حازم مبيضينأخطأ الإعلام العربي وهو يصف محاكمة الرئيس المصري المخلوع بأنها الأولى في التاريخ العربي الحديث, لأنه تجاهل محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين, وهي التي استمرت لفترة طويلة وشارك فيها العديد من المحامين العرب مدافعين عنه, بالتأكيد الحدث مهم جداً, ويحظى بتغطية إعلامية واسعة وغير مسبوقة, لكن هذه المحاكمة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة, فعلى الطريق ينتظر عدد من الطغاة نفس المصير إن لم يكن مصيراً أسوأ بكثير وهو مصير لابد من أنه سيكون مصبوغاً بلون الدم.
لم تتأخر السلطات المصرية في تقديم مبارك للمحاكمة, فقد كان على النيابة العامة إعداد ملفات متكاملة بين يدي المحكمة, ولم يكن صحيحاً الاعتماد على اتهامات يطلقها من يشاء على من يشاء, كما لم يكن منطقياً أن تنجر الدولة المصرية إلى نزق الشباب فتفقد المحاكمة أصوليتها وهي ضرورية لانها تؤسس لحالة قد تنسحب على محاكمات مقبلة في مصر أو في غيرها من الدول العربية, وهذه المحاكمة يجب أن تكون نزيهة بكل المقاييس ليحظى حكمها الذي نأمل أن يكون عادلاً بالرضى من أسر الشهداء بالدرجة الأولى ومن قبل كل المتضررين من حكم مبارك وحتى من قبل مؤيدي الرئيس المخلوع.مثول مبارك في داخل قفص الاتهام وهو مستلق على سرير طبي يؤكد أن المحاكمة ستسير بنزاهة ولن تتخطى أي إجراءات تنص عليها القوانين المصرية, ذلك أن ما يقال عن تدهور حالته الصحية لم يمنع السلطات من جلبه إلى قفص الاتهام كما هو مفروض, وكان واضحاً أن الجلسة الاولى إجرائية بالكامل وهي عنيت بتثبيت الحضور من المتهمين والمحامين المكلفين بالدفاع عنهم, وكان واضحاً أن تباين وجهات النظر بين محامي الطرفين وهو تباين منطقي ومشروع سيأخذ الكثير من وقت المحكمة لكنه لن يؤثر على قراراتها.كان واضحاً أن الهدوء الذي سعى رئيس المحكمة لإبرازه ليتمكن من فرضه على القاعة, لم يتمكن من إخفاء التوتر الذي كان واضحاً عنده لينتقل منه إلى القاعة باستثناء قفص المتهمين, الذي تميز بهدوء على الأرجح أنه مصطنع لكنه متقن, لكن المهم أن محاكمة مبارك ابتدأت, وأن العدالة ستأخذ مجراها, بغض النظر عن القضايا الإجرائية التي سيأخذ الحديث عنها وقتاً ربما يكون أطول من وقت المحاكمة, وكان واضحاً أن المحامين عن المتهمين سيسعون لاستغلال كل ثغرة ممكنة لإطالة أمد المحاكمة وتمييع مجرياتها, غير أن لجوء رئيس المحكمة إلى الحزم سيمنع ذلك وهو ما بدا واضحاً عند تلبيته طلبات المحامين.والمهم أن أكثر من ثلاثين عاماً قضاها مبارك حاكماً مطلقاً وبنى فيها لنفسه امبراطورية أمنية, لم تمنع مثوله أمام محكمة الشعب لتأخذ العدالة مجراها, وليكون مفهوماً أن أي ادعاء بأي إنجازات خلال فترة الحكم لن يكون مجدياً في التغطية على أي تقصير, أو أي أخطاء مقصودة كانت أم غير مقصودة, لأن الانجازات هي جزء من وظيفة الرئيس, وهي من مهامه التي انتخب ليؤديها, وهذا درس على الحكام العرب جميعاً فهمه والتمثل به.
في الحدث: محاكمة مبارك
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 3 أغسطس, 2011: 08:33 م