TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > النظام الانتخابي وإنتاج الحكومات

النظام الانتخابي وإنتاج الحكومات

نشر في: 7 أغسطس, 2011: 06:49 م

محمد صادق جرادلماذا لم تنجح آليات الديمقراطية في العراق في إنتاج حكومة قوية تمتلك الصلاحيات التي يمنحها اياها الدستور ؟ هل السبب في السياسيين انفسهم ام ان الخلل يكمن في آليات الديمقراطية التي  فشلت في الفصل بين الحكومة والمعارضة لنجدهما دوماً في خندق واحد؟
ويعتقد الكثيرون بأن النظام الانتخابي في العراق وبعض الآليات الديمقراطية المتبعة في التجربة الديمقراطية لم تساهم في إنتاج حكومات قوية، وإن هذه الآليات قد تم وضعها بقصد عرقلة العملية السياسية من خلال تقارب النتائج وعدم وضوح الرؤية في القيادة السياسية المتمثلة في غياب الأغلبية السياسية، إضافة إلى الظلم الذي تعرضت له شرائح مهمة من القوى السياسية في ظل عدم وضوح آليات احتساب الأصوات وانتقالها بين الكتل الصغيرة والكبيرة .ويمكننا تعريف النظام الانتخابي بأنه الطريقة التي نتمكن من خلالها تحويل أصوات الناخبين في الانتخابات العامة إلى مقاعد للفائزين من المرشحين أو الأحزاب ." .. هذا هو المفهوم الأساسي للنظام الانتخابي .أما المتغيرات الأخرى في العملية الانتخابية فتتمثل في المعادلة السياسية المستخدمة ونوع النظام المستخدم  التعددي أو الأغلبية أو النسبية أو المختلطة .ولابد من معادلة حسابية لاحتساب المقاعد المخصصة للفائزين .ويمكننا ملاحظة الاختلاف في النظم الانتخابية من بلد إلى آخر وذلك حسب الاحتياجات وحسب التركيبة الاجتماعية والسياسية، حيث تسعى الدول الديمقراطية لاختيار النظم الانتخابية المناسبة لها والتي تساعدها على إنتاج حكومة قوية وفي مقابلها معارضة إيجابية تراقب أداءها.أما الدول التي تحكمها أنظمة استبدادية فتسعى إلى وضع نظام انتخابي يتلاءم مع متطلباتها بما يخدم مصالحها ويمنحها فرصة البقاء طويلاًً في سدة الحكم . ويقوم المجتمع الدولي بممارسة ضغوطات واضحة على الأنظمة الدكتاتورية والتسلطية في البلدان التي مازالت محكومة من قبل هذه الأنظمة، في محاولة لإحداث إصلاحات سياسية مهمة لتوسيع المشاركة السياسية ورفع القيود المفروضة على القوى المعارضة لهذه الحكومات والمطالبة بتغيير النظم الانتخابية المعتمدة لديها والتي لا تلبي طموح المشاركين ولا تمنحهم حظوظاً متساوية مع الأحزاب الحاكمة أو الأشخاص الذين تربعوا على عروشهم عقوداً طويلة في تجسيد واضح للدكتاتورية .  من أجل هذا قامت بعض الدول بإصلاحات من خلال تغيير هذه النظم وإحراز تقدم في عملية التحول الليبرالي الأمر الذي أدى إلى تحسن المشاركة السياسية بعد أن تم رفع بعض القيود الحكومية ، ما أدى إلى قيام معظم الأنظمة المذكورة بعملية تحديث واسعة وتجديد أساليب الاستبداد والتسلط والتحرك للتخلص من هذه الضغوط الخارجية إضافة إلى الضغوط الداخلية التي يولدها الشارع المطالب بالتغيير وتنشيط الحراك السياسي في تلك البلدان، وكان من أهم أساليب الاستبداد هذه محاربة منظمات حقوق الإنسان والتضييق عليها وكذلك محاصرة منظمات المجتمع المدني التي تحرض وتثقف على ضرورة التغيير والتحول الديمقراطي . ومازال الصراع قائما بين تلك الأنظمة التي تستند إلى القوة والسلطة في صراعها مع الحركات الوطنية المطالبة بالتغيير والتي تستند إلى الإرادة الشعبية ويساعدها في هذا الصراع الضغط الغربي على حكوماتها . أما بالنسبة للنظم الانتخابية المتبعة في التجربة الديمقراطية في العراق وما حدث في انتخابات مجلس النواب العراقي في عام 2005 فإنها تستند إلى التمثيل النسبي حيث تم التصويت للأحزاب وبعدها تم تخصيص عدد المقاعد في المجلس حسب النسب التي وردت في الانتخابات، وبذلك حصل على المقعد كل مرشح من المرشحين الذين قدمت الأحزاب أسماءهم إلى اللجنة الانتخابية قبل الانتخابات وفقاً لتسلسلهم على القائمة الانتخابية، فلا يستطيع الناخب من تغيير هذا التسلسل الذي وضعه الحزب لمرشحيه وهذا ما يسمى بالقائمة المغلقة (التمثيل النسبي). أما بالنسبة لانتخابات 7 /3 /2010 والتي شهدت تغيير القائمة المغلقة بأخرى مفتوحة  والتي تمنح المقاعد حسب تسلسل الأصوات المستلمة من قبل الأشخاص المرشحين .وهي لا تشمل تسلسل الأحزاب المقترحة قبل الانتخابات. وخلاصة القول إن القائمة المغلقة تعتبر قائمة ثابتة لا يمكن للناخب التغيير فيها والقائمة المفتوحة تعتبر قائمة تمكّن الناخبين من تغيير تسلسلها بأصواتهم .ما يحدث اليوم في العراق من تجاذبات سياسية هو نتاج النظم الانتخابية وآلية احتساب الأصوات إضافة الى شكل الحكومة التوافقية التي أصر البعض على تشكيلها لضمان التواجد في السلطة بعيدا عن الآليات الديمقراطية التي كان يجب اتباعها إضافة إلى ضرورة دراسة الحاجة الحقيقية الى نوع النظام الانتخابي المناسب للحالة العراقية بعد فشل النظام البرلماني من إنتاج حكومة قوية تمتلك الصلاحيات التي تمنحها حرية العمل بعيداً عن المعوقات التي تولدها المحاصصة والتوافقية التي صاحبت التجربة العراقية منذ سنوات على مدى التجربة العراقية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram