TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الكرش السياسي

الكرش السياسي

نشر في: 22 يوليو, 2011: 07:18 م

نزار عبد الستار الحياة تواصل بين طرفين. هكذا هي هندسة العيش وفلسفة الاخذ والعطاء. كلنا طرف اول، وكلنا طرف ثان، واذا ما شرّحنا السياسة فسنجدها تعاني التباساً فيزيائياً يشذ عن هذه القاعدة،فالرجل السياسي الواحد يعني كذا ألف صوت وهو بالتالي ليس طرفاً منتفعاً وإنما ممثل مفوض.إنه إنسان مكلف بمهمة ويوظف ملكاته وحنكته وخبراته من أجلها،ومن هنا تكون أنا السياسي مراقبة عنوة وتتسلط عليها المحاسبة ويتربص بها القانون وعيون الإعلام وآذان المجتمع.
السياسي في العراق يشذ فيزيائياً وكيميائياً وبايولوجياً وسايكولوجياً وسسيولوجياً عن كائنات السياسة على الأرض، فهو منفعل دائما ومنتفخ الأنا ومحمر الأنف. تراه يخبص أمة محمد إذا ما فاتته عزومة سياسية ويجب ان يكون لواء الحماية المرافق له هو الأفخم والأشرس والأكثر وصوصة في الشوارع ولابد من أن يكون سمين اليد والخدود وطيب القلب مع مرافقيه ومعاونيه وملقنيه ومهيجيه وملونيه. ولابد من أن يأخذ الميكرفون في البرلمان ليحكي حتى تراه نساء العشيرة. واذا ما جلس على رأس السلطة في بناية حكومية فلابد من ان تكون له مجلة ثخينة الاوراق ولماعة لا تخلو صفحة من صفحاتها من صورتين له مع ترديد اسمه في أعلى كل مقال. السياسي في العراق كائن عجيب لا يربطه سوى حزام بنطلونه. شيء خلق ليأكل ويطعم أهله وناسه. هذا النموذج ترسخ على غفلة من الضوابط والقوانين وهو إن ترك على هذا المظهر فإنه سيحطم كل معجزات الديمقراطية التي تعب العراق من اجلها ودفع دمه لتحقيقها. أي إنجاز هذا الذي يمكن ان تحققه شخصية ملتبسة كهذه سوى ان تفتح الابواب للمتسلقين والمرائين والمغامرين كي يشرعوا في تدمير بنى الحياة. واذا ما قلنا ان بعض الاسس التي تقوم عليها المفاضلة الانتخابية تحتاج الى اعادة نظر وتدقيق فإن الكثير من القرارات والامتيازات التي تمنح للشخصيات السياسية والحكومية يجب اعادة النظر فيها وتخليصها من البذخ والشكليات المعقدة ،فلا يعقل أن يتنقل كل من بدرجة مدير بحراسة عسكرية ولا يعقل ألا يكون عمل كل من يتسلم منصباًسوى تبديد الأموال على المظاهر وتسخيرها للدعاية الانتخابية.العراق في حقيقة الامر يملك قوته وعافيته ولا توجد اية مبررات لحالة الفشل المعيشة في الكثير من مرافق الحياة. ماهي الكارثة التي تحيق بالبلاد كي تعجز الحكومة عن إنجاز أعمالها وكيف يمكن لنا ان نعيش بوزارتين فقط هما:النفط والمالية. لماذا نتكلم عن الفساد ونحن كلنا ومعنا رئيس الوزراء لا نعرف لماذا نحن بلا كهرباء ولانعرف لماذا نحن بلا ماء ولا خدمات! كيف يمكن للحياة ان تستمر والسياسة في العراق هي ان تبني كرشاً وتغلق الشوارع وتسوّر نفسك بكتل كونكريتية كي تنتفخ غروراً وتعالياً!.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram