اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > «المدى» بديلٌ حاضرٌ لوزارة غائبة

«المدى» بديلٌ حاضرٌ لوزارة غائبة

نشر في: 6 أغسطس, 2011: 09:23 م

  مصطفى الكاظميلم يكن مجرد احتفال، ذلك الذي نظمته «مؤسسة المدى للثقافة والفنون» بعيد جريدتها الثامن، فالاحتفاء الثقافي والشعبي بـ"المدى" كشف من جهة عن المساحة الواسعة التي احتلتها تلك التجربة كأحد الروافد المتقدمة في الثقافة العراقية، ومن جهة ثانية كان الحدث بكل تفاصيله بمثابة ضوء شديد الوضوح اخضع واقع تغييب المشروع الثقافي الوطني بمفهومه الشامل، وتراجع الدور الحكومي على مستوى النهوض الثقافي بعد التغيير، إلى المساءلة.
الذكرى الثامنة لولادة «المدى» كانت أشبه بعرس إعلامي كبير، عبّر فيه فريق من البرلمانيين والمسؤولين الحكوميين والإعلاميين، فضلاً عن جمهور «المدى» الواسع، عن اعتزازهم بالمؤسسة الإعلامية الثقافية العريقة التي احتضنت منذ ثماني سنوات، ولا تزال، الهم الإعلامي والثقافي العراقي، باستقلالية وموضوعية وحيادية وهو نهجها الدائم، قبل وبعد سقوط الدكتاتورية.أجمع الذين شاركوا في الاحتفال على دور المؤسسة الكبير في ترسيخ ركائز العملية السياسية واشاعة ثقافة الحوار والديمقراطية، وإسهاماتها المؤثرة في الدفاع عن قيم العراق الجديد وتطلعاته الواعدة، وتصديها بوعي وجرأة وشفافية لكل مظاهر الفساد والمفسدين.ولا جديد في القول إن «مؤسسة المدى» منذ ولادتها كانت المحرك الأهم للحركة الثقافية في العراق، فاحتضنت طيفاً عريضاً من المثقفين والمبدعين، واهتمت بإبراز مواهبهم وطبع نتاجهم، فضلاً عن أنها واكبت الحراك الثقافي بمهرجانات دائمة في بغداد وأربيل وعدد من العواصم العربية.جريدة «المدى» بملاحقها الفنية والروح المهنية العالية التي أطرت عملها كشفت عن منهجية إعلامية تتجنب اللهاث خلف الإثارة، واختارت طريق المهنية الصعب بديلاً عن ذر الرماد في العيون.المدى تعيش الحدث بكل أبعاده الثقافية والاجتماعية والأمنية والسياسية والاقتصادية، مع إطلالة خاصة على الواقع الكردي ونبضه الدائم.النجاحات التي حققتها المؤسسة، يقف خلفها فريق من المبدعين المخلصين، يصفهم من اقترب من مطبخ المؤسسة النابض بالحياة بأنهم بعض عصارة الوعي الثقافي والإعلامي العراقي، وبعض الناجين من فوضى الإسفاف والتراجع.الزميل فخري كريم المعروف باستقلاليته وشفافيته ومصداقيته، كانت مواقفه الشجاعة في الدفاع عن حرية الرأي، وتطلعاته الواثقة، وطموحاته للعراق الجديد ومسيرته الصعبة في تلمس مستقبله رغم الظروف القاسية التي يعيشها في مناخات إقليمية مشدودة، نقطة ارتكاز صلبة لهذا الصرح. والصلابة والإخلاص والتمسك بالثوابت أشبه بالعدوى الحميدة تنتقل بين فرسان المدى، فمن الزميلة غادة العاملي المنهمكة بالتفكير بما هو أفضل والتي كانت لمسات ذوقها ونشاطها حاضرة بقوة في احتفال المدى الاستثنائي، إلى علي حسين الصوت الذي عبر بصدق وبساطة عن الضمير الشعبي، إلى علاء المفرجي العازف على وتر الفن الجميل وقاسم محمد المثقف الرصين وعدنان حسين وصولاً إلى الزميل عبد الزهرة زكي الصحفي الحنون، وكل الزملاء الرائعين الذين أخشى أن اذكر احدهم وأنسى الآخر.ليس سراً أن العمل الثقافي بكل أبعاده يواكب المسيرتين الأمنية والسياسية، وأن التواصل الثقافي فعل حضاري هادئ يتطلب حداً أدنى من الاستقرار والنمو. وليس سراً كذلك أن المشهد الإعلامي في العراق لا يزال يفتقر إلى ضوابط قانونية وسياسية، وأن العراق الديمقراطي يتطلع إلى تعميم ثقافة الحوار والتسامح والتواصل، وقبول الآخر، في جو من الثقة المتبادلة والإيمان بمستقبل الوطن وقدراته الهائلة. وفي هذا السياق يمكن اعتبار «المدى» البديل الحاضر وبقوة لوزارة الثقافة الغائبة أو المغيبة منذ سنوات، والتي تراجع دورها كثيراً بعدما فقدت أحد أركانها الأفذاذ الباحث كامل شياع الذي ترك فراغاً حقيقياً في المشهد الثقافي العراقي.في أي حال يمكن اعتبار «المدى» وبجدارة المنتدى العراقي الثقافي الأشمل الذي تتفاعل فيه كل الطاقات، والذي يغني الإبداع العراقي بالكثير من القدرات، ويعمل على تقريب الأضداد والوصل بين مختلف المواقف بروح وطنية عالية، فضلاً عن أنه يعيش نبض الشارع بصدق وتميز مشهودين.- الحقيقة الأولى أن مشكلة العراق الأولى بعد التغيير مشكلة ثقافية قبل أن تكون أمنية وسياسية. التناحر والتناهش والعنف والفساد بكل أشكاله الإدارية والمالية، كلها ناتجة عن غياب الوعي الثقافي الديمقراطي، وغياب النهضة الثقافية الحقيقية، التي تبدأ في البيت وصولاً إلى مواقع القرار، مروراً بالمدرسة والجامعة ومؤسسات المجتمع المدني.- والحقيقة الثانية أن الأداء الثقافي الذي تتولاه وزارة الثقافة، رغم الجهود التي تبذل على المستوى المؤسساتي، لا يزال قاصراً عن الاستجابة لتحديات المرحلة.- والحقيقة الثالثة إن إعادة هيكلة الوزارة، والإفادة من التجارب الثقافية المتقدمة في العالم، ورعاية كل الفرص الإبداعية، مسألة ملحة لا تقبل التأجيل، لأن العراق كان ولا يزال بلد النخب الثقافية، ولأن المرحلة الراهنة تتطلب نهضة شاملة في المؤسسات الثقافية والإعلامية.باختصار، إن التأسيس لوضع ثقافي جديد وثقافة جديدة، يعتبر جزءاً من التغيير المرتجى، في عملية نقل العراق من التطرف والعنف والعصبيات الإثنية والطائفية، إلى قيم الديمقراطية والتسامح والتعددية، ووضع برامج ثقافية وإعلامية تشيع ممارسة ق

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram