اسم الكتاب: أصل الجنس البشري المؤلف: كريس سترنجر سكان أوربا القدامى  (كرو ماغنونز) هم الذين أبدعوا رسوم الكهوف في (لاسكو) و (التاميرا) – انهم صائدو  الطرائد المذهلون في العصر الجليدي. قال بيكاسو بعد ان رأى رسوم لاسكو " نحن لم نتعلم شيئا عن الرسم ". كانوا بشرا عصريين دخلوا اوربا قبل حوالي 40000 عام
و هناك، و رغم بيئة العصر الجليدي القاسية، ابتكروا اول ثقافة فنية محنكة. إلا أن ذلك لم يكن نهاية النشوء و التطور البشري. تبين  لنا الأعراق الحديثة   بان التطور البايولوجي قد تسارع منذ تلك النقطة فصاعدا، خاصة منذ بداية الزراعة قبل 10000 عام. أدلة المراجع  المتوفرة اليوم من المتحجرات و علم الآثار و الاعراق، جعلت دراسة التطور البشري بحد ذاتها تتطور بسرعة، و ان سترنجر موجود في خضم هذه الضجة. انه اول خبير بريطاني في التطور البشري، و بصفته متخصصا  في علم الإنسان القديم في متحف التاريخ الطبيعي، فقد شارك  في اغلب البحوث الحاسمة في هذا الموضوع. و هذا يؤكد حقيقة انه عند تأليفه  هذا الكتاب لم يستطع ان ينفصل  عن المجال الأكاديمي الذي يتنازع فيه شخص واحد مع اكتشافات شخص  آخر. سترنجر يهتم في الغالب بالفترة منذ ظهور الأجناس البشرية في إفريقيا، قبل حوالي 195000 سنة، و حتى وصولها إلى أوربا و موت انسان نياندرتال (الذي غادر إفريقيا قبل مئات آلاف السنين). السجل الآثاري يبين بان الجنس البشري في افريقيا كان على حافة فاتحة عصر  حضاري  جديد الا ان ذلك لم يتحقق الا بعد وصولهم الى اوربا. يقول سترنجر في كتابه " كما لو ان بصيص الحداثة كان متقطعا ". كان ظهور الزراعة، اولا في العراق و تركيا، هو الحدث الوحيد العظيم في تطور الجنس البشري منذ ظهوره على هذا الكوكب. و من الزراعة بدأت أمور مثل   النمو السكاني و الحرف و الفن و الدين و التكنولوجيا،  تتدفق بسرعة. الممارسات الحضارية  الجديدة قادت الى تغيرات جينية أساسية، اهمها  قدرة سكان شمال اوربا على هضم حليب البقر. جاء ذلك بعد ان تعلموا تربية المواشي، و بعد ان انقلبت الفكرة القائلة بان التحول الجيني سبق الابداع و الابتكار،  اذ يبدو ان الحضارة هي التي كانت تقود و الجينات هي التي تتبع. رغم تزايد ادلة المتحجرات و علم الآثار، فان القوة الدافعة في فهم التطور البشري اليوم، كما يؤكد سترنجر، هي الأعراق. من الممكن اليوم مقارنة عرق نياندرتال مع البشر الحديث و مع الشمبانزي، و سيستمر ذلك لسنوات عدة وسنحصل على نتائج كبيرة. كان سترنجر مناصرا قويا لنظرية (خارج إفريقيا) السائدة و التي تقول بان البشر ظهروا من القارة و حلوا محل الأنواع البشرية التي سبقتهم مثل إنسان نياندرتال، الا ان الصورة لا تزال تفقد بعضا من بساطتها التقليدية. في العام الماضي قرر مشروع عرق نياندرتال، الذي يقوده عالم الأحياء  السويدي سفانت بابو، بان البشر العصريين في اوربا و آسيا  يمتلكون بعضا من مزيج جينات نياندرتال، و بهذا انهى المشروع عقودا من الظنون و الحدس. و في كانون اول من العام المنصرم كشف نفس الفريق مفاجأة: تحليل عرقي لبقايا بشرية من كهف في دينيسوفا، جنوب سيبريا، اثبتت انها متميزة عرقيا عن كل انواع البشر المعروفة. و كان  الفريق يميل الى تسمية هذا الاكتشاف بالجنس اللينيالي، لكنه اطلق عليه اسم (الدينيسوفان)نسبة الى المكان الذي اكتشف فيه. كان جنس الدينيسوفان في سيبريا قبل 30 – 50000 سنة، و هو يسبق الإنسان الحديث و إنسان نياندرتال. الشيء المفاجئ هو ان الدينيسوفان قد ساهموا ايضا في السلالة البشرية الحديثة في ميلانسيا (و هي  جزر شمال استراليا). اليوم نشهد نمطا يظهر من تداخل الأعراق  بين البشر الحديث و الانواع القديمة: النياندرتال في اوربا واسيا، و الدينيسوفان في ماليبسيا. و من المؤكد ستظهر اكتشافات اخرى، اهمها اكتشافات شرق اسيا. إن كتاب سترنجر لا يتوافق تماما مع عنوانه، فالقصة ما زالت في تغير مستمر. لكن إذا اردنا ان نتابع التصريحات التي ستظهر في وسائل الإعلام من الان فصاعدا في ما يتعلق بالاكتشافات الحجرية الجديدة، و المعلومات الجينية  المفصلة عن التغيرات التي تميزنا عن انسان نياندرتال و عن الكائنات الشبيهة بالانسان و عن القرود، فسوف نحتاج الى كتاب أولي لعلم الأحياء لكي نفهم القصة، و  هذا هو الكتاب الذي نحتاج له لذلك.