عبد الخالق كيطانالسيدة حنان الفتلاوي، عضو مجلس النواب عن كتلة دولة القانون، حاضرة منذ أسابيع بقوة في وسائل الإعلام العراقية وهي تصرّح ضدّ مفوضية الانتخابات وتتهمها بتهم كثيرة أبرزها الفساد. كم هو رائع أن يتصدى النواب إلى ملفات الفساد في الدولة العراقية، ولكن الريبة تتملكني وأنا أتابع إلحاح السيدة عضو مجلس النواب باتهام المفوضية.
فالمفوضية كانت "نزيهة" جداً في نظر "دولة القانون" قبيل الانتخابات التي حلت فيها الكتلة ثانية بعد "العراقية"، ولكن الغضب تملك الكتلة، ممثلة برئيسها السيد نوري المالكي وأبرز أقطابها، بعد إعلان النتائج. وصل الأمر حدّ اتهام المفوضية بالتزوير. أعيدت بعض إجراءات المفوضية، ولجأنا إلى العدّ والفرز الذي ثبّت النتائج الأولى، وشهدنا مرحلة جمود خطيرة، ومملة جداً، على طريق تشكيل حكومة منتخبة جديدة وباقي القصة معروف للجميع.ما أريد الوصول إليه هو هذه الهجمة الكبيرة، التي قادتها السيدة الفتلاوي، ضدّ المفوضية. حيث طلبت استجواب رئيسها السيد فرج الحيدري ووجهت له، بشجاعة واضحة وصلابة أوضح، عدداً كبيراً من التهم ما جعلها نجمة المشهد. لم تتوقف تسديدات السيدة الفتلاوي، بل استمرت مستغلة أغلب المنابر الإعلامية لمواصلة الهجوم الأمر الذي أحييها شخصياً عليه، وأشد على يديها، ولكنني أتمنى، أتمنى فقط لو تصدت السيدة الفتلاوي، وزملاؤها طبعاً، لملفات لا تنتهي من ملفات الفساد. ولكن الأمر ليس بهذه الصورة، ثمة أطنان من الملفات التي تنتظر رأي السادة والسيدات أعضاء مجلس النواب، ولكنها تتكدّس ليس إلا. ثم انتقل الموضوع إلى مجلس النواب من أجل التصويت على إقالة المفوضية بطلب من كتلة "دولة القانون"، وكنت أتوقع أن المجلس سيطيح بالحيدري وجماعته، ألم أقل إن السيدة الفتلاوي، ومن وراءها، كما هو واضح كتلة السيد رئيس الوزراء كلها، أقاموا الدنيا ولم يقعدوها ضدّ المفوضية؟، ولكن المفاجأة الكبرى، بالنسبة لي على اقل تقدير، كانت بتصويت 94 عضواً من مجموع 245 عضواً حضروا التصويت لصالح إقالة المفوضية بينما رفض باقي الأعضاء هذا الأمر. الموضوع بالنسبة لي يمثل انتصاراً للديمقراطية في العراق لا انتقاصاً من موقف السيدة الفتلاوي، ولكن لأنها اختارت مفصلاً للنقد كان مرضياً عنه على الدوام، ولكنه تحول إلى وكر فساد مع قرب استحقاقات انتخابية عديدة بالنسبة لكتلة السيد رئيس الوزراء.الأمر اللافت للنظر في مسألة تصويت يوم الخميس الماضي هو تلك الكلمات الصادقة التي أطلقها بعض السادة النواب وحذروا فيها من صعود ديكتاتورية جديدة في البلاد. كما حذروا من ربط الهيئات المستقلة بمكتب رئيس الوزراء، فيما أكد آخرون أن التصويت مثّل انتصاراً حقيقياً للديمقراطية الفتية في العراق، لماذا؟ لأن كتلة السيد رئيس الوزراء فشلت فشلاً ذريعاً في حشد التأييد المطلوب لقرار حلّ المفوضية. عليّ أن أؤكد هنا، بأنني لا أريد الدفاع عن مفوضية الانتخابات، ولا في وارد الشماتة بموقف السيدة الفتلاوي وكتلتها التي تدعمها، ولكن ما يحزّ في النفس كثيراً هو ذلك التعالي على مشاكل كبيرة تعاني منها البلاد وحصر النقاشات البرلمانية في أمر المفوضية. لنتذكر هنا أن أمر إقالة المفوضية بهذه السرعة، ودون وجود بديل مناسب لفترة قادمة نقف فيها مع استحقاقات انتخابية هو أمر لا يمكن إلا أن يكون مبيتاً. إنها المرة الأولى التي يتفق فيها هذا العدد الكبير من النواب على موضوع لا يدخل رأس الطائفية فيه. مرحى لمجلس النواب.rn
عين: الفتلاوي والمفوضية
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 29 يوليو, 2011: 08:25 م