TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الصراع السياسي.. غياب لوحدة الإرادة الوطنية

الصراع السياسي.. غياب لوحدة الإرادة الوطنية

نشر في: 30 يوليو, 2011: 06:19 م

محمد صادق جرادلم تعرف القوى السياسية والأحزاب العراقية طعم ممارسة السياسية قبل 2003 لعقود من الزمن حيث كانت حكرا على حزب واحد ومجموعة صغيرة من الناس نجح رأس النظام في تقليص عددهم شيئا فشيئا حتى انفرد وحده في السلطة وتمكن من إبعاد الجميع في ظل نظام شمولي متسلط مطلق الصلاحيات عمل على تهميش بقية الأحزاب والقوى السياسية لتنخرط جميعا في جانب المعارضة السياسية داخل وخارج البلاد .
وبعد سقوط النظام في التاسع من نيسان 2003 تمت دعوة جميع الأحزاب والشخصيات العراقية في الداخل والخارج لإشراكهم في العملية السياسية الجديدة كتجربة ديمقراطية كان من المتوقع لها أن تكون نموذجا للمنطقة .ومن الجدير بالذكر إن الدعوة للمشاركة في العمل السياسي لم تكن وفق الضوابط الوطنية والمهنية إنما جاءت حسب التنوع الاثني والطائفي في البلد، فلقد جرب العراقيون نظام المحاصصة الطائفية الذي يعتمد على زج المكونات الاجتماعية في العمل السياسي بما يتناسب مع حجم ذلك المكون والنسبة التي يشكلها حيث منح بريمر الحاكم المدني حينها عندما تم تشكيل مجلس الحكم حصة لكل مكون ومنذ ذلك التاريخ تم التأسيس لنظام حكم يعتمد الطائفية والقومية والمذهبية في توزيع المناصب ويعتمد عليها في تقسيم السلطة. ومن يومها انفتحت الأبواب مشرعة أمام الأحزاب والطوائف والأديان والقوميات والقبائل والشخصيات من جميع الانتماءات للعمل السياسي في وضع لا يمكن وصفه سوى بالفوضوي يسعى جميع المشتركين فيه إلى الحصول على المكاسب الفئوية الضيقة دون التفكير بالمصلحة الوطنية  .العراق لم يتمكن من التخلص من هذه الحالة السلبية بالرغم من مرور أكثر من ثماني سنوات تخللتها دورتان انتخابيتان أنتجت نفس النتائج السابقة من ناحية التقسيم الطائفي والقومي في ظل نظام انتخابي ساعد على ذلك وكل ذلك ساهم في تحويل العمل السياسي في العراق من منافسة مشروعة لتقديم الخدمات للشعب عبر برامج وطنية مخلصة الغرض منها النهوض بواقع البلاد الاقتصادي والاجتماعي إلى منافسة على توزيع المناصب ومحاولة الحصول على مكاسب أكثر لصالح المكون والطائفة والحزب ومحاولة تسقيط الآخر دون الالتفات للتحديات التي يمر بها العراق اليوم ومنها ما يعانيه المواطن من خطر الإرهاب وتنوع أساليبه في قتل الناس إضافة إلى نقص الخدمات في العديد من القطاعات الاقتصادية كالكهرباء والماء والصحة فضلا عن التحديات الخارجية المتمثلة بالانسحاب الأمريكي الذي يقترب من زمن الحسم والعلاقات المتوترة مع دول الجوار التي تتجاوز على حقوق العراق البرية والمائية والنفطية .هذه التجاذبات شاركت في غياب موقف موحد من التجاوزات الكويتية على العراق عبر بناء ميناء مبارك الكبير الذي يخنق رئة العراق البحرية الوحيدة ،ونفس الشيء يحدث مع القصف الإيراني للقرى الحدودية العراقية وكذلك مع تجاوزات تركيا وسوريا على حصة العراق المائية بما يشكل خطورة على الأمن الغذائي للمواطن العراقي .كل هذه التحديات لن تجد الحلول في ظل غياب وحدة الإرادة في حكومة الشراكة الوطنية كما يسمونها والتي يتهم كل طرف فيها الأطراف الأخرى بمحاولة السيطرة على مركز القرار والتفرد بالسلطة وهذا ما يتضح كل يوم أكثر وأكثر من خلال الاختلاف على فقرات كثيرة والبحث عن تنفيذ مبادرات تسير باتجاه تقاسم السلطة ،ومنها طبعا المجلس الوطني للسياسات العليا الذي جاء بالأصل لترضية بعض الأطراف السياسية من اجل الدخول في العملية السياسية والذي يعكس أزمة الثقة بين القوى السياسية ،حيث يحاول مؤيدي هذا المجلس الوصول إلى رأس الهرم في اتخاذ القرارات الاستراتيجية والتمهيد لتكوين سلطة تنفيذية جديدة بينما يرى الطرف الآخر إن هذا المجلس يجب أن يكون استشاريا بما لا يتناقض مع ما جاء في الدستور العراقي 2005 .  من خلال هذه التجاذبات السياسية نجد أن السياسيين في العراق قد سخّروا جميع خبراتهم وإمكانياتهم في الصراع على السلطة وساهموا في جريمة ضياع الزمن الكثير من عمر المواطن العراقي إضافة إلى ضياع الجهد والمال بينما ينتظر الشعب بفارغ الصبر الحلول لأزماته المزمنة والموروثة والتي عبر عنها عبر التظاهرات التي عمت مدن العراق والتي تم تسخيرها هي أيضا باتجاه تسقيط الآخر ومحاولة استغلالها في خضم الصراع السياسي في العراق الذي مازال مستمرا وللدورة الثانية وبنجاح ساحق .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram