TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > المجتمع المدني والارتقاء بواقع الوعي السياسي

المجتمع المدني والارتقاء بواقع الوعي السياسي

نشر في: 25 يوليو, 2011: 05:25 م

محمد صادق جرادما هي الأرضية المناسبة لعمل منظمات المجتمع المدني ؟ وما هي أهم المقومات التي تساعد هذا المجتمع على خلق التوازن بين سلطة الدولة وبين حقوق المجتمع ؟أصبح واضحا للجميع أن الدول المستقرة سياسيا والتي تنعم بأجواء ديمقراطية تعد أرضية مناسبة لعمل منظمات المجتمع المدني بفاعلية كبيرة وذلك لتوفر الظروف المناسبة لعمل هذه المنظمات بعيدا عن الصراعات والتجاذبات السياسية  .
أما ما يحصل في الدول غير المستقرة والباحثة عن استقرارها الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي فان حكومات تلك الدول تمارس ضغوطا كبيرة على منظمات المجتمع المدني بأنواعها الشبابية والمهنية والخيرية لأسباب عديدة المعلن منها أن الدولة تحاول تحقيق المصلحة الوطنية العليا من خلال حماية مواطنيها بأي ثمن حتى لو كان على حساب الحريات واستقلالية المنظمات غير الحكومية الأمر الذي مهد لحدوث خروقات وانتهاكات للحريات تحت عنوان المصلحة الوطنية والأمن الوطني في الكثير من البلدان لا سيما تلك التي تشهد تحولات ديمقراطية واحتجاجات وثورات وتغييرات في الأنظمة .وكما يعرف الجميع فان هذه الإجراءات يعدها البعض احترازية تهدف لحفظ الأمن في البلاد بينما يراها البعض الآخر تسلطية وتدخّل من قبل الدولة ومخالفة للقوانين والمفاهيم الديمقراطية فضلا عن إنها تجاوز على استقلالية هذه المنظمات لأنها تؤثر سلبيا على فاعلية منظمات المجتمع المدني التي إذا ما أرادت النجاح فعليها العمل بحرية بعيدا عن تدخل الدولة وتسلطها من اجل أن تنجح في بناء المجتمع المدني الذي يتحمل مسؤولية خلق التوازن بين سلطة الدولة وبين حقوق المجتمع . من هنا يمكننا القول بان الاستقلالية والحرية هي من أهم مقومات العمل لهذه المنظمات غير الحكومية بالإضافة إلى مقومات أخرى يجب توفرها لدى الجمعيات والمنظمات التي تشكل المجتمع المدني  منها ،وجود موارد للدعم المادي والمعنوي باعتبارها من أهم متطلبات هذا المجتمع ليقوم بدوره السياسي والاجتماعي وليتمكن من إدارة علاقته مع الدولة دون الحاجة المادية لها وبما يضمن استقلاله في مواجهته لها ومراقبته لأدائها , وبغياب هذا الدعم ستضطر المنظمات إلى تلقي الدعم من الدولة الأمر الذي يشرع نوافذ الفساد على عمل هذه المنظمات ويخضعها لتدخلات الدولة وضغوطاتها بعيدا عن الأهداف التي جاءت من اجلها هذه المنظمات .  وبما أن العراق يندرج ضمن الدول غير المستقرة سياسيا وامنيا بالرغم من التحسن الكبير الحاصل اليوم مقارنة بالأعوام الماضية إلا إننا نشهد التجاذبات السياسية والصراع على السلطة في أشده ،ومن هنا تزداد مسؤولية المجتمع المدني فبالرغم من أن مؤسسات ومنظمات هذا المجتمع لا تبحث عن مغانم سلطوية وليست لها أطماع في الوصول إلى السلطة إلا إن لها دورا سياسيا مهما يتمثل في تنمية الثقافة الديمقراطية وثقافة المشاركة إضافة إلى توعية المواطن وإكسابه الخبرة للمشاركة في الممارسات الديمقراطية،وكل هذا يندرج ضمن تطوير ثقافة شعبية لدى المجتمع قائمة على ضرورة تنظيم الجهود الذاتية والمبادرات التي تقوم بها المنظمات التطوعية لتساهم في صياغة تنظيمية صحيحة تعمل على الارتقاء بواقع الوعي السياسي لدى الجماهير بما يمكنها من المشاركة الحقيقية في صناعة القرار السياسي والتأثير على السياسات العامة في البلاد .ومن الجدير بالذكر إن النقابات المهنية كنقابة الصحفيين والمحامين والعمال  ومنظمات أخرى مهنية هي التي تؤدي هذا الدور أكثر من غيرها من المنظمات بالإضافة إلى منظمات حقوق الإنسان التي تلعب نفس الدور باعتبار أن هذه المنظمات أكثر تماسا مع فئات المجتمع المختلفة وتمكنت من استيعاب كافة القوى السياسية لا سيما المثقفة منها والتي تؤمن بضرورة الإصلاح السياسي والتي يجب أن تكون عملية داخلية يقودها المجتمع بما يتوافق مع طموحات الشعوب .وأخيراً نريد أن نقول بان منظمات المجتمع المدني مثلما هي بحاجة للاستقلالية والحرية والدعم المادي والمعنوي فهي أيضا بحاجة إلى الابتعاد عن الانتماءات الطائفية والحزبية الضيقة لان الواقع العراقي أسفر بعد سقوط النظام السابق عن ولادة الكثير من المؤسسات التي اعتمدت في بنائها على الطابع الطائفي والفئوي تحت قيادات نفعية تنفذ أجندات سياسية وربما خارجية وتتلقى الدعم من جهات لا تريد مصلحة العراق حاولت من خلال وجودها دعم تلك الأجندات . إلا إن السنوات الأخيرة كانت كفيلة بفضح تلك المنظمات الأمر الذي جعلنا نشهد تطورا ايجابيا في عمل المنظمات الوطنية التي يتصاعد أداؤها مع مرور الوقت ليساهم في الفعاليات الأساسية والمهمة ومنها مراقبة أداء الدولة والمؤسسة التشريعية بالذات لضمان حقوق المجتمع المدني الذي يبحث عمن يمثله ويدافع عن حقوقه في ظل غياب المعارضة السياسية في البرلمان ما جعل هذا الدور يناط بمنظمات المجتمع المدني ليكون أمام مهمة جديدة نتمنى أن ينجح في أدائها .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram