اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > كاظم الحجاج.. قراءة فـي حفريات الصداقة

كاظم الحجاج.. قراءة فـي حفريات الصداقة

نشر في: 13 أغسطس, 2011: 05:55 م

فيصل لعيبي كنا نعبر اللهب  البصري الحارق. متكئين على ظلال الصرائف. متجاوزين قمامة البيوت ورائحة القطط المتعفنة،المرمية بين النفايات. نغلق انوفنا بالأصابع عن الروائح.
 ونحمي عيوننا من زجاج الشمس الثاقب.  نحمل الكراريس المملوءة بعصافير الطفولة والمراهقة. الكراريس المرسومة بأكف فتية، بعقول وعواطف واسعة الأفق.كنا نغني أيضاً، صلاح جياد و : " بتلوموني ليه " علاء الدين عبد السبحان و : " لو كنت يوم أنساك " كانت السينما خلفنا، وعبد الحليم في أيامه ولياليه .* الناس تنام على الألحان وتحتضن الوسائد الندية تحت الكِلل الشفيفة.والنجوم الناعسة تتدحرج آخر الهزيع.وعند الفجر، يأتينا صوت المؤذن وصياح الديك.وتدب الحركة في أسطح الجيران.فيذهب كل الى شأنه، أبو عباس يكمل مضاجعة زوجته الشابة في سريرهما المتاهلك.زاير شعيبث يصلي متمتماً بالفاتحة وقل هو الله أحد.وزهرة تنادي ابنها حميد، لينهض ويشتري لهم الخبز والحليب.****وفي تخوم الجمهورية الحزينة جداً.يقع بيت كاظم الحجاج في مواجهة مكاتب شركة نفط البصرةومقبرة الفقراء المنسية،  بينهما برزخ من أنين. ثم بيت ابن عمه الضاحك أبداً نجم عبد الله .وبعده بمسافة يأتي  بيت الودود جاسم العايف.أما الطرف الآخر من تخوم المحلّة. هناك بيت الدكتور عبد الأمير حسن المحاويلي.  طبيب الأسنان بدشداشته الشهيرة.  بيت الإخوة الرائعين : مروان ، معن ، رعد ، غسان ولواء.  بيت الحداثة والفنون والجذل.وقريب منه يسكن جبارعاشق المعيديات العريق. وصاحب أكبر عزاء حسيني في محلّة الجمهورية.جمهورية فلاح الطائي الشاعر الذي اغتالته الفاشية قبل سنين.كان للجمهورية شهداء أيضاً!!!**** جلس الجميع عند الجسر الأول، في انتظار القطار الذاهب الى الحكيمية .قال كاظم الحجاج : لقد أكملت لكم قصة الكابتن كوك .وقدم صلاح رسوماته عن هرقل الجبار.وفي هذه الجلسات، قد يشاركنا عبد الحسن فيصل، الذي نبهنا للتنقيطية في الرسم.يمر القطار ويهتز الجسر وأجسامنا التي تجلس قرب السكة.ثم يبدأ القفز من فوق الجسر الى مياه النهر الأول. لتبدأ معه رحلة  زرق حقن البلهارزيا المؤلمة.التي نخرج منها نعرج الى بيوتنا الأليفة.*****جاءت ثورة الرابع عشر من تموزفكبرنا سريعاً زاد الهم والواجبات، وا نشغلت القلوب بالصبايا.ننتظر الفتيات على الطريق، نعدّل من وقفاتنا.نلبس أحلى الملابس مع دهن الياردلي، الذي يجعل الرأس ثقيلاً فيسيح من شدة الحر على ملابسنا المكوية.قد ينجح أحدنا في إيصال رسالته.وفي المساء نتلقف بطاقات الخروج المزيفة** من صلاح جياد، فندخل السينما مجاناً آمنين.كان كاظم يقرأ ونحن نتلصص على فتيات الدرجة الأولى.صلاح كان أجملنا وأكثرنا حظاً  وحظوة.له أكثر من صديقة، بينما نتقاتل جميعاً على واحدة،لانعرف من تحب منّا!! ****تبدلت الأقدار والمصائر بعد كارثة 8 شباط الدموية عام 1963ذهبنا صلاح وأنا الى بغداد لدراسة الرسم. وبقي كاظم وصحبه في قوس النار البصري.تباعدت السبل ولكن القلوب بقيت سواقي تجري .رحلت الى باريس فجاءني كاظم إليها في 1976. وكتب قصيدة عن معاناة رسام عراقي في كسب القوت والدراسة. عاد مهموماً بي وقلقاً علي.لكن حضوره أكد قوة صداقتنا .رغم طول انقطاع.****وبعد أكثرمن ثلاثة عقود.التقيته في مهرجان المدى الخامس في أربيل عام2007. كان محاطاً بملِكَين من ملائكة البصرة المقربين.محمود عبد الوهاب ومحمد خصير.محاطون بنور المعرفة وحب الناس وحكمة النخيل.كدت أطير من سكرة المفاجأة. فأمسكوني من ريشي المضطرب.وعندما طلب مني كاظم رسم ملامحه، فشلت. تمنيت لو ان صلاح كان مكاني.هل كانت عواطفي هي التي عرقلت خطوطي ؟أم غصة المسافة وتحولات الزمن؟لقد تعلمت منه قبلاً تشييد المكتبات. وهو اليوم يعلمنا تثبيت المواقف.ويعيد المبدع الى دوره المشع.سلاماً  أيها المواجه سموم الرياح العاتية.سلاماً يمدك بالرفعة والقوة والعافية. سلاماً ما بقت نخلة أو زهرة او ساقية.سلاماً لك من عيون الحروف.ومن تفعيلة الشعر ودوران القصائد.سلاماً لك من الوزن والإيقاع.ومن الصدر والعجز والقافيةــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ* - إستعارة من فلم عبد الحليم حافظ : أيام وليالي** - كان الفنان الكبير صلاح يزوّر بطاقات خروج السينما، ويمدنا بها بعد كل فلم جديد ، يعرض في سينما محلّة الجمهورية وكنّا نمر بسلام ، دون أن ينتبه إليها بواب السينما الذي يطالب الداخلين ببطاقة الدخول التي يزودها هو شخصياً للخارجين بعد الإستراحة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram