اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > ريتشارد بروتيجان وشعرية الاغتراب

ريتشارد بروتيجان وشعرية الاغتراب

نشر في: 23 يوليو, 2011: 06:04 م

ترجمة : نجاح الجبيليإن مؤلفات الروائي والشاعر "ريتشارد بروتجان" أصبحت مألوفة لدى العديد من الناس منذ نشر روايته " صيد سمك التروتة في أميركا" عام  1967، وهذه الرواية تمتاز بالمحاكاة الساخرة والتشظي ومع ذلك فهي نوستالجية غريبة جذبت الاهتمام إلى ثقافة الشباب الصاعدة.
هذا الاستعداد لهذا العنصر من المجتمع ، في قبول أي شيء، رسخ نفسه إزاء الأعراف الاجتماعية الراسخة، سواء أكان موسيقى وأدباً أو مخدرات وفلسفة أو المظهر الخارجي، كان ظاهرة خلقت لها مكانة جوهرية في التجريب الأدبي لمؤلفها. وهذه الشهرة كان يفكر بها النقاد والقراء معاً، بالإشارة إلى سياق الجيل الذي ظهرت فيه.  إن مكانة بروتيجان كونه أحد الأيقونات الرئيسة لجمهور أدبي  يشايع بما يوصف بصورة واسعة لانه ثقافة ساذجة رجعية هيبية تركته لسوء الحظ هدفاً  لتلك الأفكار الازدرائية.إن الكثير من النقد الذي عالج أعماله يعاني  العجز عن فصل المؤلف عن روح الجماعة التي اكتسحت الفترة التي كتبت بها. وعلى الرغم من أن كلاً من نثر بروتيجان وشعره يتلونان بشكل إيجابي بالنزوات و الشفافية العالية التي تميز بها جيل الهيبز إلا أن تلك اللحظات لا تمثل أسلوب بروتيجان ولا هي مضيئة وبالأخص حين يحيط بها الاستعمال وسوء الاستعمال التجريبي للأشكال والوسائل الأدبية التقليدية.هذا التجاور للذكريات النوستالجية وهذا التمثيل المحاكاتي الساخر المتقطع للغة الإنكليزية هو الذي أجاز "البساطة الفريدة" لبروتيجان. يبدو رواة بروتيجان بصورة عامة وكأنهم في منتهى الرقة أو حتى ناس هشين يشوّشهم قليلاً عالم يظهر قاسياً لهم كي يوجدوا فيه. وكأن إدراك الألم والإحباط والخيبة في العالم "الفعلي" يستحثهم ليخلقوا عالماً بديلاً مأهولاً بالذكريات النوستالجية والحوادث الفنتازية واللعب الحر باللغة.   يقول أناتول برويارد في تقييمه عمل بروتيجان بأنه " يرى ويسمع ويشعر ويفكر بالأشياء بشكل يجعل البعض منا يعثر على جواب  أفضل في الوجود حياً الآن ". إنه المعنى المذكور سابقاً المتعلق باليأس السردي الذي نجده في أحدث رواية لبروتيجان " ويلارد وجوائز البولنغ". وعلى الرغم من أن هذه الرواية تتعامل مع الإحباط والحزن المصاحبين لإدراك عالم ليس له مكان للشخصية المميزة فإنه خال من التفاؤل المفرط الذي هو موجود في بقية أعمال بروتيجان. نشرت هذه الرواية في عام 1974 وفيها عنوان ثانوي " رواية بوليسية عنيدة" وهي تستعرض ولع المؤلف في تقديم رواياته وكأنها كانت مكتوبة بالتساوق مع أعراف راسخة محددة للنوع الأدبي.إن التوقعات التي تبرز من هذا العمل كنتيجة لهذه المقتبسات تتيح لبروتيغان أساساً ينطلق منه ليتفحص عواقب صنع الجماعات في المحيط الأدبي وفي المجتمع ككل. ومن المحتمل بأنه يشعر بالهياكل الشاملة والخاصة كتلك التي تركته مهمشاً كشخص وككاتب، ولهذا فهو يميل إلى الاحتجاج عليها. تتضمن رواية " ويلارد وجوائز البولنغ" سرداً إيروتيكياً زائفاً مرتبطاً بقصة جريمة مفككة مرتبة على نحو غامض. وهذه القصة تقدم للقارئ منظومة من الصور التي تصور الشخصية الحديثة في مختلف حالات التهميش والاغتراب في المجتمع الحديث. إن الأشكال التقليدية للسرد الخطي يعاد تنظيمها وتسبك في تحول بطيء قريبة من الجمود وكأن المؤلف قرر أن يجعل من السرد كولاجاً له أشكال مشربة بنوع من الحركة اللزجة. وهذه الصور شكلت جميعها سلسلة ً من خلال مختلف التلميحات شديدة الحساسية والتعديلات في اللغة. والشذرة الأولى من المجموعة الأدبية التي يضعها بروتيجان أمام أعيننا، تصف حياة اثنين من ساكني سان فرانسسكو. إن قابليتهما على الوجود في المجتمع الأمريكي بدأت تتفكك: إنه عيب ثآليل الأعضاء الجنسية أو بالأحرى عيب رد فعل المجتمع نحو الجنس، فالممارسة الجنسية نقلت المرض وكل الدلالات الإيحائية التي أصبحت مرتبطة بهما. إن( بوب) لم يعد مكيفاً للسكن بسبب  القوة الكبرى من الازدراء الحضاري الملحقة بهذا المرض الخاص غير المؤذي نسبياً.لم يظهر عليه أبداً أنه ينظر إلى ذكره عميقاً داخل الإحليل. كانت الثآليل مثل جزيرة صغيرة شريرة من الزهور الوردية المخاطية.. كان يقف هناك محدقاً بالثآليل في ذكره. ظنّ أنه على وشك أن يتقيأ.وبعد مدة طويلة من إنهائه عملية التبول، كان ما يزال قائماً هناك فوق تجويف التواليت محدقاً بذكره". إنه حس الاغتراب من الحضارة الحديثة وبالأخص المجتمع الأمريكي الذي يُستدعى للتحقيق من خلال الرواية.   إن جوائز البولنغ التي تؤدي ميزاتها الرمزية إلى تفكك "الأخوة لوغان"؛ ثلاثة أخوة قبل فقدانهم الجوائز يمكن أن يكونوا أطفالاُ في ملصق خاص بالرؤية اليوتوبية الأمريكية في الخمسينيات. حتى نصف الأزواج " العادييين" الذين يبدون لديهم مناعة للتهميش المتكاثر ، إنهم مشوّهو السمعة ويتعرضون للجنسية القاسية الكامنة. ويشير العمل باستمرار إلى عدم التماسك القاسي ونفاق المقاييس الاجتماعية السوية المنظمة في المجتمع. في الواقع أن الشخ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram