم السياسي العراقي، فكلمة المعارضة تعني للسياسيين الخسارة وهذا جهل مميت.إن فلسفة الإرضاء المتبعة في التفكير السياسي العراقي تبدو غير مجدية ولابد من استبدالها بفلسفة المعارضة البناءة التي بالإمكان أن تحقق لنا وضوحاً تاماً وأداءًً سلمياً. إن القبول بالأسس الدستورية يعتبر شراكة ستراتيجية ولا يمكن بأي حال من الأحوال تحقيق الإرضاء وفق معيار المكسب بأنواعه المختلفة وهذا يتطلب وجود مفهوم واضح للديمقراطية وأن تكون الولاءات للقانون وليس للجهات السياسية التي تربط أرجل الكراسي الحكومية بالحبال لتجرّها متى شاءت. كما يتوجب على كل الأحزاب السياسية العراقية إعادة الهيكلة وإيجاد جذور أكثر مصداقية وتحسين الأداء السياسي وتعميق توجهاتها بإثراء أهدافها وجعلها أرضية وقابلة للتطبيق وفرصة مشاركتها في الحكومة هي فرصة عمل تتقرب بها إلى الناس وليست شوكة في عين الحكومة والبلد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram