اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > دولة الشَعر الأسود

دولة الشَعر الأسود

نشر في: 24 يوليو, 2011: 05:30 م

طالب المحسن العين ، فسلجياً تستطيع أن ترى ثلاثة ألوان فقط هي الأحمر، الأخضر والأزرق ومن خلال مزج هذه الالوان تستطيع العين تمييز الألوان الأخرى، وهذه فضيلة للعين عمقت لدينا الإحساس بالجمال، فالألوان لم تعد لدينا صفة الموجة من حيث طولها بل أضحت غاية رائعة، ويقال إن الذين يشتغلون بالألوان يستطيعون تمييز ستين لوناً أسود
 وهكذا تدرجت الألوان وأصبحت لاتعد ولاتحصى ومازلنا نحن المعنيين بالشعر أكثر من غيرنا نعبر عن دهشتنا ، ورغم جمال الألوان لكنها تمتلك تأريخا سيئا فعلى أساسها فقط رزحت أوروبا وأمريكا وإفريقيا تحت فتره الاضطهاد العنصري سيئة الصيت إلى أن استيقظ نبلاء البشر على حقيقة أن هذا الاضطهاد وصمة عار كبيرة بحق الإنسانية . الألوان أحيانا تستعمل لدلاله فكرية كأن يكون فكراً أسود ظلامياً أو أحمر دموياً أو أصفر نحساً،وهكذا بل تعداه الى اعتبار الشخص الذي يغير فكره كونه متلونا بل حرباء يحرص على أن يكون لونه منسجما مع اللون السائد.العراق ... بلد السواد ، هنا لخصوبة أرضه ، مرت عليه جميع الألوان وتفاعل معها جميعا ولا غرو أن يكون علمه الحديث هو بيت شعري لصفي الدين الحلي مليء بالألوان: بِيضٌ صَنائِعُنا، سودٌ وقائِعُنا،      خِضرٌ مَرابعُنا، حُمرٌ مَواضِينا .بل إن تأريخه لا يخلو من حقبة كان اللون هو اسم دولته ألا وهي فتره قره قو ينلو و آق قو ينلو اي دولة الخروف الأسود ودولة الخروف الأبيض اللتان حكمتا العراق في إعقاب المغول عام 1401م .صدام الذي أحال العراق إلى لون خاكي دفعت احد مطبليه لان يدفع لحنا غريبا للاطفال وهي ترنيمة لابنه شخصيا!! تقول كاكي كاكي متى تكبر وتلبس الخاكي !! وصدام النزق أراد لونا آخر كان آخر ألوانه وهو الزيتوني بل إن القاص العراقي نصيف فلك أبدع برواية خضر قد والعصر الزيتوني التي يأخذنا فيها برحله مرعبه في عوالم العصر الذي أراده صدام زيتونيا .الآن الألوان كثيرة جدا وغير منسجمة على الإطلاق حتى أني حين كتبت عن الكوليرا التي عصفت في العراق وهو في أوج حروبه الى جريدة الحياة اللندنية قلت: إن كان ماركيز قد كتب حب في زمن الكوليرا وطلب من زورق العاشقين ان يبقى في عرض النهر رافعا علما أصفر  دليلا على تلوثه كي يبقى بعيدا عن حرس السواحل ، أقول اليوم عن كوليرا العراق في زمن الحرب أي لون نقترح لذلك العلم ، لا أظن إننا سوف نتفق على لون واحد حتى لو كان علامة مرض!! .يقول الشاعر كاظم الحجاج في قصيدتهتنورة البنت بيضاء جوربها أبيضوالقميص حريريكنا نسمي البنات النوارس بيضاء ، كل البيوت ، البنايات بيضاء حتى الحكومة شَعر الوزير ، السفير ، العقيد والمديرالكهول الخجلون لايصبغون المدارس بيضاء طبعا أنا لست ناقدا أدبيا لكن هذه الأبيات المليئة بالصور أأخذ منها شَعر الوزير والسفير وشَعر العقيد والمدير وأظنها إشارة لا تقبل الشك عن هؤلاء الرجال الذين وصلوا مواقعهم بعد طول عمر ومعاناة ، طبعا ليس الآن بل قبل ستة عقود على اقل تقدير . الشَيب ينجم عن توقف نشاط الخلايا الملونه للشعر وذلك بسبب نقص الزنك في الطعام ، أسباب وراثية ، أسباب نفسيه كالتعرض لصدمه نفسية او انفعالات عصبيه شديدة وكذلك استخدام بعض الصبغات .وان الانفعالات النفسية القوية هي من الأهمية بمكان بحيث أشار إليها فرانس فانون في كتابه معذبو الأرض عن الشعب الجزائري الذي ضاق ذرعا بالفرنسيين حتى شاب شعر ولدانه ونحن نعرف الخطوب التي يشيب لها الولدان ،وهذه تعتبر علامات نفسجسدية في الطب النفسي بل إن ماري أنطوانيت المرأة الشقراء زوجة ملك فرنسا لويس السادس عشر وأخت ملك النمسا حين تم إعدامها بالمقصلة بعد أن مرت ستة أشهر على إفهامها بقرار المحكمة وجدوا شعرها أبيض تماما لهول معاناتها وهي ما تزال في 38 من العمر وذلك في عام 1793 . مرة ، دعاني مجموعة من الأطباء وكان لديهم الرغبة بتشكيل تجمع جديد وحين ذهبت لم أجد أحدا في رأسه شعرة بيضاء إلا أنا وطبيب آخر وحين أذن لي بالكلام قلت لو إن تجمعا للراقصات أردن إقامة تجمع فعلى الأقل يوجهن دعوة لفيفي عبده او سهير زكي او يضعن صورة لتحية كاريوكا ، يحيين بها جيل من سبقوهن . هل نحن في العراق اليوم نبدأ من الصفر ، أين من سبقونا؟ أين من علمونا؟ ماهذا التجني ؟ مرة أخرى ذهبت الى مقر حزب عريق وفي قاعة التجمع كان الحضور من أصحاب الشعر الأبيض حتى قلت مع نفسي إنهم تماثيل من فضة ، وحين دخلت غرفة فيها بعض قادة ذلك الحزب قال لي احدهم (وهو من أصحاب الشعر الأسود طبعا) نحن نبدأ من الصفر فقلت له وأولئك تماثيل الفضة هل هم كائنات مختبرية ؟ هل هم مومياءات في أهراماتكم؟ يقول الأستاذ فخري كريم :إن كثيراً من شاغلي المناصب المهمة الآن هم في الثلاثينيات من العمر وقد وصلوا هذه المناصب بسبب تقاسم السلطة بين قوى محددة خارج إطار الكفاءة والخبرة إني أرى التسمية الحقيقية للدولة العراقية هي دولة الشَعر الأسود، فالأعمار صغيرة ، لا خبرة ولا انفعالات تعكر المزاج ولا خوف على المستقبل مادام أكثر المسؤولين الذين يتكلمون عن الشفافية ومستقبل العراق الزاهر هم محاطين بجيش من المقاولين ، جيش عرمرم لا تستطيع الشعرة البيضاء أن تنفذ من خلاله إلى رؤوسهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram