اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > لماذا نحتاج إليها فـي حياتنا؟..نحو فهم صحيح للعلمانية

لماذا نحتاج إليها فـي حياتنا؟..نحو فهم صحيح للعلمانية

نشر في: 8 أغسطس, 2011: 08:20 م

طارق الجبوريبعد غياب يكاد يكون شبه كامل للصوت العلماني في  عدد غير قليل من المجتمعات العربية ومنها  العراق ( في الحقيقة ليس هنالك من نمط لتطبيق علماني واضح في اي من مجتمعاتنا)، وفقدان تأثيره في المشهد السياسي، يبدو ان هنالك اصواتاً باتت تتصاعد مرة أخرى لإعادة الاعتبار لهذا التيار الذي يشكل  انحساره عن ساحة العمل السياسي بل غيابه خسارة كبيرة  بكل ما تعنيه الكلمة ، وقد أثبتت الأحداث اللاحقة لما بعد  2003 في العراق ضرورة النهج الذي سبق ان دعت إليه المدى في أكثـر من موضوع المتمثل بأهمية خلق وإيجاد حالة توازن في ساحة العمل السياسي بين النهجين العلماني والديني، ودعت الكتاب الى اغنائه بطروحاتهم .
ونعتقد ان المشكلة الرئيسية التي تعانيها مجتمعاتنا الاسلامية بشكل عام، عدا تركيا ، هو هذا التمسك بالمفهوم الضيق عن العلمانية وحصرها في مجال الفصل بين الدين والدولة .. مفهوم مبسط ومجتزأ ظل سائداً في اذهان الكثير، بمن فيهم نخب مثقفة روجت كثيراً للعلمانية في هذا الإطار الضيق فخنقتها، وتجاهلت النظرة الى هذا المفهوم كمنهج حياتي يشمل كل مناحي الحياة بما فيها الدين الذي يحتاج ايضاً الى علمنته أيضاً، كما أشار إلى ذلك الكاتب جورج طرابيشي في أكثر من مقال .  ويتفق الكثير على أن مفهوم العلمانية من أكثر المصطلحات التي تعرضت للتشويه بمختلف الصور والاشكال، ولم تسلم من الاشكاليات حتى في التجربة الأوروبية، لأسباب من أبرزها انعكاس الصراع التاريخي العميق بين الكنيسة التي كان بيدها كل شيء وبين الملوك والحكومات من جهة  اخرى .. صراع ظل يدور في الخفاء والعلن بشأن مدى أحقية الكنيسة في التحكم بمفاصل الحياة، خاصة بعدما شهدته المجتمعات الاوروبية من متغيرات كثيرة وازدياد الوعي وبلورة مفاهيم تسعى لتأكيد الحريات  وإنضاج تطبيقات ديمقراطية منحت فرصاً للافكار الجديدة ان ترى النور وتشق طريقها في المجتمع. لم يكن من السهل في البدء إقناع الكنيسة بالتخلي عن امتيازاتها ، لذا فقد صاحب حركة التحول نحو العلمانية اضطرابات غير قليلة  وهزات في علاقة الكنيسة مع الدولة خاصة في التجربة الفرنسية وموقف نابليون الاول العنيف تجاه سلطة البابا  عند احتلاله ايطاليا عام 1801م  دون ان نتجاوز الإجراءات التي اتخذتها  الجمهورية الفرنسية الاولى تجاه الكنيسة من مصادرة املاك وتعيين الاساقفة والرهبان، كما أشارت إلى ذلك الموسوعة الحرة ، لذا ليس من المبالغة القول ان السبب الأساس الذي جعل الكثيرين يحصرون مفهوم العلمانية بفصل لدين عن الدولة  واتهامها بالإلحاد يعود إلى الصراع التاريخي بين الكنيسة من جهة و الملوك و الحكومات من جهة أخرى. وزاد من ضبابية الفهم الحقيقي للعلمانية ارتباطها بمفكرين بدأت أفكارهم اللادينية تنتشر منذ بداية القرن التاسع عشر كهيغل وكانط وكارل ماركس ثم داتروين وجان جاك روسو ونيتشة.. وإذا كانت أوروبا قد تمكنت من التخلص تدريجياً من نظرة التقاطع الضيقة بين العلمانية كمنهج  ينظم المجتمع وبين الدين كطقوس تتعلق بخصوصية الفرد و حقه بممارسة عباداته بحرية على وفق ما يؤمن به من معتقد، فإن مجتمعاتنا ظلت أسيرة النظرة العدائية بين التيارين العلماني والديني، لأسباب عديدة كان من ابرزها استلاب ارادة الفرد  وتغليب ثقافة و مبادئ الاستبداد في حياتنا كبديل لثقافة الحريات  و ضعف  مستوى الوعي والإدراك  بخطورة هيمنة أفكار التخلف  وتحكمها بمجريات  حياتنا وأدق تفاصيلها ومحاربة اية نزعة تدعو لمواكبة التغيرات التي يشهدها العالم  ، ما أدى بالنتيجة الى عدم توفر مقومات  وجود مناخ مناسب  يشجع  الافكار الجديدة. إن الذي ما زلنا بعيدين عن فهمه بشكل صحيح هي تلك الاشكالية التي اشار اليها الكاتب منير شفيق في موضوعه الموسوم ( العلمانية والديمقراطية بين الفلسفة والوسائل ) عندما قال (إذا كان الإشكال الذي ولّد العلمانية في التجربة الاوروبية تمثل في رفض تدخل  الكنيسة في الدولة ، فان الإشكال الذي اخذ يتفاقم في اغلب البلاد العربية والاسلامية يتمثل في تدخل الدولة في الدين ووضع يدها على المساجد والأوقاف والفتيا..)، وهذا ما يدعو التيارات الدينية بمختلف تنوعاتها الى الوقوف ضد العلمانية وتعدها خطراً محدقاً بها، وتتحين الفرص للنيل منها بحجة تقاطعها مع قيم الاسلام ومبادئه. أن ما ينبغي تسليط الضوء عليه هو إزالة حالة اللبس والغموض في فهم العلمانية وبانها لاتتقاطع وقيم الدين وهذا ما جسدته تطبيقاتها في الولايات المتحدة  الأميركية بشكل خاص  وأوربا  عموماً، باستثناء تجارب المعسكر الاشتراكي ، فهذه الدول في الوقت الذي تمارس فيه مهامها  كدولة مدنية تكون السيادة فيها لقيم المواطنة وتحترم بل تحمي حرياتهم في ممارسة طقوسهم  الدينية بحرية ، ولكن دون استغلالها لإثارة نعرات الضغينة والتفرقة بين افراد المجتمع . إن العديد من الكتاب واستناداً الى التجارب التي مررنا بها  كمجتمع عربي اكدوا في اكثر من  بحث وموضوع ضرورة فهم صحيح للعلمانية وتصويرها متقاطعة ومنافية للدين  وتقيد حرية الفرد في ممارسة عباداته ، كما يحاول ان يروج له البعض خاصة الحركات الدينية ، التي تجد في العلمنة تهديداً لمصالحها الضيقة. لقد عانينا كثيراً في واقعنا العربي من انظمة حملت راية العلمانية كثيراً، واستغلتها من

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram