ينطلق صوت مدفع الإفطار، آتيا من شاطئ دجلة . يتبعه صوت الأذان تتجاوبه الآفاق في معظم مناطق بغداد . «الدين اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا» تتمتم العائلة حول مائدة الإفطار. قليل من شراب التمرهند ، أو عصائر قمر الدين، تروي ظمأ اليوم الحار مع نسمة المغارب. قضي نهار اليوم الرمضاني الأول. وها هو طعام الصائمين يجمع شمل العائلة. فرمضان حين يأتي تقبل معه كل عاداتنا التي نسيناها، أو ألهتنا عنها شواغل الحياة.
عبق آخر يضفي على الأجواء نسمة روحية، فيتواصل ما انقطع من صلات الأرحام والصداقات.ولان رمضان رحلة ممتدة تتجدد كل عام، يتذاكر العراقيون فيه عاداتهم وتراثهم، من الأطعمة وموائدها التقليدية، إلى الأزياء التي تصل الماضي بالحاضر. على بساط رمضان تمتد مائدة التواصل والرحمة مطعمة بالـ«تشريب» و«الكبة » و«الشوربة »، وفي الفترة التي تسبق السحور تعمر المائدة بالحلوى والمأكولات الخفيفة، مع أحاديث السمر وحكايا الآباء.أسواق بغداد تكتظ مساء، تختلف التفاصيل والألوان والمعروضات، ويجتمع الناس في هذا الشهر على شراء الأشياء نفسها، مع التفنن في النوع والجودة، لكن توحدهم العادة، فيرتبط الشراء لا بإرضاء احتياجات خاصة، بل بفرح جماعي، ينتظره الناس كل عام، كبارا وصغارا، رجالا ونساء.، يتذاكر الناس " رمضانات " سبقت، يتحدثون عن تغير الأحوال وتبدل العادات، " كنا وكنا "، وتبدأ المقارنة مع الحاضر الذي يلهث وراء الجديد والمبتكر. لحظة توقف في الزمن تستعيد خيطه من انشغالات الدنيا التي صارت أكثر تعقيدا، وصار الفرد فيها أكثر عزلة. عطاء متبادل ممزوج بالبسمات والضحكات، يصل ما انقطع، ويرد الغائب إلى حضن الجماعة الواسع.
الجلسة الرمضانية أيام زمان
نشر في: 1 أغسطس, 2011: 08:56 م