علي حسينلو ترك لي الأمر.. لأصدرت قراراً بحرمان معظم سياسيينا من حقهم في ممارسة العمل السياسي، لمدة عشرين عاما على الأقل، ثم بعد أن يدرسوا ويتعلموا يسمح لهم بعد ذلك بممارسة العمل السياسي بعد إجراء اختبارات ذكاء لهم. ستقولون لماذا هذا التجني؟ وأقول لكم: لقد صدمت وأنا اقرأ التصريح الذي أطلقه نائب رئيس الوزراء صالح المطلك والذي يشكو فيه للناس ظلم المالكي وتعنته وجبروته حين يقول : "المالكي عنيد ونحن بدأنا نخشى من تحول العراق نحو حكم القائد الأوحد والرجل الأوحد".
وفجعت بعد قراءة تصريح عضو دولة القانون سامي العسكري والذي يرد على ترشيح طارق الهاشمي وزيرا للدفاع قائلا: "من الصعب أن يكون هناك تفاهم وانسجام بين المالكي والهاشمي"، دلالة الخبرين تؤكد أكذوبة حكومة الشراكة الوطنية، ولعل اختيار صالح المطلك لإلقاء بيانه الغاضب، في هذا الوقت بالذات، يحمل أكثر من إشارة ورسالة، فإذا كان نائب رئيس الوزراء والذي هو الأقرب إلى روح الحكومة ورئيسها يتحدث بهذه النبرة الغاضبة وترد في حديثه كلمات من نوعية "إن تصرفات المالكي وإجراءاته التسلطية والفردية تدفع باتجاه تقسيم العراق"،فما الذي يقوله المواطن المغلوب على امره. هكذا بعد سبعة أشهر على شراكة حكومية قيل عنها إنها وطنية ، نجد أن رئيس الوزراء لا يثق بنائبه وان نائب رئيس الجمهورية منزعج من الحكومة ورئيسها، للأسف نواجه كل يوم بتصريحات وإجابات مخجلة وردود أفعال مؤسفة، ودعوني اسأل السيد المطلك لماذا لا تستقيل؟ هناك عشرات الأسباب التي تدعوك إلى التفكير بتقديم استقالتك، لكنني سأكتفي بسبب واحد ، منذ حوالي أكثر من أربعة اشهر وقف الدكتور صالح المطلك في قاعة البرلمان يرد على انتقادات وجهها الإعلام لأداء الحكومة قائلا أن الحكومة تؤدي واجبها بصورة جيدة وان مجلس الوزراء ملتزم بتعهداته كافة التي أطلقها لتحسين الخدمات بل أن الرجل بدا عليه آنذاك انه لن ينام ولن يغمض له جفن حتى تتحقق كل مطالب الناس، وقال " انني مسؤول شخصياً عن الخدمات.. ولن أتهاون"، هذا ما قاله صالح المطلك ، بعدها خرج علينا الرجل ليبشرنا بان الحكومة عازمة على نفض الغبار عن مدن العراق كافة، بل ذهب به الأمر إلى إطلاق حملة وطنية لإصلاح التعليم، ثم اكتشفنا أن التعليم تحول بقدرة قادر إلى "تعميم " بجهود حكومة يتولى فيها السيد المطلك منصب نائب رئيس الوزراء.الحقيقة التي يجب أن يقولها المطلك ، والتي يجب أن يعرفها الناس هي أن الحكومة تقاعست عن أداء مهامها، وأن مجلس الوزراء نام وشبع نوماً، وأن 325 نائبا أغمضوا أعينهم لكي لا يعرفوا المصيبة التي حلت بنا، أين هي المسؤولية الشخصية التي يجب أن يتحدث عنها المطلك؟ هل هي السعي وراء مزيد من المناصب والمنافع والامتيازات، أم في ضياع كلمة الحق التي تقول إن الحكومة بأطرافها كافة ومعها القوى السياسية مسؤولة عمّا وصلت إليه حال البلاد، وان هناك سياسيين ومسؤولين تقاعسوا عن القيام بدورهم وبواجبهم في إنقاذ الناس من تعنت الحكومة وطغيان رئيس وزرائها ، وأن الكتل السياسية فشلت في إدارة الأزمة، ولم تقم بدورها.. على عكس ما يذهب إليه المطلك الذي حاول أن يفهم الرأي العام، بأنه بذل أقصى ما يستطيع.. وفعل كل ما لم يستطع سياسي ومسؤول أن يفعله. وعليه فإن شكوى المطلك اليوم مسألة عبثية لا تنطلي على عقل طفل، خصوصا أن الجميع يعرف أن قبول السيد المطلك المشاركة في الحكومة كان من خلال صفقة سياسية تضمن للحكومة ولاءه وصمته، فيما تؤمن الحكومة له مناصب ومنافع، ما يجري اليوم هو نتاج سياسات خرقاء شارك وساهم فيها صالح المطلك وأمثاله حين حولوا العراق إلى ساحة للمحاصصة الطائفية والفساد الإداري والمالي والانتهازية السياسية، فنحن لم نسمع أن السيد المطلك منذ توليه منصبه أن اعترض على تضخم الوزارات وعلى الأموال التي تهدر بدون وجه حق، الحقيقة التي يجب ان يعرفها الناس ، أن المطلك جزء من المشكلة التي نعاني منها لأنه صمت عن الفساد الذي عشّش في كل أركان الحكومة، ولان عدم الاعتراف بوجود فساد هو فساد أيضاً. كلام المطلك وتصريح العسكري ما هما إلا عينة من التبريرات التي يسوقها السياسيون لفشلهم في إدارة البلاد إدارة سليمة، وهي تكشف عن نوعية السياسيين الذين يقودون البلد وعن الجهل الذي يسيطر على عقول الكثير منهم، كما تكشف عن أن قضية الخدمات ومعاناة الناس لا تشغل تفكيرهم، بل لعل البعض منهم يخشى أن يدلي برأيه، فلا يعجب السادة المقربون من رئيس الحكومة. السيد صالح المطلك أتمنى أن تسأل نفسك: ما حقيقة الدور الذي تلعبه في رئاسة الوزراء؟ وستجد أنه أشرف وأكرم لك أن تقدم استقالتك من الحكومة، أما السيد طارق الهاشمي فلا فائدة من الكلام مع فخامته.. فقد نام ضميره وشبع نوماً.
العمود الثامن: لماذا لا يستقيل صالح المطلك؟
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 25 يوليو, 2011: 10:16 م