 إحسان شمران الياسريقبل أربعة عقود باشر الراحل (شمران الياسري- أبو كاطع) بمشروع جميل لإعداد القاموس الريفي. ولم يكتمل هذا المشروع الذي كان مشروع العمر بالنسبة للراحل.. ولجمال اللغة التي كُتب بها، ولطول مواده قياساً بحجم العمود المخصص، فقد آثرنا تجزئة نماذج من هذا القاموس الريفي إلى عدد من الأجزاء حسب الحال.القاموس الريفي، الذي جمعت مواده الخام، وخصصت لإنجازه أيام (التقاعد) المقبلة – ومنه العون والتسهيل! – أنوي ترتيبه هكذا:
الحروف.. الأسماء.. الأفعال. حطّ...!(الجزء الأول)(حَطّ) بمعنى وضع.. وجعل.. وجثم.. مثل قولهم: (حط الرحمن بين عيونك) تحذيرا لمتهور، من مغبة الاندفاع والطيش. ويقولون عن المشاكس (حاط چفنه على راسه) وعن المتخايل (حاط اعكَاله صفح). وعن المغرور والمدّعي (حاط الدنيا بچيس التتن). ويقال للمتكبر: (حط ايدك بطاعة الله) وللنزق (حط لك بعبك صفاه) وللمتعالي بسبب حصوله على مال أو مركز، بصورة مفاجئة: (بعدك ما حطيت رجلك بالرچاب). ويحذر الصديق صديقه أو القريب  قريبه من التورط في شيء معين (لا اتحط روحك بهالشغله). ويقال مدحا للغائب (حّطه عد يمناك.. ) سواء في ذلك الشجاع أو القوي الذي لا يغلب في المحاجة. وأحيانا يقال لمعنى مضاد، كأن يقول بعضهم عن الجبان: (حطه عد يمناك بالعزايم.. ).  وان تحرّج احدهم في القطع حول مسألة شائكة، أجاب مع تحريك خفيف لثوبه في ما يلي الرقبة: (ما أحط على بختى).  ومن باب الأدعية بالشر يقول عاشق وقفت أم المعشوقة في طريقه حجر عثرة: حطيت انا العباس يا امها جبيلچ امكَرمه وتبچين محد يشيلچويقول عاشق آخر، تعريضا بفتاة أنكرت حبه  وتعلقت بشاب آخر: حطي ايدچ اعلى اثنين خويه الطمع زينوالثالث احچي اوياه خافن تفلسينوإذا تراءى لأحدهم أن صاحبه يشك في ما أسمعه، أو اعتبر القول يتضمن غمزا مبطنا، يسأله متعجبا: (هم حطيت بيها؟!). وإذا اشتد النقاش حول أمر عويص، سأل احدهم الآخر طلبا للنصيحة: (حطني من ايدك؟) ويقال ذما للساعي بنميمة، أو المتدخل لغير صالح الطرفين: (ايحط عالنار حطب). ومن باب المواعظ (الرديئة) المنسجمة مع روح التفرد يشيع بينهم ترديد هذه السجعة، وأحيانا يُنغّمونها: (حط امتعيك بالينطي.. عمك خالك لا تنطي). ويقول المتردد في  جدوى  نتائج فعلته (أرد أحطها بهالبخت) تقليدا أو اتكالا على رأي من سبقه. ويتساءل الرجل، إذا وجد صاحبه غير مخلص في ما يدعو إليه، مع إلحاحه الشديد على تنفيذ الأمر أو التبصير بفكرة ما: (چا حاطني ماشة نار؟!). وإذا تعاتب صديقان، أو قريبان، قال احدهما للآخر (يدفع عن نفسه التهمة ويعرض استعداده لقبول الحكم): (أفرش عباتي وانت حط. ) ومن مأثوراتهم: (اشما اتحط بالجدر يطلعه الچفچير) ومن حكمياتهم: (لا اتحط ايدك بالنهار وتصيح ياقريب الفرج). ومن خرافاتهم، الاعتقاد بوجود (خرز) أشهرها (الهبهاب) يمكن أن تغمسه المرأة في طعام الرجل أو شرابة، أو تدعك به ثابه، فيؤدي إلى تعلقه بها.. لكن هذه الوصفة، تعطي أحيانا نتائج سيئة على صحة الرجل، ولهذا يقال عن شارد الذهن والمصاب بالذهول، أو من يلازمه الأرق: (فلان محطوط له..) وعندئذ يتعين عليه الذهاب إلى إحدى العارفات المشهورات بمعالجة إمراض الخرز، لتقرأ تعاويذها على ماء، يغترفه المريض بـ(طاسة خلاص) ولكل عارفة طريقتها.. وإبداعاتها. ويطلقون مجازا على المصاب بداء النسيان (محطوط له خرز). وقريب من ذلك تخصص بعض النساء في معالجة المشاكل العاطفية ومضاعفاتها، واشهرهن التي تحفظ الالفية: (الف بيت شعر ورجزة) فللرجل الذي يهم بالزواج من إمرأة ثانية تقرأ هذه التعويذة، لصالح الزوجة الاولى، وفق طقوس معينة: (احط عليك سور.. وابن الجان ناطور.. الخ).