د. طالب المحسن في الستينات، وكنا صغاراً نراقب فيلم الأسبوع يوم الجمعة وقد شاهدت حينها أفلاماً كثيرة وقد كانت شخصية المختلس والسارق في كثير من الافلام العربية تلجأ الى حرق غرفة الحسابات وهنا تبدأ التحقيقات، وان السارق الحقيقي الذي أوحى لاول مخرج تناول الموضوع
كفر بالسينما المصرية لكثـرة تكرار الفكرة ذاتها حتى شعر السارق نفسه بأن سبل النجاة بفعلته اصبحت ضئيلة، لأن هذه الأفلام كونت رأيا عاما مباشرا وواضحا بأن الحريق في الغرف المهمة للدوائر لا يمكن ان يكون الا بفعل فاعل والا لماذا لا تحترق غرف الحرس ، الاستعلامات ولماذا لا تحترق إدارات المدارس مثلاً ...... ونحن صغاراً كحال السارق الأول أيضا انزعجنا من تكرار هذا الموضوع لانه اصبح واضحا وعرفنا كل جوانبه ....... غادرته السينما المصرية بل غادره السراق والمختلسون وكل المجرمين .... كبرنا ..... كبرنا كثيرا واذا بنا نرى الموضوع ثانية ليس في السينما بل على ارض الواقع، بل ان هذا السارق حاله حال السينما المصرية اخذ يكرر فعلته ذاتها وكأن لا احد يستطيع فك رموزها . وانا اسير في الكلية ناداني صديقي وهو استاذ وقور قائلا: لماذا لا تكتب عن ظاهرة تحول السراق الى كذابين...... وانا اعرف صديقي فهو مثقف وأشعر بالمرارة التي يعانيها وهو يطرح طلبه هذا..... ضحكنا، لكني منذ الوهلة الاولى شعرت بأهمية الموضوع . نعم سراق ثم ليكذبوا علينا ولكن بطريقة بدائية جدا، فقد هجرت السينما المصرية الموضوع تماما على حد علمي ثم يأتيك الخبر، ان تماساً كهربائيا قد اندلع في الوزارة مما احرق كافة المستمسكات الحكومية المهمة !!! .اتصل بي أديسون، قائلاً: لماذا يحاول السراق في العراق تسويق فعلتهم القذرة على حساب الكهرباء، وكأنهم يريدون ان يقولوا ان الكهرباء هي ام المشاكل في العراق، وعلى حد علمي ان الكهرباء شحيحة جدا، فكيف لو كنتم مثل الدول الاخرى ؟ ثم يا اخي لماذا لا ترموا أوساخكم على سبب آخر، مثلا تقولون ان الليزر  حرق الطابق السادس ..... أو أن مذنباً جنح عن مداره واصاب الطابق السادس واحرق المستمسكات المهمة، او ان دولفينا ضخما قفز قفزة كبيرة واصاب الطابق مقتلا .... هنا تدخلت في المكالمة لأخبر الأخ أديسون بأن العراق ساحله مجرد كيلومترات معدودة تتناوب الكويت وإيران على قضمه وعلى مرأى ومسمع الجميع وبالقوة ونحن لا نمتلك ليومنا هذا وزير دفاع او داخلية ونتيجة ذلك أحمل وزير التربية مسؤولية الحفاظ على تربة العراق !! أوليس التربه جزء من التربية!! ثم ان وزارات بغداد التي تحترق تباعا توجد على اليابسة فكيف تقول حكاية الدولفين، وهنا انقطع الخط شأنه شأن سبل الحياة في العراق وبفعل فاعل أيضاً . في مركز صحي يوجد في ناحية الشبكة (شبجة) في محافظة النجف، هنالك بينات تطلبها وزارة الصحة عن عدد الوفيات في منطقة أي مركز صحي وسببها، وكان المضمد الموجود يقسم الوفيات في الحقول الموجودة على هواه وفي مرة وهي التي كشفت عدم اهتمامه ذكر بعض الوفيات غرقا، علما ان هذه الناحية توجد في عمق الصحراء !!! .نعود لإخواننا السراق نحن نعيش في صحراء الكهرباء فأبحثوا عن عذر آخر يا اخوان، اتعبوا أنفسكم بتسويق فعلتكم لان الغثيان أصابنا من طريقة تفكيركم ..... .أعود ثانية لست منزعجا من السرقة بل من طريقة تسويقها ليس الا .......معاذ الله ان ننزعج، ولماذا ننزعج لأنكم بدونها سوف تقومون بأعمال اخرى اشد قسوة، تمتعوا وتقاسموا لكني استحلفكم بروح المرحوم أديسون ان لا تتهموا الكهرباء بذلك . ورغم اني انتظرت كثيرا من الاخ وزير الكهرباء ان يدافع عن اختصاص وزارته لكنه التزم الصمت لان صمته يعني وجود كهرباء في طوابق الوزارات وهذا يصب في مصلحته !!! .مرة عاشرة ....... قولوا ان حقلاً مغناطيسياً التهم الطابق ...... قولوا شبابا من نجمة الشعرى اليمانية وجهوا طاقة نجهلها حرقت عقود البيع والشراء، قولوا ........ ان جراثيم جديدة بسبب المزابل الكثيرة نمت وتكونت تكره لجان المشتريات، قولوا بسبب جفاف الأنهار تحورت الضفادع واستولت على الطابق السادس ........قولوا ان الفقراء الكثيرين، أنفاسهم تحرق العقود، قولوا إن دعاء المساكين يتلف الأوراق والمباني، قولوا ان الأرامل والأيتام حسدوا كروشنا، قولوا ...... أي شيء......... ثم عفوا انه مجرد سؤال ....... لماذا لا تسرقوا دون حرائق؟....... أم أنه إجهاز على كل شيء أو لذة كبيرة لديكم في شواء الجسد العراقي وتناوله ساخناً.