TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > «عبد الرسول».. «رائد الأمل»

«عبد الرسول».. «رائد الأمل»

نشر في: 19 يوليو, 2011: 08:03 م

فريدة النقاش «رائد الأمل» ذلك هو اللقب الذي منحه طلاب جامعة أسيوط لأستاذهم الدكتور السيد عبدالرسول أستاذ هندسة الفلذات والذي حكى هذه الواقعة في كتابه الممتع «مذكرات أستاذ جامعة» مع عنوان جانبي كتلخيص لسيرة حياته هو «المقاومة والصمود والتغيير.. أسلوب حياة».
جمع مؤلف الكتاب بين التخصص العلمي الدقيق الذي درسه على أعلى مستوى في كل من الاتحاد السوفيتي وأمريكا، وبين الاهتمام بالشأن العام والثقافة السياسية، وفي تجربة حياته لعبت الإرادة دورا أساسيا منذ أن أرغمه أبوه على الدخول إلى الكتاب وهروبه منه حتى وصل عدد الكتاتيب إلى تسعة وتخرج وهو في التاسعة عشرة في كلية العلوم جامعة الإسكندرية وحلم بأن يكون عالم ذرة لكنه أصبح عالما في هندسة وتكنولوجيا المواد.وكان شعاره إذا كان المستقيم هو أقصر خط بين نقطتين، فإن الاستقامة بدورها هي أقصر الطرق للنجاح، وكان من أوائل العلماء الذين دعوا لاستخدام الطاقة الشمسية وربط الجامعة بالصناعة، وقضى معظم سنين عمله العلمي أستاذا في جامعة أسيوط التي كان اسمها الأول جامعة «محمد علي»، ارتبط بطلابه ارتباطا وثيقا مضيفا إلى العلم الأنشطة الرياضية والفنية، وكانت سيرة المناضل الثوري تشي جيفارا قد أسرته واقتبس منه تعريفا للإنسان الاشتراكي بأنه: «أكثر من ينتج، وأقل من يستهلك».تعرف جيدا على التوجه البراجماتي الانتهازي في تعامل نظام ثورة يوليو مع الاتحاد السوفيتي حين خصصت موسكو ما يزيد على ثلاثمائة منحة دراسية لمصر وأعلنت الحكومة المصرية أنها بعثات خارجية دون أن تفصح عن أنها منح من الاتحاد السوفيتي الذي كانت سمعته العلمية قد وصلت إلى عنان السماء بعد أن تفوق على أمريكا بإرسال أول مركبة للفضاء. وفي تجربته مع المبعوثين المصريين هناك اصطدم بضحالتهم السياسية، وتابع مبكراً جداً الدور الذي لعبه «السادات» في إفساد العلاقات بين القاهرة وموسكو حين قررت الحكومة بعد زيارة له قبل أن يصبح رئيسا رجوع جميع المبعوثين من الاتحاد السوفيتي وعقد في القاهرة مؤتمر «هزلي» للمبعوثين كانت رسالته الأساسية هي تحذيرهم من الوقوع في براثن الشيوعية، واطلع «عبدالرسول» على الجانب الآخر والمعتم للحياة في الاتحاد السوفيتي حيث البيروقراطية والرقابة.وفي ما بعد كان «السادات» هو الذي وقّع معاهدة تعاون وصداقة مع الاتحاد السوفيتي وقام هو أيضا بإلغائها ثم طرد الخبراء السوفييت الذين كانوا يعملون في القوات المسلحة، وتآمر مع «جعفر النميري» لإعدام قادة الحزب الشيوعي السوداني.كذلك يحكي المؤلف شهادته على أنواع من التردي الأخلاقي والنفاق وممالأة السلطان وإحلال المواطن الرديء محل المواطن الصالح في الجامعة وخارجها وأخذ يمني نفسه باليوم الذي يعرف فيه «جمال عبدالناصر» مقدار التشوه الذي حدث للثورة ويقف بنفسه علي ما يرتكب باسمها في البلاد من آثام، وذلك بعد أن استمع لأحدهم وهو يقارنه - أي عبدالناصر - بالأنبياء قائلا إنه يتفوق عليهم. وانتقد «عبدالرسول» بمرارة كل التنظيمات السياسية التي أنشأتها ثورة يوليو لأنها كانت منظمات طفيلية ضمت عادة مجموعة من المنتفعين شجعوا على آفة عبادة الفرد في ظل نظام اعتمد منذ بدايته على نفس الأجهزة الأمنية البوليسية التي تكونت في العهد الملكي.ولكن عبدالرسول لم يكن بدوره بعيدا عن عبادة الفرد فحين مات «عبدالناصر» كتب قصيدة يخاطب فيها الكنانة قائلا «مات مغنيك الوحيد».وفي بعثته إلى الولايات المتحدة الأمريكية استطاع أن يكتشف عمق التحيز لإسرائيل وهو التحيز المبني على أساس ديني.خاصة أن هزيمة 67 وقعت وهو هناك، وهناك أيضا «زاد إيماني بضرورة العمل على تغيير نظام الحكم الذي حملته مسؤولية الهزيمة» وهكذا اختمرت في ذهنه فكرة إنشاء تنظيم أسماه «ثورة الأحرار»، وقاده التنظيم في ما بعد إلى السجن، ومن السجن كتب رسائل جميلة لزوجته وذلك في سياق الصياغات الأدبية التي قدمها في بعض أجزاء الكتاب «نجحت وحدي في الخروج من ظلمة الرحم إلى ظلمة الحياة دون انتظار القابلة» كما أنه يحكي حكايات ساخرة بمنتهى الجدية خاصة حين ترفض صديقته الأمريكية الزواج منه بسبب صرصار وجدته في الشاليه.لكن عبدالرسول يتعامل مثله مثل المواطنين قليلي الثقافة مع مفهوم ديكتاتورية البروليتاريا في شكله التبسيطي الدعائي وذلك في معرض نفيه تهمة الشيوعية عن نفسه، وحين تحدث عن نادي الفكر الناصري في الجامعة تجاهل نادي الفكر الاشتراكي الذي لعب دوراً مركزياً في احتجاجات الطلاب في السبعينيات، كما أنه لجأ إلى التحليل التآمري حين تحدث عن هذه الاحتجاجات باعتبارها صناعة حكومية.ورغم الأخطاء اللغوية وبعض المبالغات غير المنطقية.. فإننا بصدد سيرة تستحق القراءة خاصة أن قلائل من الذين تخصصوا في العلوم هم الذين كتبوا سيرتهم عن مشاركتهم في الحياة العامة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram