TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما يا عراق :بين احتلالين

سلاما يا عراق :بين احتلالين

نشر في: 7 أغسطس, 2011: 11:52 م

 هاشم العقابي حضر احدهم مجلس فاتحة ليقدم العزاء لأهل الميت. وبعد ان سلّم، قادته الصدفة الى ان يجلس بقرب رجل كريم العين (أعور). وبعد الانتهاء من الرد على سيل المنادين "الله بالخير" التفت المعزي الى صاحب العين الكريمة وصار يمطره بالأسئلة حول سر ما حل بعينه. مرة يسأله ان كان قد ولد أعورا، او متى تعرض للحادث. ثم تلاه بسؤال حول
 اي من الاطباء راجعهم. وهل اجرى لعينه عملية جراحية أم لا. وظل يلح ويلح  الى ان سأله ان كان قد فكر بالسفر خارج العراق للعلاج. ظل كريم العين في البدء يجيب وامره لله، الى ان طكت روحه عند السؤال الأخير فصاح بالسائل: "ولك ملعون الوالدين شو جلبت بعيني وعفت الميت مشعول الصفحة ما تنشد عليه". ثم نفض عباءته وترك الفاتحة ومن فيها.هذه الحكاية مرت ببالي وانا استمع واشاهد تصريحات لسياسيين، وتظاهرات لمواطنين وتصريحات لمرجعيات شيعية وسنية، وفضائيات برمتها خصصت كل جهدها للمناداة بخروج المحتل الأمريكي، وكأنه الوحيد الذي يحتل العراق. ان العمل على  خروج المحتل عمل وطني مشروع يتعلق بسيادة الوطن التي ينشدها كل عراقي حريص على استقلال بلده. لكن السيادة لا تتحقق فقط بخروج الامريكان او طردهم. بل بطرد كل محتل مهما كان دينه او شكله او مذهبه او وسيلة احتلاله. فلو كانت هناك مجرد فضائية مجهولة الهوية والحسب والتمويل والاهداف، ولا اقول جيوشا ومليشيات وعساكر، تفرض وجودها ومكاتبها التجسسية بالعراق، والحكومة عاجزة عن اغلاقها وترحيلها الى من حيث اتت، تكون السيادة منقوصة او مفقودة بالأساس.لقد كثر الحديث عن احتلال ايراني للعراق تحت اغطية واشكال شتى. وهناك ممارسات علنية تؤكد انها لا تحترم سيادة العراق بل وتنتهكها أيضا. فها هو القصف المدفعي الايراني لقرى في اقليم كردستان يتسبب بنزوح عشرات الاسر التي باتت بلا مأوى. وايران من جانبها  لا تأبه بالاصوات التي تتعالى في العراق منتقدة انتهاكها لسيادته. كل هذا ولم نشهد لا تظاهرات مليونية ولا فتاوى ولا موقف صلب من الحكومة يقتضي جر السفير الايراني من "ياخته"  ورميه خارج الحدود.اللوم لا يقع على الحكومة، فقط، بل وعلى الكتل التي يفترض انها في موقع الرقيب او المعارض لما يمس سيادة العراق. وهنا اقصد القائمة العراقية بالتحديد. لكن ما يثير اكثر من تساؤل هو كشف احد اعضائها (زهير الاعرجي) عن ان "قادة القائمة العراقية ذهبوا الى ايران وقبلوا الايادي الايرانية للحصول على مناصب سيادية"!فان صح ما قاله الاعرجي، فعلى اي سيادة يتباكون؟ وان كانت العراقية التي لا تخفي معارضتها للتدخل الايراني بالشأن العراقي، تقبل اليد الايرانية من اجل منصب، حسب الاعرجي، فما الذي  فعله اذن أعضاء القوائم الصديقة لإيران أو التي تمشي تحت مظلتها؟ان الاحتلال الامريكي رغم كل ما ارتكبه من اخطاء وجرائم  يظل اهون الشرين. فعل الاقل انه مكشوف يفصح عن نفسه وبه قرارا من الامم المتحدة. ثم انه محدد بتواريخ ومعاهدات ان لم تنه وجوده اليوم فستنهيه غدا. اضف لذلك ان الشعب الامريكي  يطالبها بالرحيل. فان لم  ترحل من أجل سواد اعيننا فسترحل تحت ضغط شعبها الكاره لبقائها في بلدنا.اظن انها  أول مرة يعترف بها عضو بالبرلمان عن توسل وتذلل قادة قائمته لايران من اجل منصب "سيادي". معلومة مخيفة ومهينة حقا، تستدعي استجواب من صرح بها تحت قبة مجلس النواب لاثبات تصريحاته بالادلة. لا ادري الى متى يظل هذا الشعب مكذوبا عليه؟السيادة هي السيادة، يا سادة. لا تقبل التجزئة ولا المحاباة ولا المجاملة. ومن يريدها للعراق بصدق، عليه ان يناضل ضد من ينتهكها مهما كانت جنسيته أو مذهبه. وان لم يفعل فهو كاذب في دعواه ونواياه. ان الخطر الاكبر يكمن في الاحتلال المبطن "المشعول" الصفحة  وليس فقط في الاحتلال الامريكي "الاعور" والمكشوف.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram