TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عين:أربعة ضد واحد

عين:أربعة ضد واحد

نشر في: 7 أغسطس, 2011: 09:06 م

 عبد الخالق كيطان من المؤسف له أن يقبل الفنان العراقي بأن يكون نموذجاً للسخرية من أبناء الوطن الواحد، ومن المؤسف له أن يصمّ هذا الفنان أذنيه عن سماع آراء النقاد والمتابعين والمواطنين الذين بحّت أصواتهم وهم ينتقدون تقديم أبن الجنوب في مسلسلاتنا وبرامجنا الدرامية بهذه الطريقة الفجة التي لا أدري حقيقة ما المقصود منها.
بالأمس وبعد الإفطار مباشرة، قمت بجولة على أربع فضائيات عراقية تقدم هذا الموسم عدداً كبيراً من الأعمال الدرامية العراقية في منافسة أقف شخصياً معها، ولي عودة حول هذا الموضوع في عين قادمة، ولكن الملفت في المسلسلات التي عرضتها هذه القنوات، وفي وقت واحد، هو اتفاقها العجيب على توجيه الإهانة لابن الجنوب من خلال أعمال تنتقص من لهجته بشكل واضح، وتظهره بوصفه سطحياً ونموذجاً للسخرية ليس إلا.. هذه المسلسلات هي: "وكر الذيب" في قناة البغدادية، و"العتاك" في قناة الشرقية، و"حربي وكمر" في قناة الرشيد، و"ابن نعناعه" في الفضائية العراقية... الممثلون في هذه المسلسلات ينقسمون إلى قسمين: الأول، وهم الأكثرية، من أبناء الجنوب فعلاً، أو من المتحدرين من المناطق الجنوبية، وهم يجيدون اللهجة الجنوبية بوضوح، ولكن مشكلة هؤلاء إنهم يستغلون معرفتهم باللهجة ليوغلوا بتجريح أبناء المناطق التي ينتمون إليها. والنوع الثاني من الممثلين هم أولئك الذين يريدون محاكاة زملائهم في إتقان اللهجة. الرغبة عند الفريقين نفسها: إظهار ابن الجنوب بوصفه موضوعاً للضحك.وهذا الموضوع موروث من أيام الديكتاتورية، فرسانه في المسرح "التجاري" معروفون، وهم قاموا بنقل خبراتهم في الضحك على ابن الجنوب إلى الشاشات، وهذه المرة يشاهد "تهريجهم" ملايين المشاهدين بعد أن كان عدد المشاهدين محصوراً بجمهور المسرح فقط. أيامذاك، حذرنا وكتبنا مراراً عن هذه الظاهرة، ولكن، للأسف الشديد، فالممثل العراقي تمثل القراءة ألدّ أعدائه!ولأنني أتعامل بحسن نية دائماً، فإنني أستبعد تماماً أن تكون هذه المحطات، وغيرها، تعمل على إظهار ابن الجنوب بوصفه مضحوكاً عليه عن قصد وعمد، خاصة وإن قنوات أخرى تدعي أنها تنتمي إلى ثقافة الجنوب تلعب اللعبة ذاتها، كما أن هذه القنوات تركز ليل نهار في خطابها السياسي على ما تسميه "الوحدة الوطنية"، ولكن بودي أن أتساءل بهدوء وبراءة: لماذا ابن الجنوب فقط؟ لماذا عندما يظهر رجل الدين في مسلسل بيئته جنوبية من الألف إلى الياء يكون مرتدياً زياً لا يرتديه رجل الدين في الجنوب، بل رجل الدين في الرمادي والموصل تحديداً؟ هل هذه مفارقة مقصودة؟ وإذا أردت قراءتها "سيميائياً – ضمن نظرية علم العلامات" فإن النتيجة التي أخرج بها لا تصب أبداً في صالح المسلسل، بل الأصح تقودني إلى القول بأن القصد واضح لجهة تصوير الناس في الجنوب بطريقة معينة، وتصوير رجال الدين في مناطق أخرى بطريقة لا تمت إلى رجل الدين في الجنوب.وكما هو واضح من خلال هذا المثال فقط، كم هو حساس هذا الموضوع، ولكن من الذي ينتبه لحساسيته؟ منتج منفذ همه الأساس أن يضحك على المؤلف والمخرج والممثلين بأن يمنحهم نصف مستحقاتهم في عين الوقت الذي يضحك فيه على القناة التي تريد منه عملاً لم يقرأ منه حرفاً واحداً؟ أم الممثل العراقي الذي يبحث عن الظهور في شاشات التلفزيون بأي صورة كانت، حتى ولو كانت مخجلة وتسيء له قبل غيره؟ من يعبأ بمن؟ المحطة التلفزيونية التي تعتقد أنها محطة وطنية تقدم دراما وطنية في الوقت الذي تمعن فيه بإذلالنا؟ أم الجمهور الذي يضحك على تهريج الممثلين؟ أم الممثلون الذين أثبتوا، وبصدق عال، أنهم مجرد قرقوزات؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram